من الصحف

ما أبعاد تسليم الفصيلين الفلسطينيين قواعدهما الثلاث في البقاع إلى الجيش؟

الاحداث- كتب ابراهيم بيرم في صحيفة النهار يقول:"مع أن البيان الذي أصدرته قيادة الجيش كشف أن "الجبهة الشعبية-القيادة العامة" و"حركة فتح-الانتفاضة" هما اللتان سلمتا طوعاً معسكراتهما الثلاثة في السلطان يعقوب ودير الغزال في البقاع الأوسط وفي حلوة في منطقة راشيا الوادي، ثمة من تعامل مع الأمر وكأنه حدث ينطوي على أبعاد مستقبلية انطلاقاً من الاعتبارات الآتية: 

- أنه حلقة في سلسلة تصفيات لآخر مظاهر  الحضور العسكري للنظام السوري السابق في العمق اللبناني.

- أنه خطوة عملانية أولى على طريق اجتثاث الوجود العسكري الفلسطيني في الأراضي اللبنانية الذي تعود جذوره إلى مرحلة اتفاق القاهرة عام 1969 الذي"شرّع" الوجود العسكري للفصائل الفلسطينية في لبنان إلى أن ألغاه مجلس النواب في مطلع التسعينيات.

- أنه أيضاً مقدمة لازمة لإبطال أية مبرّرات للإبقاء على سلاح "حزب الله" خارج جنوبي نهر الليطاني تبعاً لتوجّه عام بدأ يسري عنوانه أن لا سلاح خارج الشرعية.

وبناءً على ذلك ثمة سارع إلى تقديم الحدث الأخير بأنه إنجاز منطلقه طيّ نهائي لصفحة الوجود العسكري السوري والفلسطيني على حد سواء، وأنه بمعنى آخر من بركات سقوط نظام الأسد باعتباره جزءاً من محور الممانعة الذي يُفترض أنه تلقى لكمات صاعقة تركته مهشّماً واهن القوى.
 وثمة من يربط بين هذا الحدث وبين ما سرى بعيد أيام قليلة من إمساك قوى المعارضة السورية بزمام الأمور في دمشق، حيث إن السلطة الجديدة أبلغت كل القوى الفلسطينية في الساحة السورية بأن عليها تحضير نفسها لإنهاء كل أشكال وجودها العسكري في سوريا وتفكيك قواعدها ومعسكرات تدريبها وتسليم سلاحها.

وبطبيعة الحال فإن المقصود بالإجراء الأخير في لبنان، وتلك التي يمكن أن تطبّق في سوريا لاحقاً، هو الفصائل الفلسطينية المعروفة بقربها من النظام السابق في دمشق، وهي أربعة فصائل: "الجبهة الشعبية–القيادة العامة" وحركة "فتح–الانتفاضة" ومنظمة "الصاعقة" و"جبهة النضال الشعبي الفلسطيني". 

 وليس خافياً أن هذه الفصائل تعاني منذ فترة طويلة من ضمور ووهن وانقسامات، خصوصاً بعد رحيل مؤسّس "القيادة العامة" أحمد جبريل أبو جهاد.

والمعلوم أيضاً أن الوجود المسلح لهذا الفصيل في قوسايا – دير الغزال والسلطان يعقوب إضافة إلى ما يُعرف بـ"أنفاق الناعمة" (الشوف) بات وجوداً رمزياً، إذ لم يعد هناك وفق معلومات لهذا الفصيل الذي عُرف بشراسته ما يكفي من العناصر لتأمين حراسة هذه المواقع أو البقاء فيها فكانت خلال الأعوام الثلاثة المنقضية شبه مهجورة.

وقد زاد سقوط النظام المرجعي-المساند لهذا الفصيل وإخوته من وهنه العسكري فوجد أن "الأشرف" له أن يسلّم بالأمر الواقع عبر تسليم تلك المواقع شبه الخالية للجيش اللبناني خصوصاً أنه لم يكن لها أي دور أو تأثير في مجريات المواجهات الأخيرة في الجنوب فبدت أنها من لزوم ما لا يلزم.
وفي كل الأحوال فإن ثمة في الوسط الراصد للوجود الفلسطيني غير المدني في لبنان رأيين حيال مستقبل هذا الوجود.

الأول يرى أن الدولة اللبنانية ستجد نفسها في المرحلة المقبلة بعد انتخاب رئيس جديد مضطرّة إلى رفع منسوب الضغط على هذا الوجود إنفاذاً لمبدأ ضبط هذا الوجود في كل المخيمات الفلسطينية بما فيها المخيّم الأكبر عين الحلوة الذي يعدّ المخيّم العاصي على الدولة، ما يعني أن على الدولة أن تكرر تجربة التضييق التي مارستها بعيد انسحاب قوات منظمة التحرير من لبنان في صيف عام 1982 واستطراداً تجربة ما بعد تطبيق اتفاق الطائف في مطلع التسعينيات.

أما الثاني فيقول بأن الطريق إلى تحقيق هذا المبتغى ليس بهذه السهولة، لأن الوجود الفلسطيني في لبنان قادر على امتصاص الصدمات والتكيّف مع مرحلة التشدد التي يتوعّد بها كثر.

وصاحب هذا الرأي يقدّم دليلاً على ذلك أن حركة "حماس" التي بدأت خلال العامين الماضيين تتعامل على أنها المرجعية الأساسية للوجود الفلسطيني في لبنان، قد دخلت منذ أشهر أربعة في حال احتجاب متعمّد عن الأضواء، فبدت كأنها انسحبت من الساحة اللبنانية.