وفد سياسي وروحي درزي إلى دمشق نهاية الأسبوع... موقف واضح في مواجهة المشاريع المشبوهة
الاحداث- كتبت صحيفة "الأنباء" الالكترونية: في زمن التحوّلات السياسية الإقليمية والدولية، إنتهى مشروع السجن السوري الكبير وإنتصرت سورية.. ومع هذا التحوّل فُرضت قواعد جديدة لبناء غد ديمقراطي وموّحد وتعددي على إمتداد جهات سورية الأربع، قوامه مناقض لكل ما كان سائداً سابقاً، علماً أن البلاد تواجه مخططات معادية وطامحة للمقايضة أو النفوذ أو الاحتلال، جُلّها عند خاصرة الجولان المحتل من جهة، ومنع أي محاولات ذرّ غبار الفتنة تصبّ في مصلحة مشاريع تقسيمية مغرضة بين مختلف المكوّنات من جهة أخرى.
أما لبنان، فيتشارك مع الشعب السوري هذا النصر، ويتوق إلى مستقبل تحكمه معادلة السيادة والقرار المستقل، وميزان لا غالب ولا مغلوب. وبالتأكيد، سيتطلب ذلك إرساء قواعد جديدة لمستقبل صحي للعلاقات بين البلدين. وفي السياق، يستهل الرئيس وليد جنبلاط مدّ جسور التواصل مع القيادة السورية الجديد، كأول مكوّن سياسي وحزبي لبناني يزور دمشق منذ سقوط النظام.
وفي هذا الإطار، أكدت مصادر الحزب التقدمي الاشتراكي لجريدة "الأنباء" الإلكترونية أن وفداً من التقدمي برئاسة الرئيس وليد جنبلاط وشيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي ابي المنى ونواب كتلة اللقاء الديمقراطي وقيادة الحزب ومشايخ من الطائفة الدرزية سيتوجهون نهاية الاسبوع إلى دمشق لتهنئة قائد الإدارة الجديدة في سورية أحمد الشرع بسقوط النظام ونهاية عهد الطغيان.
وبحسب المصادر، من المتوقع أن تناقش المكونات الدرزية في البلدين سبل مواجهة كافة هذه القضايا عبر القنوات والآليات الصحيحة، إذ سيطلع الوفد عن كثب على مسائل عدة متعلقة بطائفة الموحدين الدروز في سورية، إنطلاقاً من أنهم مكوّن أساسي في البلاد ولهم تاريخ تأسيسي غني، على إثر التطورات الأخيرة الحاصلة وتداعيات العمليات العسكرية الإسرائيلية على الحدود، بالإضافة إلى الأنشطة الاستيطانية في الجولان المحتل.
جنبلاط: إنتصار الحرية في لبنان وسورية
ومع إحتفال سورية بربيعها الحقيقي، ذكّر الرئيس وليد جنبلاط بشعار "سيبقى فينا وينتصر"، الذي رُفع منذ إغتيال المعلم كمال جنبلاط، قائلاً: "اليوم انتصر كمال جنبلاط والشعب السوري وانتصرت الحرية في لبنان وسورية". كلام جنبلاط أتى خلال اجتماع إستثنائي للهيئة العامة للمجلس المذهبي، الذي عُقد أمس، بدعوة من شيخ عقل وحضور الرئيس وليد جنبلاط ونواب الطائفة والقضاة وأعضاء المجلس.
جنبلاط الذي عبّر مراراً عن دعمه لخيارات الشعب السوري لـ"سورية ديمقراطية ومتعددة ومتنوعة"، أكد إحترام "الخصوصيات السورية"، والإستعداد لتقديم المساعدة "من بعيد ومن قريب عند الضرورة". وفي السياق عينه، أكد جنبلاط عدم خوفه من حكم أصولي إسلامي، متمنياً إعطاء "الشعب السوري الذي خرج بعد 61 عاماً من السجن الكبير فرصة التنفس فإلى الأمام في نصح ودعم الشعب السوري حين نستطيع في مستقبله ومستقبلنا".
ترسيم الحدود إلى الواجهة!
أما حول مستقبل العلاقات بين البلدين، اشارت مصادر مراقبة إلى أن مواقف جنبلاط أعادت الى الواجهة ملف ترسيم الحدود البرية ولبنانية مزارع شبعا ومناطق أخرى وتحديد هويتها.
وكان أكد جنبلاط في كلمته في اجتماع الهيئة العامة للمجلس المذهبي ضرورة أن "نتقدم في لبنان بمذكرة توضح كيف نتصور سورية المستقبل وكيف نرى سورية المستقبلية والعلاقات اللبنانية والسورية"، متطرقاً إلى مسألة ترسيم الحدود "أي شبعا وكفرشوبا ومهمات أخرى"، وإعادة النظر بمعاهدة الأخوة والصداقة بين لبنان وسورية، إنطلاقاً من أن لبنان وسورية "بلدين سياديين مستقلين".
هذا ورأت المصادر أنه مع إنتخاب رئيس جمهورية جديد للبنان، يجب إعادة النظر بعدد من الإتفاقيات التي كانت مجحفة بحقه، وكذلك طرح كل النقاط العالقة وأبرزها مسألة ترسيم الحدود البرية وتحديداً في مزارع شبعا وغيرها، والتي تهرّب منها النظام السوري عمداً لسنوات، معتبرة أنه حينذاك سنتوصل إلى إستقرار على الحدود الجنوبية إنطلاقاً مما تشرّعه القرارات الدولية، ليبنى على الشيء مقتضاه. وتلفت المصادر إلى أن إتفاق وقف إطلاق النار الأخير لحظ في أحد بنوده أن "الولايات المتحدة ستدفع لمفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل ولبنان من أجل التوصل إلى اتفاق على ترسيم الحدود البرية.
الدروز ووحدة سورية!
لا شك أن توقيت الاجتماع الإستثنائي للهيئة العامة للمجلس المذهبي يتسم بأهمية كبرى بتوقيته وظروفه، نظراً للتحديات التي يواجهها أبناء طائفة الموحدين الدروز في سورية، الذين يشددون ويتمسكون بالإنتماء الوطني للدروز على الرغم من "أصوات النشاز" من هنا وهناك، إذ أكد الاجتماع أن الموحِّدين في سورية هم ركيزة أساسية من ركائز بلاد الشام.
وفي كلمة ألقاها خلال الاجتماع، أكد ابي المنى، "أنَّ إخواننا المسلمين الموحدين الدروز في جبل العرب وفي الغوطة والإقليم وجبل السُّمّاق هم جزء لا يتجزّأُ من الشعب السوري، وقد كانوا دائماً طليعة المدافعين عن استقلال سورية، والمطالبين دوماً بالوحدة الوطنية، والمتمسِّكين أبداً بانتمائهم العربي".
وأوضحت مصادر مواكبة أن "لقاء دار الطائفة الدرزية محطة مهمة في دعم الثورة السورية والسلطة الانتقالية الراهنة، وما الإعلان عن نية قيام وفد روحي وسياسي بزيارة دمشق نهاية الأسبوع، سوى ترجمة سريعة لتلك المواقف، التي عبّر عنها بوضوح جنبلاط وشيخ العقل".
وأملت مصادر مشيخة العقل لجريدة "الانباء" الإلكترونية أن تشكل الزيارة فاتحة لزيارات ولقاءات روحية وغيرها لاحقاً، عبر التطلع إلى مستقبل واعد لسورية متطورة ورسم علاقات مختلفة بين البلدين، تؤسّس لمسار صحّي، بعد فترة انقطاع طويلة. إذ تؤكد مشيخة العقل في هذا السياق على دعم دروز سوري ، للتمسك بأرضهم، وبانتمائهم العربي، وبهويتهم العروبية، للحفاظ على إرثهم الوطني، وتراثهم الروحي، ونضالهم التاريخي المشرف، وصون أصولهم الإسلامية.
ولا تخفي المصادر خشيتها من مشاريع مشبوهة، يحاول العدو الاسرائيلي فرضها على دروز سوريا، ظهرت مع التوغّل العسكري للعدو في مناطق جبل الشيخ وحضر من جهة، وتوسيع المناطق العازلة في الجولان باتجاه القنيطرة ودرعا وصولا إلى السويداء من جهة ثانية، بذرائع واهية.
وتأتي زيارة نهاية الأسبوع لتشكل الرد المباشر على كل تلك المشاريع، والتأكيد على دور الطائفة الطليعي في جميع مراحل النضال، وفي بناء الوحدة الوطنية السورية بكل اطيافها والوانها.
لجنة المراقبة والخروقات
بالتزامن، تتوالى الخروقات الإسرائيلية على لبنان، ما إعتبرها مجلس الوزراء بعد إجتماعه أمس برئاسة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي "غير مقبولة"، على أن تجتمع لجنة المراقبة في الناقورة اليوم، للنظر في كل هذه المواضيع ووضع حد للخروق. هذا وأكدت الحكومة وجوب التطبيق الكامل لمضامين القرار 1701 برعاية لجنة المراقبة والدول التي ضمنت تنفيذ هذه الاجراءات، استنادا إلى التطبيق الكامل للقرار 1701 بكل بنوده.
ومن ناحية أخرى، كشف مجلس الوزراء أن "المعطيات بشأن المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية غير مشجّعة وهناك لجنتان تعملان على هذا الملف بشكل جدّي".
تفاؤل وتشاور!
وفي ظل كل هذه التطورات، لا يزال التفاؤل يخيّم على إستحقاق إنتخاب رئيس جمهورية للبنان في التاسع من كانون الثاني المقبل، في الجلسة التي حددها رئيس المجلس النيابي نبيه بري. فمحركات التشاور لا تهدأ ومروحة الأسماء تتوسّع، بالتوازي مع جهود كل من المملكة العربية السعودية وفرنسا خصوصاً واللجنة الخماسية لإنجاز الإستحقاق، وإنتخاب رئيس يواكب تحديات المرحلة وتحديداً بعد سقوط نظام الأسد والمتغيرات الحادة في موازين القوى في المنطقة.