الانتخابات النيابية المبكرة في لبنان... ممكنة دستورياً ومتعثرة سياسياً
الاحداث - كتبت بولا أسطيح في صحيفة الشرق الاوسط تقول:"في ظل التعثر المتواصل في حل الأزمة الرئاسية اللبنانية وعدم وصول النقاشات بين القوى السياسية حتى الساعة إلى تفاهمات تسبق جلسة الانتخاب التي دعا إليها رئيس المجلس النيابي نبيه بري في 9 يناير (كانون الثاني) المقبل، طرح رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع اقتراحاً للخروج من المأزق يقول بالدعوة لانتخابات نيابية مبكرة، علماً بأن آخر انتخابات حصلت عام 2022، وبالتالي موعد الانتخابات المقبلة هو في عام 2026.
وفي حديث تلفزيوني، قال جعجع: «تمنياتي أن يكون هناك رئيس في 9 كانون الثاني، لكن إحساسي أن عدداً من الكتل يخوض الأمور كما في السابق، بما لا ينتج رئيساً للجمهورية. وأمام هذا الواقع، لا أطرح ولا أطلب، لكن يجوز التفكير بانتخابات نيابية مبكرة، فإذا كان المجلس النيابي، ما زال (مجلس الـ2022 فقط)، فكيف يمكن مواجهة الوضعية الجديدة بمجلس (عتيق)».
وكان نائب رئيس مجلس النواب اللبناني إلياس بوصعب اقترح على برّي في يونيو (حزيران) 2023، إجراء انتخابات نيابية مبكرة في حال لم يتمكّن المجلس من انتخاب رئيس للجمهورية، إلا أن أياً من القوى السياسية لم تلاق في وقتها طرح بوصعب.
الأمر متاح دستورياً
دستورياً، يمكن إجراء انتخابات نيابية مبكرة؛ إما من خلال حل المجلس النيابي، وإما من خلال تقصير ولاية المجلس الحالي.
ويشير الخبير الدستوري المحامي الدكتور سعيد مالك إلى أن «حل مجلس النواب الحالي بحاجة لوجود رئيس للجمهورية، وتوافر شروط غير متوافرة منصوص عليها في المواد: 55 و65 و77 من الدستور، لكن ما يمكن الذهاب إليه هو تعديل قانون الانتخابات النيابية الذي ينص في مادته الأولى على أن ولاية المجلس 4 أعوام، وبالتالي يمكن باقتراح قانون معجل مكرر يُقَرّ بغالبية عادية، أن يُصار لتقصير ولاية المجلس الحالي استثنائياً لمدة 3 أعوام، فتجرى الانتخابات الربيع المقبل». ويضيف مالك في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «كما هو معلوم، فإن من أولى مهام مجلس النواب راهناً انتخاب رئيس للجمهورية، وبالتالي في حال عجز هذا المجلس عن إنجاز هذا الاستحقاق، يُفترض أن نفكر وبشكل جدي بإمكانية الذهاب إلى انتخابات نيابية مبكرة من أجل إنتاج مجلس نيابي جديد يقوم بهذه المهمة».
تعثر سياسي
وإن كان طريق هذا الطرح مُعبّداً دستورياً فإنه، وفق المعطيات الراهنة، غير سالك سياسياً؛ فجعجع يعول من خلاله لتغييرات في التوازنات البرلمانية على التطورات الكبيرة التي يشهدها لبنان والمنطقة، وخاصة مع تراجع الدور الإيراني إلى حدوده الدنيا، إلا أن معظم القوى الأخرى لا ترى مصلحة لها فيه راهناً، ولن تعطي رئيس «القوات» ورقة تخدم مصالحه.
ويبدو موقف «الثنائي الشيعي» أقرب لرفض الاقتراح. وتكتفي مصادره بالقول لـ«الشرق الأوسط»: «نحن لم نستطع تنظيم انتخابات بلدية، فكيف الحال إذا كنا بصدد انتخابات نيابية مبكرة؟!».
موقف «الوطني الحر»
أما عضو تكتل «لبنان القوي»، النائب جيمي جبور، فرد على الاقتراح متسائلاً: «هل انتصار (هيئة تحرير الشام) (في سوريا) هو وضعية جديدة للبنان توجب انتخابات نيابية مبكرة؟ وهل البعض يستدرج وصايات جديدة؟».
ويضيف جبور في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «سوريا خرجت من لبنان قبل عشرين عاماً، وتأثير نظامها تلاشى تدريجياً منذ ذلك الحين حتى أضحى هذا التأثير يساوي صفراً قبل سقوط النظام، لذلك نرى أن القواعد الدستورية تستوجب انتخاب رئيس أولاً، وتشكيل حكومة شرعية تدير البلد في ظل تحديات إعادة الأعمار وتطبيق التفاهمات الجنوبية، إضافة إلى إعادة النازحين السوريين»، مذكراً بأن «الانتخابات النيابية أصلاً ليست ببعيدة، وكل من يعوّل على وضعيات جديدة قد تحسن ظروفه الشعبية، فإن باستطاعته فعل ذلك بحينه».
لا تغيير بالتوازنات؟
ولا يبدو عضو تكتل «الاعتدال الوطني» أحمد الخير متحمساً للطرح؛ إذ يرى أن «أي انتخابات مبكرة لن تغير في التوازنات النيابية لجهة تغليب كفة طرف على حساب الطرف الآخر».
وقال الخير في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «أصلاً ما بقا محرزة»؛ لأن صفة المبكرة لم تعد تنطبق على أي انتخابات؛ لأن الوقت الذي يفصلنا عن موعد الانتخابات الدستوري هو سنة ونيف. لذلك، موقفنا منذ البداية، كان ولا يزال، أن الطرح الذي يجب أن نركز كل جهودنا عليه في الوقت الفاصل عن جلسة 9 كانون الثاني، هو طرح التوافق الوطني، فطريقه سالك، وهو وحده الكفيل بانتخاب رئيس للجمهورية».
مرتبط بتعديل قانون الانتخاب
من جهته، يربط عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي»، النائب الدكتور بلال عبد الله، الموافقة على الطرح بتعديل قانون الانتخابات. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «لا مانع بالسير بهكذا اقتراح إذا كانت هناك إمكانية لتعديل قانون الانتخاب؛ لأنه إذا كان المطلوب إعادة تكوين السلطة بضوء الزلزال الذي حصل في لبنان والمنطقة، فنحن لا نعارض إجراء انتخابات مبكرة على قاعدة تعديل النظام الانتخابي الطائفي المقيت الذي أعادنا 50 عاماً إلى الوراء».