لبنان يتحوط للانهيار المذهل للنظام السوري... و"حزب الله" يتلقى الضربة الاستراتيجية الثانية
الاحداث- كتبت صحيفة "النهار" تقول:"يبدو لبنان من اكثر دول المحيط السوري اهتماما وترقبا وتحوطا لتداعيات الحدث السوري المتدحرج والذي بات يخطف أنظار العالم بأسره بفعل الانهيار السريع القياسي للجيش السوري امام تقدم صاعق للفصائل المعارضة التي تساقطت تحت هجماتها كبريات مدن سوريا من حلب إلى حماه الى حمص على نحو مذهل . وإذ أرغم هذا الحدث لبنان على اتخاذ إجراءات استثنائية على حدوده الشرقية والشمالية البرية مع سوريا في وقت أمعنت فيه إسرائيل في الإغارة على الجانب السوري من المعابر الشمالية ، ارتسمت مع الانهيار الواضح والمتسارع المتدرج للنظام السوري كما يبدو من التراجعات الضخمة لقواته العسكرية صورة ذات طابع استثنائي تاريخي قد تكون المنطقة امام تداعياتها الكبيرة اذا مضت الأمور نحو اسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد ، الاحتمال الذي صار واردا بكل قوة واقرب من أي وقت مضى . الإسقاط المرجح او المحتمل للنظام السوري سيرسم الكثير مما يصعب إبرازه من التداعيات الان قبل التيقن من مسار التطورات الجارية في سوريا. ولكن من ابرز التداعيات الفورية التي بدأت تترجم على الأرض قطع وسائل التواصل الميداني بين "حزب الله" وقوات النظام عبر الغارات الإسرائيلية على المعابر البرية كما عبر السيطرة الكاملة للمعارضين على معظم المناطق السورية وتهديدهم النظام في قلب دمشق وما تبقى لجيشه من سيطرة ؟
هذا التطور يقود إلى الأعمق في معادلة تحالف "حزب الله" مع نظام بشار الأسد واثار انهيار النظام على ما تبقى من قدرات الحزب اذ يشكل هذا الانهيار الضربة الاستراتيجية القاصمة الثانية للحزب بعد الضربات الكبيرة التي أصابته جراء الحرب الإسرائيلية عليه بما يثير التساؤلات الكبرى عن مصيره كلا بعد هذين الزلزالين.
وفي غضون ذلك تعقد جلسة خاصة لمجلس الوزراء، عند التاسعة والنصف من صباح اليوم في ثكنة بنوا بركات في صور ، "للبحث في خطة تعزيز انتشار الجيش في منطقة جنوب الليطاني، بالإضافة إلى البحث في الترتيبات والإجراءات المتعلقة بعملية مسح الأضرار ورفع الأنقاض لإعادة إعمار ما تهدّم جراء العدوان الإسرائيلي على لبنان"كما أعلنت رسميا الأمانة العامة لمجلس الوزراء .
اذا وجد لبنان نفسه بين استحقاقي متابعة مجريات الجنوب والتحوط لأحداث سوريا ، وضمن إطار متابعة تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، جال رئيس لجنة الإشراف الخماسية الجنرال الأميركي جاسبر جيفيرز والجنرال الفرنسي غيوم بونشان والعميد الركن إدغار لاوندس قائد قطاع جنوب الليطاني، بالطوافة فوق قطاع جنوب الليطاني للاطّلاع على الواقع الميداني، على ان تعقد اللجنة اجتماعها الأول مطلع الأسبوع المقبل بحسب ما اعلنت قيادة الجيش.
وكان الطيران الحربي الإسرائيلي، شن فجر امس سلسلة غارات استهدفت معابر العريضة، والعدرا في ربلة، وجوسيه، تزامناً مع غارات إسرائيلية استهدفت نقاطاً في الشريط الحدودي في القصير في ريف حمص حيث انفجر صاروخ اعتراضي فوق بلدة جديدة القيطع- عكار.
وعلى الاثر، اعلنت المديرية العامة للأمن العام في بيان أنه نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة التي استهدفت المعابر الحدودية البرية، لاسيما في الشمال، قررت المديرية إقفال هذه المعابر حتى إشعار آخر، حفاظاً على سلامة العابرين والوافدين. على ان يبقى معبر المصنع الحدودي متاحا امام حركة الدخول والخروج، خصوصا للرعايا السوريين، وفقاً للإجراءات الاستثنائية الموقتة والتعليمات المعممة سابقا".
ولاحقاً، أقام الجيش اللبناني حواجز ودوريات واتخذ اجراءات مشددة وسط انتشار مكثف على طول المناطق الحدودية في عكار.
وفي السياق، أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي ان الطائرات الحربية لسلاح الجو شنت خلال الليلة الماضية غارات استهدفت محاور نقل وسائل قتالية وبنى تحتية إرهابية بالقرب من المعابر الحدودية التابعة للنظام السوري بين سوريا ولبنان تم استخدامها لنقل وسائل قتالية إلى منظمة حزب الله الارهابية". وقال "تعتبر هذه الغارات خطوة إضافية لاستهداف قدرات الوحدة 4400 وحدة التسلح التابعة لحزب الله والمسؤولة عن نقل الأسلحة المخصصة لتنفيذ مخططات ارهابية ضد الجبهة الداخلية الاسرائيلية وقوات جيش الدفاع".
الرؤساء السابقون
على الصعيد السياسي عقد الرؤساء السابقون أمين الجميل وميشال سليمان وفؤاد السنيورة، اجتماعا في منزل سليمان في اليرزة، وتم التداول في مجمل التطورات الحاصلة، ولاسيما في أعقاب الاعتداءات الإسرائيلية الدموية والمدمرة الأخيرة، وصدور بيان التفاهمات والترتيبات لوقف الأعمال العدائية، وفي ضوء التطورات الخطيرة الجارية في سوريا، وتأثيرات وانعكاسات كل ذلك على الأوضاع الداخلية في لبنان. وشدد الرؤساء الثلاثة السابقون في بيان اصدروه على ما يلي :
"أولا: أهمية تعزيز وحدة اللبنانيين وتضامنهم من أجل تحقيق إنقاذ لبنان.
ثانيا: إدراك أهمية ما يواجهه لبنان بأكمله من تحديات خطيرة، وما يعنيه ذلك من مهمات تقع على عاتق الجيش اللبناني والقوى الأمنية اللبنانية في الجنوب اللبناني، وفي باقي المناطق اللبنانية، ولاسيما في ضوء ما ترتبه التفاهمات الأخيرة لتطبيق القرار 1701، والقرارات الدولية ذات الصلة على مساحة الوطن، وما يستدعيه ذلك من تشديد على أهمية تعزيز قدرات الجيش اللبناني ورفع جهوزيته وجهوزية القوى الأمنية للقيام بالمهمات الكبرى المناطة بها، بما في ذلك ضرورة استدعاء الاحتياط من أجل الحفاظ على الأمن في الداخل اللبناني وعلى الحدود.
وأكدوا ضرورة المسارعة لتأمين جميع المستلزمات من عدة وعتاد ودعم معنوي ومادي ليتمكن الجيش والقوى الأمنية اللبنانية من تأدية واجباتها الوطنية والأمنية.
ثالثا: ضرورة المسارعة إلى ضبط كامل الحدود اللبنانية وتعزيز الأمن والاستقرار الداخلي أينما كان والحؤول دون حصول أي تورط في الأحداث الجارية في سوريا الشقيقة، وذلك لحماية لبنان واللبنانيين من أي تداعيات سلبية قد تنجم عن ذلك.
رابعا: أهمية الحفاظ على الاستقرار في الداخل اللبناني والالتزام بالموعد الذي حدده الرئيس نبيه بري لعقد جلسة مجلس النواب وانتخاب الرئيس العتيد، وبما يعني الحؤول دون أي أعذار من أي نوع كان للتأجيل أو الإعاقة، وذلك من أجل البدء باستعادة تكوين المؤسسات الدستورية وفي مقدمها تأليف الحكومة الجديدة".