المواصفات تسبق الأسماء
عاصفة حزم رئاسية سعودية: لا عودة إلى الوراء
الاحداث- كتب ألان سركيس في صحيفة نداء الوطن يقول:"حطّ الموفد السعودي الأمير يزيد بن محمد بن فهد الفرحان والسفير السعودي وليد البخاري في لبنان مساء الجمعة. عقد لقاءات ومشاورات متنقّلاً بين أطراف النزاع الداخلي. غادر مساء أمس الأحد، ولم يحمل كلمة السرّ بالاسم، قال ما هو أبعد منها، وأكّد لكلّ من التقاهم بما معناه “الزمن الأوّل تحوّل”.
انتظرت القوى السياسية اللبنانية وصول الفرحان لمعرفة الاتجاه السعودي، مع أن البوصلة أكثر من واضحة، ومعروف لماذا “شطّبت” الرياض على لبنان، وسبب عودتها.
وإذا كان افتتاح اللقاءات السعودية كان قد بدأ من عين التينة التي تعتبر المفاوضة باسم “الثنائي الشيعي” ومن معراب التي تشكّل الركن الأول للمعارضة اللبنانية، إلا أن باقي اللقاءات لم تخلُ من توجيه الرسائل.
اللقاء الأبرز كان مع تكتّلي “الاعتدال الوطني” و”لبنان الجديد”، الذي يضمّ 8 نواب سنّة إضافة إلى ثلاثة نواب مسيحيين ونائب علويّ. وإن اتّسم الحديث بدبلوماسية، إلا أنه تميّز بالصراحة. أثنى النواب على الدور السعودي وشدّدوا على دور لبنان وحاجته للعباءة العربية، وخصوصاً السعودية، محاولين استمزاج رأي المملكة العربية السعودية بالمرشّحين ومن تفضّل.
رفض الفرحان الدخول في لعبة الأسماء، لكنه رفع السقف متوجّهاً إلى النواب قائلاً: “لا ندخل في الأسماء، لكن لدينا مواصفات للرئيس، وهذه المواصفات كانت موجودة سابقاً وفي هذه المرحلة نريد مواصفات أعلى، ندعم أيّ رئيس سيادي وإصلاحي يلتزم بتطبيق “اتفاق الطائف” وكل القرارات الدولية، بدءاً من الـ 1701 وصولاً إلى الـ 1559، وما وافقت عليه الحكومة اللبنانية عند توقيع اتفاق وقف إطلاق النار. الزمن السابق قد تغيّر، ولا نؤيّد أيّ رئيس ليس ضمن هذه المواصفات. تعرّضنا سابقاً من بعض الجهات اللبنانية للأذى لكننا لا نشمت بل نريد مساعدة الدولة والشعب فقط”.
أكد الفرحان أنّ “ما حصل في الأشهر الماضية في لبنان والمنطقة بدّل كل التوازنات، لذلك ندعم أيّ رئيس يأتي من ضمن هذا السياق، فلا عودة إلى الوراء ولا يمكن لأحد أن يوقف عقارب التغيير الحاصل، فالأسماء المرشحة التي لا تدور في هذا الفلك غير مرحّب بها، وإذا أردتم انتخابها فانتخبوها، لكن عليكم تحمّل النتائج”.
المحصلة أن انتخاب رئيس يتماشى مع المواصفات التي توضع سيؤدّي إلى تعاون مع لبنان، خصوصاً في ملف إعادة الإعمار ودعم خطة التعافي الاقتصادي. أمّا العودة إلى رئيس من الزمن السابق، فيعني استمرار الغرق في المستنقع نفسه.
أنهى الموفد السعودي اللقاء مع النواب، مشيراً إلى أن السفير السعودي وليد البخاري سيتواصل معهم بعد استكمال المشاورات وزيارة الموفد الأميركي آموس هوكستين، موضحاً أن الأولوية الآن لاختيار رئيس من ضمن المواصفات المطروحة، رافضاً فتح استحقاق رئاسة الحكومة والحكومة في هذا الوقت، باعتباره أن لكل استحقاق خريطة طريق خاصة.
وصلت الرسالة السعودية الحازمة إلى النواب السنّة، أكّدت الرياض مرجعيتها وتأثيرها على الساحة السنيّة، واضعةً “فيتو” على أيّ مرشح لا ترضى عنه وتطرحه أي دولة حتى لو كانت من “اللجنة الخماسية”، سينصرف “الاعتدال” إلى تكثيف اللقاءات اليوم، حيث من المقرّر لقاء الموفد القطري أبو فهد بن جاسم ومن ثم يليه اجتماع مع كتلتي “التوافق الوطني” و”اللقاء النيابي التشاوري المستقل” ومستقلين، لكن اللقاء الأبرز الذي سيجمعهم مع وفد من “تكتل الجمهورية القوية”، حيث ستتمّ مناقشة الأسماء المرشحة والحظوظ المتوافرة.
عكس ما يحاول البعض الإيحاء، فالموفد السعودي أوضح الصورة أكثر ولم يزد الغموض، وسط وضوح الرؤية وعدم الخضوع لمبدأ الابتزاز مهما كان تأييدهم لأي مرشح. في وقت سيرتفع مستوى الضغط وسط كلام عن تراجع “الثنائي الشيعي” عن عناده بسبب توقيعه أولاً على ورقة الهدنة، وثانياً عدم قدرته على مواجهة الرياح الداخلية والخارجية بعد الضربة القوية التي أصابت “حزب الله” في حربه الأخيرة.