لم يحمل تحديد موعد الانتخاب حلّاً
الاحداث- كتبت روزانا بو منصف في صحيفة "النهار" تقول:"يجري التداول بلائحة من خمسة مرشحين للرئاسة يتردّد أن الخارج المؤثر ولا سيما فرنسا عبر الزيارة الأخيرة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للمملكة العربية السعودية، تدفع في اتجاهها على رغم أن الأزمة السياسية الداخلية في فرنسا أثارت تساؤلات عن الزخم الذي تستمر فرنسا في اعتماده في ظلّ الصعوبات الداخلية التي يواجهها ماكرون وما إن كان ذلك يمكن أن ينجح أم لا، علماً بأن ثمة معطيات تفيد على نحو مسبق بعدم الرغبة في إتاحة المجال أمام فرنسا لكي تكون لها اليد العليا في انتخاب المرشح الرئاسي الذي تسهم في تزكيته خصوصاً أنها تعمل على خط تزكية اسم رئيس الحكومة العتيد في الوقت نفسه.
وهذا يحصل في الكواليس ولو أنه لا يجري تداوله علناً، فيما ينقل مطلعون عن رئيس مجلس النواب نبيه بري لائحة من ثلاثة أسماء يعتقد سياسيون كثر أنه سينجح في تمرير أحدهم بناءً على اعتبارين، الأول حيازته تأييداً من سفراء دول الخماسية الذين ارتاحوا لطمأنتهم بجلسة حاسمة في 9 كانون الثاني فيضمن فيها 65 صوتاً لمرشحه، فيما الخارج تعب من لبنان. والأمر الآخر أن من غير المقبول أن يتم القبول بمرشح يظهر فيه أن الثنائي الشيعي خسر بقوة على كلّ الجبهات. ومن هذه الزاوية تثار إطاحة الثنائي لاحتمال انتخاب قائد الجيش العماد جوزف عون فيما الذريعة أن إحدى القوى المسيحية الممثلة بالتيار الوطني الحر ترفض انتخاب الأخير وفق ما أعلنت، كما تطيير احتمال انتخاب الوزير السابق جهاد أزعور على رغم أنه من الذين يملكون علاقات دولية واسعة تساعد لبنان فضلاً عن خلفيته الاقتصادية.
وهناك مقدار كبير من التشاطر على خلفية الحؤول دون تغيير المعادلات الداخلية بانتخاب الرئيس العتيد وإبقاء القديم على قدمه، ومحاولة إقناع الخارج بأن هذا ما يصلح للبنان بحكم الاعتبارات السياسية وتوازنات الطوائف.
المأساة التي يواجهها لبنان راهناً أن زلزالين كبيرين حصلا في أقل من شهر بين اتفاق وقف النار الذي سلّم فيه الثنائي الشيعي بما لم يكن ممكناً تخيّله في أيّ وقت سابق وقد يئس اللبنانيون من إمكان إنهاء هيمنة سلاح "حزب الله" وسيطرته على القرار الداخلي على غير ما كانت الحال بالنسبة إلى السيطرة السورية باعتباره فريقاً داخلياً لا يمكن إزالته كما حصل بالنسبة إلى انسحاب القوات السورية من لبنان، فيما التطورات الأخيرة التي حصلت بفعل دخول الحزب الحرب مساندة لغزة قد أتاحت الوصول إلى واقع جديد مختلف كلياً ولو أن ثمة مكابرة في الاعتراف بتداعياته.
والزلزال الآخر الذي لا يقلّ أهمية كان انتهاء نظام بشار الأسد في سوريا ومعه على نحو لا يقلّ أهمية انتهاء الوجود الإيراني في سوريا على نحو لم يكن يمكن تخيّله أيضاً في أي سيناريوات سياسية محتملة. هذه المأساة تتمثل في أن أهل السلطة في لبنان لم يرتقوا إلى مستوى المرحلة الخطيرة وأحداثها وتداعياتها فيما يواصل الممسكون بها تنفيذ أو صياغة الأمور كما لو أن شيئاً لم يحصل لا في لبنان ولا في المنطقة على خلفية business as usual.
لم يحصل اجتماع واحد يشير إلى وعي خطورة التطورات ولا بدا أن هناك مراجعة أو مقاربة مختلفة عمّا سبق هذين الزلزالين إن على صعيد طبيعة المداولات حول الرئاسة أو حول هوية المرشحين الذين، على رغم الاحترام لكل شخص منهم، فإن بازار التداول بأسمائهم لا يبدو أنه حول إنقاذ لبنان أو حول أهمية شخصية الرئيس في المرحلة المقبلة بمقدار ما هو حول مراعاة عدم ظهور طرف بموقع الخاسر في مقابل الآخر الرابح والاستمرار في الهيمنة بمعنى اقتطاع أو ضمان أكبر حصة لكل طرف في الرئيس العتيد الذي سيكون مطلوباً منه المحافظة على الواقع كما هو، كأنما لا درس يمكن أن يتعظ به أحد من دروس المنطقة ولا همّ سوى المصالح الشخصية أو السياسية المباشرة.
وذلك فيما تحاول تصريحات إيرانية أن تخفف من وطأة تداعيات سقوط نظام بشار الأسد بتأكيد استمرار دعم إيران الحزب من دون مراعاة الحدّ الأدنى من سيادة لبنان أي من دون ورقة توت تخفي ذلك، ومن دون مراعاة حجم الكارثة التي تسبّب بها ما سُمي "وحدة الساحات" لمحور إيران على لبنان فيما الأخير لم يخرج من تداعياتها بعد.
لم يحمل تحديد موعد انتخاب رئيس للجمهورية حلاً حول هوية الرئيس العتيد. والآمال ضعيفة باختيار من يمكنه إنهاض لبنان وقيادته في مرحلة التحولات الإقليمية أقله وفق المعطيات الراهنة.