من الصحف

موقف عصيب واكب التمديد وموفدة أميركية تأليف الحكومة يتحرك في الساعات المقبلة؟

الاحداث- كتبت صحيفة النهار تقول:"عاش لبنان الرسمي وتحديداً العهد الجديد ساعات عصيبة قبل أن يُعلن موافقته على الموعد الجديد لتمديد اتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل حتى 18 شباط (فبراير) المقبل بحكم معطيات ميدانية تمكنت إسرائيل من فرضها من جهة وتداعيات خطيرة لعودة أهالي بلدات وقرى الجنوب بشكل عشوائي و”توظيفي” من جانب “حزب الله” من جهة أخرى. وإذ كشف توقيت البيان الذي أصدره رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بعيد منتصف ليل الأحد معلناً موافقة لبنان على الموعد الممدد الجديد، حراجة ودقة الأمر الواقع الذي وجد لبنان الرسمي نفسه فيه، لفتت الإشارة إلى مراجعة تقرير لجنة الرقابة على تنفيذ الاتفاق بما أوحى أن ثمة إجراءات إضافية لاستكمال نشر الجيش اللبناني وفكفكة البنية التحتية المسلحة لـ”حزب الله” في جنوب الليطاني لم تنجز بعد وأن المهلة الجديدة يفترض أن تكون حاسمة لإنجازها وإلزام إسرائيل بالانسحاب الكامل بعد إسقاط كل الذرائع. وقد علم أن كلاً من رئيس الجمهورية العماد جوزف عون والرئيس ميقاتي كثفا الاتصالات مع الجانب الأميركي بما يُعد أول مقاربة عملية للبنان الرسمي مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد أقل من أسبوع على تسلمه مهماته. ولعل العامل الجديد الذي برز في الاطار العلني الذي أعلن عبره ميقاتي موافقة لبنان على الموعد الجديد تمثل في بدء المفاوضات عبر الجانب الأميركي لاستعادة أسرى لبنانيين لدى إسرائيل. وفي هذا السياق أشارت معلومات إلى أنه تم الاتفاق بين الجانبين اللبناني والأميركي على زيارة مرتقبة للوسيطة الأميركية مورغان أورتاغوس التي عينت خلفاً للموفد الأميركي السابق آموس هوكشتاين، لمتابعة ملف الاتفاق بين لبنان وإسرائيل بما في ذلك ملف الأسرى اللبنانيين، ومن المتوقع أن تزور الموفدة الأميركية لبنان قريباً.

وفي هذا السياق اعتبر مبعوث الرئيس ترامب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، أن “انتخاب رئيس في لبنان أمر رائع”، مؤكداً “أننا سنعمل مع الرئيس والحكومة الجديدة”. وأضاف: “تغلّبنا على عثرات بشأن تمديد الاتفاق بين لبنان وإسرائيل بالحوار الجيّد وهذا مؤشر إيجابي”.

كما أن المتحدث باسم الحكومة الفرنسية أكد أن بلاده “تواصل مع جميع شركائها العمل على تنفيذ وقف إطلاق النار في لبنان وتدعو فرنسا إلى الوفاء بالالتزامات التي تم التعهد بها من قبل الأطراف في أقرب وقت، بهدف استعادة لبنان سيادته على كامل أراضيه”. وأعربت فرنسا عن “قلقها البالغ إزاء الأحداث التي وقعت يوم الأحد 26 كانون الثاني، والتي أسفرت عن مقتل 22 لبنانياً نتيجة العمليات الإسرائيلية على الأراضي اللبنانية. وطالبت القوات الإسرائيلية بالانسحاب جنوب الخط الأزرق وتسليم مسؤولية السيطرة على المنطقة الشمالية للقوات المسلحة اللبنانية، بدعم من قوات الطوارئ الدولية (اليونيفيل) وآلية مراقبة وقف إطلاق النار”.

بين بري وميقاتي

وبرزت للمرة الأولى معالم تباينات بين الرئيس ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري حيال موافقة لبنان على تمديد المهلة. فمساء أمس التقى ميقاتي السفيرة الأميركية ليزا جونسون ورئيس لجنة مراقبة تنفيذ وقف النار الجنرال الأميركي جاسبر جيفرز وشدد أمامهما على “أن لبنان قام بتنفيذ البنود المطلوبة من التفاهم، إلا أن إسرائيل تماطل ولا تزال تنتهك القرار 1701، ولفت إلى أنه بعد التشاور مع رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب لعدم إعطاء إسرائيل أي عذر لعدم الانسحاب من كل الاراضي اللبنانية وافقت الحكومة على استمرار العمل بموجب تفاهم وقف النار حتى 18 شباط ولكن هذا يتطلب الضغط لوقف الاعتداءات الإسرائيلية والخروقات المتكررة وتأمين الانسحاب الإسرائيلي الكامل”.

غير أن اللافت أن الرئيس بري وزع بياناً علق فيه على تصريح ميقاتي بعد لقائه الوفد الأميركي قائلاً: “الحقيقة إنني اشترطت وقفاً فورياً للنار والخروقات وتدمير المنازل وغيرها بالإضافة للتعهد بموضوع الأسرى، وكنت قد اتصلت بفخامة رئيس الجمهورية متمنياً عليه تبني هذا الاقتراح”.

ملف التأليف

وإذا كانت تطورات الجنوب برّدت نسبياً ملف تاليف الحكومة العتيدة فإن المعطيات المتصلة بتمديد الاتفاق حتى 18 شباط اعتبرت الموعد الجديد بمثابة مهلة حث جديدة لاستعجال تاليف الحكومة بسرعة. ويبدو أن الاتصالات الجارية خلف الكواليس تتسم بطابع استعجال تذليل العقبات المتصلة بتوزيع الحقائب واختيار الاسماء الملائمة التي توفّق بين شرطي الاختصاص والتمثيل. وأفادت المعلومات أن اتصالاً جرى بين الرئيسين جوزف عون ونواف سلام تناول الملف الحكومي وسط أجواء مشجعة تناقض الشائعات المتداولة. ونقل زوار رئيس الجمهورية لـ”النهار” تفاؤلهم بقرب ولادة الحكومة، وتوقعت مصادر لـ”النهار” أن يزور الرئيس المكلف قصر بعبدا في الساعات الـ48 المقبلة لعرض التشكيلة الحكومية على الرئيس عون. وتستبعد هذه المصادر أن تتأخر ولادة الحكومة، لافتة إلى أنه لم يمضِ على مشاورات التشكيل أكثر من أسبوعين منذ التكليف، وهي مهلة طبيعية منعاً لأيّ تسرع.

تداعيات

وسط هذه الاجواء تفاعلت أصداء الاحداث الجنوبية فاتهم حزب “القوات اللبنانية”  “حزب الله” “عبر نوابه ووسائله الإعلامية بالقيام بحملة واسعة هدفها تصوير ما حصل في الجنوب على أنّه انتصار كبير وهائل لما يسمى المقاومة قافزًا فوق 22 شهيداً سقطوا ضحية مغامراته المستمرة، كما تصوير أنّ الأهالي أخرجوا بالقوة إسرائيل من القرى التي ما زالت تحتلها، فيما الجيش الإسرائيلي لم ينسحب سوى من القرى التي كان أعلن انسحابه منها ودخلت إليها الناس، وبالتالي فيلم هوليوودي، ويا للأسف، بدماء الجنوبيين، وتصوير الجيش متخاذل لأنّه مفروض به أن يكون أمام الناس لا خلفهم”. واعتبر أن “على الحكومة الحالية إعطاء التعليمات الواضحة للجيش اللبناني من أجل استخدام صلاحياته لتنظيم عودة الأهالي الى قراهم تبعًا لتقديره العسكري وبما يحفظ سلامتهم”، وشدد على أن “كل المعادلات الخشبية التي أوصلت لبنان إلى الموت والدمار والخراب سقطت إلى غير رجعة، ومن يحمي لبنان واللبنانيين والسيادة هو فقط الدولة، ومحاولة التذاكي لإدخال الشعب كبديل عن المقاومة مرفوضة شكلاً ومضمونًا، فالدولة تمثِّل الناس ووحدها تحتكر السلاح”.

كما أن رئيس “التيّار الوطني الحرّ” النائب جبران باسيل علّق على مواكب الاستفزاز التي قام بها أنصار “حزب الله” ليل الأحد في مناطق الجميزة وعين الرمانة وفرن الشباك وكادت تتسبب باشتباكات، فكتب عبر منصة “إكس”: “أهل الجنوب سطّروا ملحمة بطولية، والتوتير الطائفي الذي حصل ليلاً نسف مشهد الوحدة نهاراً، وكأن المقصود تعميق الانقسام”. وأضاف “أنّ أكثر ما يخدم أصحاب مشروع التقسيم هو السلوك الاستفزازي لمجموعات تطوف وتهتف مذهبياً. الخلاصة إنّ التطرّف يجلب التطرّف، والنتيجة أن لبنان هو الخاسر”.

وفي كلمة القاها مساء امس اعتبر الامين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم أن “إسرائيل خسرت بعدوانها حيث فشلت في القضاء على “حزب الله” وموافقتنا مع الدولة اللبنانية على وقف النار انتصار لنا ووافقنا على الاتفاق لاختبار قدرة الدولة”. وقال إن “حزب الله” ملتزم تماماً باتفاق وقف النار فيما إسرائيل انتهكته 1350 مرة وفكرنا بالرد على الخروقات الإسرائيلية لكننا فضلنا الصبر”. وإذ اعتبر أن “الشعب اللبناني بطوائفه كان حاضناً للنازحين” اعترف بأن التفوق العسكري الإسرائيلي أكبر بكثير من قدرات حزب الله”، وقال: “نحن ايضا كجمهورنا تفاجأنا بطريقة قتل قادة الحزب في الحرب الاخيرة”.

ويشار إلى انه في اليوم الثاني لعودة أهالي بلدات وقرى جنوبية، قتل مواطنان  وجرح سبعة عشرة آخرون أحدهم حالته خطرة نتيجة إطلاق جنود إسرائيليين النار عليهم لدى محاولتهم الدخول الى قراهم في العديسة وبني حيان ويارون وحولا.

وأكد الناطق باسم الحكومة الإسرائيلية رفض إعادة انتشار قوات “حزب الله” على الحدود، مضيفًا “أنّ قواتنا ستبقى على الحدود مع لبنان لأن الطرف الآخر لم يلتزم بالاتفاق”. وأوضح “أنّ الانسحاب الكامل من لبنان رهن بانتشار الجيش اللبناني وإبعاد “حزب الله” إلى شمال الليطاني”.