
محور الممانعة وزمن "ببكي وبروح!"
الاحداث- كتب فارس خشان في صحيفة النهار يقول:"تقهقر النفوذ الإيراني في سوريا ووهن في لبنان، فعاد مجلس التعاون الخليجي عموماً والمملكة العربية السعودية خصوصاً إلى الاكتراث بهاتين الدولتين.
صناعة الحروب الأهلية لا تدخل في قائمة رغبات مجلس التعاون الخليجي، ولذلك اكتفى بالضغط الإيجابي من أجل دفع لبنان وسوريا نحو استعادة الذات. وأتت التطورات في كل من لبنان وسوريا، بظروف متشابهة، فسقط نظام بشار الأسد في سوريا فيما تهاوى نظام "حزب الله" في لبنان. وعاد مجلس التعاون الخليجي عموماً والسعودية خصوصاً إلى لعب دور رائد كانت له آثاره الإيجابية الواضحة على الاستحقاقات المتلاحقة.
ويعتبر اللبنانيون والسوريون أنّ هناك استحالة لنهوض دولتيهما من ركامها بلا دخول قوي لمجلس التعاون الخليجي، فهو عمقهما الاستراتيجي الحقيقي، ومن دونه لن تكون هناك إعادة إعمار ولا رافعات للنهوض المالي والاقتصادي، وبالتالي لا استقرار حقيقياً ودائماً!
ولذلك يركز المعنيون بإعادة الاعتبار إلى الدولة في كل من لبنان وسوريا على مراعاة ما يوفر المصالح الاستراتيجية لمجلس التعاون الخليجي الذي طالما شكا من أن هاتين الدولتين تحوّلتا إلى بؤرة مصائب إرهابية ومخدراتية بالنسبة له.
وكان واضحاً أنّ زعيم سوريا الجديد أحمد الشرع، يركز في مواقفه على "الخدمة الاستراتيجية" التي يقدمها إسقاط نظام بشار الأسد للأمن الاستراتيجي الخليجي، فيما ذهب الرئيس اللبناني الجديد جوزف عون في خطاب القسم إلى محاكاة مطالب مجلس التعاون الخليجي عموماً والسعودية خصوصاً من لبنان.
وعلى الرغم من أنّ قوى "الممانعة" تشكو من هذه التوجهات اللبنانية إلا أنّ واقعها مثل لسان حال تلك العروس المصرية: "ببكي وبروح".
تعرف هذه القوى المرتبطة بإيران أنّ الكوريدور الشيعي الذي كان يربط طهران ببوابة فاطمة قد تهدم كليّاً، وأنّ قدرتها على مقاومة الوقائع الحقيقية ضعيفة للغاية، وأنّ حاجات البيئات التي تهيمن عليها باتت أكبر من سدها بقليل من المال والكثير من الشعارات.
وعلى قاعدة "ببكي وبروح" كان تجميد الحشد الشعبي العراقي مساهماته في حرب وحدة الساحات، وتسليم المحور الإيراني بخروج سوريا من "جبهة المقاومة" وموافقة "حزب الله" على "اتفاق وقف إطلاق النار" بين لبنان وإسرائيل على الرغم من أنّه تسليم واضح جداً بهزيمة عسكرية لـ"حزب الله".
وعلى هذه القاعدة أيضا كان الانضمام المتأخر لـ"الثنائي الشيعي" إلى خيار الرئيس جوزاف عون، الذي كان وليد قرار محلي وعربي ودولي.
ويعرف "الثنائي الشيعي" أنّ وقوفه في وجه الزخم الجديد سيكون على حساب البيئة التي طالما احتضنته، فلن تكون هناك دولة أو مؤسسة دولية، مستعدة لمساعدة لبنان بـ"قرش واحد" إذا لم تكن هناك ثقة بأنّ "بلاد الأرز" قد قررت فعلاً إخراج نفسها من الجحيم، وبالتالي فإنّ السباحة مع التيار ليس خياراً بقدر ما هو اضطرار.
وسوف ينعكس ذلك، بعد رئاسة الحكومة التي فاز بها رئيس محكمة العدل الدولية نواف سلام، في معركة ضد الرئيس نجيب ميقاتي الذي كان مدعوماً من "الثنائي الشيعي"، على تشكيل الحكومة الجديدة، بحيث لن يكثر من وضع العراقيل أمام التوجه الوطني العام.
ولهذا فإنّ هناك أطرافاً تضغط من أجل أفضل الخيارات وليس أفضل الممكن، لأنّ الظروف هي لمصلحة ذلك، ولا يجوز، وفق ما يعتبرون، تفويتها من خلال إحياء معادلات الماضي التي أنتجت الكثير من الويلات.
وفي هذا السياق، يستحيل استكمال العصف الإيجابي إلّا إذا أثمر ما يحصل. وهنا تكمن مسؤولية مجلس التعاون الخليجي في الدخول الفاعل إلى المعادلة اللبنانية، معنوياً ومادياً، كما تكمن مسؤولية المجتمع الدولي الذي عليه أن يضع ثقله حتى تخرج إسرائيل من الأراضي اللبنانية بالتوقيت المتفق عليه، ووفق القواعد المنصوص عنها في اتفاق وقف إطلاق النار!