من الصحف

"الخمسة" يحضّون القيادات المسيحية على التوافق... عودة: صوت جبران لا يزال يرنّ والطغاة فروا

الاحداث-  كتبت صحيفة النهار تقول:"باتت الأسابيع الثلاثة المقبلة توصف بأنها الفترة الحاسمة وربما الفرصة التي سيكون من الصعوبة الكبيرة تجاوز تداعيات إخفاقها إذا مرّ موعد 9 كانون الثاني المقبل ولم يُنتخب رئيس الجمهورية. ومع أن ثمة من القادة السياسيين والنواب من لا يجزم بعد بأن 9 كانون الثاني سيكون نهاية المطاف لأزمة الفراغ الرئاسي منذ سنتين وشهرين، فإن ذلك لن يزيد التحركات والمشاورات المفتوحة بين القوى السياسية والكتل النيابية في الأسابيع القليلة المقبلة سوى حماوة وسخونة من دون أن يعني ذلك حتماً أن الأجواء آيلة حكماً إلى انتخاب رئيس الجمهورية في الموعد المحدد. غير أنه لوحظ أن معنيين بالاتصالات والمشاورات الجارية على محور انتخاب رئيس الجمهورية بدأوا في الأيام الاخيرة خفض وتيرة توقعاتهم التي كانت جازمة قبلاً إذ أن صعود العقبات المتصلة ببلورة خيار من اثنين عاد يبرز بوضوح بعدما كانت وتيرته قد انحسرت قبل التوصل إلى اتفاق وقف الأعمال العدائية بين إسرائيل ولبنان. وتحدث هؤلاء المعنيون عما يمكن وصفه بمعركة رفع السقوف أو رسمها مجدداً التي برزت بقوة من خلال لقاءات بعض الكتل النيابية وحركتها سعياً وراء مناخ توافقي يوصل إلى توافق واسع على مرشح يحظى بأرضية متقدمة داخلياً وخارجياً. وكشفت أن رفع سقف المواصفات جاء في الغالب من قوى المعارضة بعد التطورات الضخمة التي شهدها لبنان وسوريا وانعكست تبديلاً جذرياً في الواقع السياسي الداخلي ولو لم يعترف بذلك كثيرون بعد. ولذا أشار المعنيون إلى أن ما يجري من محاولات تقديم أسماء وتأخير أسماء أخرى لم يبلغ بعد المرحلة التقريرية الجادة في غربلة بضعة أسماء محددة قبل الاتجاه نحو توافق واسع على مرشح أو التوافق على إطلاق معركة تنافسية مفتوحة في جلسة تعهّد رئيس مجلس النواب نبيه بري لسفراء المجموعة الخماسية أخيراً أنها لن تنتهي إلا بصعود الدخان الأبيض فوق ساحة النجمة. وتكشف معطيات بعض الجهات السياسية أن الأيام المقبلة قد تحمل محاولات متقدمة للغاية لن يكون سفراء المجموعة الخماسية بعيدين منها على طريق إقناع القادة السياسيين ورؤساء الكتل المسيحية خصوصاً على "صناعة" توافق مسيحي عريض يفرض نفسه بقوة على الجميع شرط أن يقدم مرشحاً يستوفي مواصفات حاجات لبنان والظروف المحيطة به، باعتبار أن التطورات الاستثنائية الجارية، وبعضها تاريخي كما في سقوط النظام السوري البائد، تستدعي من القوى المسيحية سلوكيات استثنائية وهو أمر يتلازم مع دعوة البطريرك الماروني أمس للمسيحيين في سوريا إلى الانخراط في بناء سوريا الجديدة فكم بالحري بالاستحقاق الرئاسي في لبنان الذي يُقبل على حسم لم يعد مقبولاً إرجاؤه؟ 
وترددت معلومات في سياق "إعادة التموضعات" الرئاسية التي أملتها التطورات التي اصابت "حزب الله" وأسقطت النظام السوري أن رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية يتجه إلى إعلان انسحابه من السباق الرئاسي وتجيير دعمه لقائد الجيش العماد جوزف عون علماً أن فرنجية ستكون له كلمة مساء الأربعاء المقبل، خلال عشاء تكريمي في بنشعي لخلية الأزمة في "تيار المردة" التي ساهم عناصرها في الاهتمام بالنازحين.

خمسة مليارات 
في أي حال بدا لافتاً في الأيام الأخيرة ارتفاع منسوب المواقف الداخلية حيال التطورات السورية وسط تصاعد الحمى الداخلية الرئاسية بما يعكس الأثر الواضح للحسابات الجديدة حيال الحدث السوري على إعادة رسم التوازنات المتصلة بالاستحقاق الرئاسي. 

وفي المواقف من مجريات الداخل أكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي "أن التنفيذ الشامل لتفاهم وقف اطلاق النار ووقف الانتهاكات الإسرائيلية له أمر بالغ الأهمية لحماية سيادة لبنان وسلامة أراضيه، وتسهيل العودة الآمنة للنازحين إلى بلداتهم وقراهم، وهذه مسؤولية مباشرة على الدولتين اللتين رعتا هذا التفاهم وهي الولايات المتحدة وفرنسا". وتحدث ميقاتي في المنتدى السياسي السنوي لرئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني في روما عن تفاهم  وقف النار الذي اقترحته وترعاه الولايات المتحدة وفرنسا، وقال: "إن العدوان الإسرائيلي على لبنان، زاد معاناة  شعبنا وأدى الى خسائر فادحة في الأرواح، كما ألحق أيضاً أضراراً جسيمة بالبنى التحتية والاقتصاد والاستقرار الاجتماعي. وأدى النزوح الجماعي لآلاف اللبنانيين إلى نشوء أزمة إنسانية غير مسبوقة، ما يستدعي اهتماماً ودعماً فوريين من المجتمع الدولي. ووفقاً لتقديرات البنك  الدولي، سيحتاج لبنان إلى ما لا يقل عن خمسة مليارات دولار لدعم عملية إعادة الإعمار".

وعن الملف السوري قال: "ما يعنينا بشكل اساسي في هذا الملف هو عودة النازحين السوريين إلى بلادهم. وعلى المجتمع الدولي، وخاصة أوروبا، المساعدة في حل هذه الأزمة من خلال الانخراط في جهود التعافي المبكر في المناطق الآمنة داخل سوريا، وأن تكون علاقاتنا مع سوريا مرتكزة على مبدأ احترام السيادة وحسن الجوار".   

الراعي وعودة 
وفي تعليقه الأول على سقوط النظام السوري دعا البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، المسيحيين في سوريا إلى "مدّ اليد لجميع المكوّنات السوريّة للتعاون في بناء البلاد، مع التأكيد على أهميّة بناء سوريا على أساس من المواطنة والمساواة دونما تمييز دينيّ أو طائفيّ أو عرقيّ أو ثقافيّ. ولا بدّ من حثّ المسيحيّين على الانخراط في العمل الوطنيّ والسياسيّ". وأضاف: "في لبنان تستعدّ الكتل النيابيّة بتشاوراتها لانتخاب رئيس جديد للجمهوريّة في التاسع من كانون الثاني المقبل. ونحن من جهتنا نرافقهم بالصلاة لكي يتوصّلوا إلى الاتفاق على شخص الرئيس أو إلى أكثر من مرشّح، ويصار إلى عمليّات الاقتراع المتتالية حتى انتخاب الرئيس الأنسب لخير البلاد واللبنانيّين. فمن أجل هذه النيّة نصلّي، ومن أجل السلام العادل والشامل في سوريا، ومن أجل جعل وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان سلامًا دائمًا وعادلًا وشاملًا".
وتناول ميتروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة في عظته أمس الذكرى ال19 لاستشهاد جبران تويني فقال: "لَقَدْ مَرَّتْ مُنْذُ يَومَيْن الذِكرى التاسِعَةَ عَشْرَةَ لاغْتِيالِ جبران تويني المُناضِلِ مِنْ أجْلِ وَطَنٍ الحُرِّيَّةُ فيهِ مُصانَةٌ، والعَدالَةُ سَيِّدَةٌ، والكَلِمَةُ فاعِلَة. جبران نادى بالحُرِّيّةِ لِلْجَميع. حَلُمَ بِمُسْتَقْبَلٍ واعِدٍ لِبَلَدِه. حارَبَ الظُلْمَ والإسْتِعْبادَ ووَقَفَ في وَجْهِ الطُغاةِ إلى أنْ أزالوه. لَكِنَّ صَوْتَهُ ما زالَ يَرِنُّ في الآذان، وكَلِماتُهُ تَتَرَدَّدُ في الضَمائِرِ الحَيَّة، فيما الطُغاةُ فَرُّوا، وتَماثيلُهُم هَوَتْ، وسُجونُهُم فُتِحَتْ ولَعْنَةُ شُعوبِهِمِ سَتُلاحِقُهُم إلى الأبَد. وَحْدَهُ الحَقُّ يَدوم. فَهَلْ مَنْ يَعْتَبِر؟".