"شيطنة" الحزبيين تحرُمهم التوزير
الصايغ يرفض التشكيك في الحزبيين الشرفاء ووضع كل الوزراء في سلة واحدة.
الاحداث- كتب رضوان عقيل في صحيفة النهار يقول:"درجت الحكومات الأخيرة على استبعاد الوجوه الحزبية من التوزير، الأمر الذي يشكل استفزازا لهم، لكن قيادتهم تسكت عن هذا الأمر اليوم من باب تسهيل التأليف، وهو ما تفعله مع رئيس الحكومة المكلّف نواف سلام.
قبل الطائف، كانت الأحزاب توزّر طليعة الكودار من الوجوه المجربة في صفوفها، ولم تكن الزعامات تختار إلا الجديرين منهم. وعلى سبيل المثال، توزير الكتائبيين إدمون رزق ولويس أبو شرف وجورج سعادة، والأمر نفسه كانت تطبقه أحزاب الأحرار والتقدمي الاشتراكي والكتلة الوطنية. وكان يؤتى بأسماء من أصحاب الأوزان في مناطقهم.
بعد الطائف، تغير المشهد وحلّ حزبيون في الحكومات من أصحاب الأيدي النظيفة، لكن ثمة مجموعة لا بأس بها جمعت ثروات واشترت عقارات في لبنان والخارج، حيث قدمت نموذجا سيئا. وفي المقابل، توزّر حزبيون ولم يعمدوا إلى ملء جيوبهم بالمال الحرام أو سرقة أموال الدولة.
يستغل تغييريون هذا الواقع بعد "ثورة 17 تشرين" ويعمدون إلى تشويه صورة الحزبيين وتحميلهم مسؤولية كل الانهيارات المالية وخراب البلد، علما أن شخصيات من التكنوقراط حلّت في أكثر من حكومة ولم تكن على مستوى الطموحات. وبعد انتهاء مهمات هؤلاء في حكوماتهم ونشوب الأزمات "يشمعون الخيط" ويغادرون البلد، وتُلقى كل التبعات على الأحزاب.
لا يخفي حزبيون أن رفع شعار "كلن يعني كلن" أثّر سلبا على خيارات الأحزاب عند تأليف الحكومات الأخيرة، ولم يعد "حزب الله" قادرا على توزير حزبيين تلافيا لأي عقوبات من الخارج، فاستعاض عنهم بمقربين منه وبقيت ولاءاتهم لمن عيّنهم. ولم تخل أي وزارة من فئة التكنوقراط من وجود حزبيين في مكاتبها، يتحكمون في كل قراراتها.
ويعترف النائب الكتائبي سليم الصايغ بأن نزعة رفض الأحزاب ازدادت في السنوات الأخيرة، ووافق الجميع على ذلك عند تأليف الحكومات لتمرير المرحلة والمساهمة في التسهيل. ويقول إن الوزراء التكنوقراط لا يحيدون عند المحك وفي المفاصل الكبرى عن قرار الجهات التي سمّتهم، بدليل ما يفعله الوزراء الحاليون في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي.
ويرفض الصايغ عبر "النهار" التشكيك في الحزبيين الشرفاء ووضع الجميع في سلة واحدة. ويقول إن "الوزير الحزبي يتعرض للمساءلة من الحزب الذي اختاره أولا، ومن الجمهور أيضا، بناء على ما ينفذه في وزارته، بمعنى أن هناك مسؤولية مضاعفة على الوزير الحزبي أكثر من شخصية التكنوقراط".
وتظهر الوقائع في البلدان المستقرة والديموقراطية أن الأحزاب تشكل عماد الحياة السياسية.
ويذكر الصايغ بما حصل أخيرا في لبنان، وكيف أن الكتل الحزبية كانت الأساس في انتخاب الرئيس جوزف عون وتسمية الرئيس سلام، ولم تتم هاتان العمليتان نتيجة حصول تقاطع دولي فحسب، "إذ إن الأحزاب تساهم في صناعة الحدث السياسي في البلد". ويشعر باستفزاز كبير عند حصر من يتولى الحقائب الوزارية بغير الحزبيين، معتبرا أن "هذه مقولة خاطئة".
ويدعو إلى مراجعة تجربته الوزارية وتمثيله الكتائب وكيف أدارها بكل شفافية ومسؤولية وطنية، مشيرا إلى أن حزبيين كثيرين فعلوا الأمر نفسه.
كذلك لا يقبل أكثر من حزبي على جانبي اليسار واليمين اتهامهم بالفساد وسرقة أموال الدولة. ويعترفون بأنهم يتعرضون لحملات قاسية من التغييريين الذين يرفعون شعارات إصلاحية "وقد تحوّلوا أحزابا بعد دخولهم البرلمان". ويدعون إلى تمييز الحزبيين من التغييريين "الذين شكلوا أحزابا ويطمحون إلى رفع عدد نوابهم في الدورة المقبلة، وثمة أحزاب عدة قدمت أفكارا ومشاريع إصلاحية لم يؤخذ بها".
وفي انتظار ما سترسو عليه توليفة سلام الحكومية، تثبت الأحزاب أنها تشكل العصب الأساسي في ولادتها، ومن دونها لا يمكن أن تتألف، إذ تتمحور حولها كل المفاوضات مع كل القوى الحزبية، وهي لا تعارض تخفيف "العبء الحزبي" في الحكومة، لكن هذا الأمر لا يلغي حق الحزبي في أي حكومة مستقبلا. ويدعو الحزبيون إلى تقييم كل التجارب "لأن الفاسد قد يكون حزبيا وقد يكون مستقلا، ويرجع الأمر إلى طبيعة الشخص".
ومع تصاعد الأصوات المعارضة للأحزاب من جبهات وتجمعات تنشط اليوم لحجز مقاعد في الحكومة، يفوت هؤلاء أنهم لا يصبحون وزراء ما لم يحصلوا على ثقة الحزبيين في البرلمان.