الحكومة رهينة المعايير... تُحرج سلام ولا تُخرجه
باسيل يطالب بحصة تفوق حصة القوات رغم خروج 4 نواب من تكتله
الاحداث- كتبت سابين عويس في صحيفة النهار تقول:"لم تدم الاجواء المتفائلة بولادة قريبة للحكومة طويلاً، اذ ما لبثت ساعات الصباح الاولى من يوم امس ان بددت تلك الاجواء لتعيد عقارب الساعة إلى المربع الاول، مطيحة كل التوقعات الإيجابية حيال امكان تجاوز عقد التأليف والمحاصصة والتمثيل الحزبي والطائفي.
لم تعد العقدة شيعية او تتصل بحقيبة المال فقط، بل تعدتها إلى مطالبات الأحزاب بمختلف تلاوينها بالتمثيل الطائفي والمناطقي والمعاملة بالمثل على قاعدة تسمية الوزراء والحقائب كما كانت الحال مع الثنائي الذي اختار حقائبه ووزراءه، ما يعيد إلى الأذهان عمليات التأليف المعقدة السابقة، في إغفال تام للتحولات في المنطقة وما افضت اليه من تغيير في موازين القوى.
مجموعة من العوامل والمؤشرات عززت الانطباع بأن الحكومة لم تخرج من عنق الازمة، خلافاً لمساري انتخاب الرئيس والتكليف ، رغم ان الحراك الخارجي الذي أفضى إلى انجاز ذينك الاستحقاقين، لا يزال عاملاً مؤثراً وضاغطاً في اتجاه تشكيل حكومة من خارج المنظومة السياسية.
وبدا واضحاً ان عودة الاضطراب على جبهة الجنوب، وما رافقها من تحركات لحزب الله في شوارع بيروت، لم يكن موجهاً إلى إسرائيل، بل إلى الداخل، اقتناعاً بأن هذه الممارسة سيكون لها المفاعيل عينها للقمصان السود في احداث السابع من ايار الشهيرة. ما يشي بأن الحزب لا يزال فارقاً في أمجاده السابقة، ولم يعِ ردود الفعل السلبية التي ادت اليها تلك الممارسات.
فالصوت السني الذي خبت في ذلك اليوم الأسود من ايار، ارتفع امس في شكل لافت معبراً عن امتعاض شديد في اوساط الطائفة لما يعتبره الممتعضون تساهلاً من قبل رئيس الحكومة المكلف حيال شروط الثنائي. وقد بلغ الأمر بعضو تكتل الاعتدال الوطني النائب وليد البعريني القول انه "السيل بلغ الزبى وطفح الكيل. سكتنا لايام واعطينا فرصة للرئيس المكلف لكي يكمل استشاراته، لكن ان يمنح الذين هزوا العصا واستعملوا الترهيب أكثر مما يحق لهم ويتم تجاهلنا كممثلين عن عكار وطرابلس والمنية والضنية والشمال فهذا تجاوز لكل الخطوط الحمر"، داعياً الرئيس عون الى "تصحيح المسار"، مهدداً ب" انتفاضة في وجه تهميشنا، رافضاً منطق الاقصاء والالغاء ورفع السقف عاليا، على قاعدة أعذر من أنذر".
الصوت السني قابله الصوت المسيحي على ضفتي "القوات اللبنانية" و"التيار الوطني الحر" رفضاً لتسليم وزارة المال للثنائي، ومطالبة برفع عدد الحقائب لكل منهما. وللمفارقة النائب جبران باسيل يطالب بحصة تفوق حصة القوات رغم خروج ٤ نواب من تكتله، وذلك تحت مبرر ان التمثيل الشعبي هو الاهم وليس النيابي والذين خرجوا لا يمثلون وقاعدتهم هي قاعدة التيار!
اخرجت الاجواء المتشنجة رئيس الحكومة المكلف نواف سلام عن صمته فعلق،مؤكداً استمراره التمسك بالمعايير والمبادئ التي أعلنها ، نافياً ما يتردد، مشيراً إلى ان فيه "الكثير من الشائعات والتكهنات يهدف بعضها الى اثارة البلبلة. فلا أسماء ولا حقائب نهائية. اما بالنسبة الى موعد اعلان التشكيلة، فكشف انه "يعمل بشكل متواصل لإنجازها". ما فسر عدم زيارته قصر بعبدا امس.
وعليه، فإن الطبخة الحكومية لم تنضج بعد، ويبدو واضحاً من كلام سلام عن استمراره بمساعيه للتقريب او التوفيق بين المطالب والمواقف المتضاربة، انه لا يزال يعطي فرصة اخيرة لحكومة متجانسة، والا فالمعلومات تؤكد انه لن يخضع للابتزاز، وان يغامر بالزخم العربي والدولي المتجدد تجاه لبنان، كما انه والى جانبه رئيس الجمهورية لن يخاطرا بضرب العهد في اول انطلاقته حتى لو كلف ذلك الذهاب إلى فرض حكومة تضع الجميع امام مسؤولياتهم لمنحها الثقة كي لا تصبح امراً واقع وتتحول إلى تصريف الاعمال!