من الصحف

براغماتية جنبلاط ومبدئية جعجع تلتقيان على نزع الصواعق

الاحداث- كتب رضوان عقيل في صحيفة النهار يقول:" ليس تفصيلاً مشاهدة الصورة التي ستجمع النائب السابق وليد جنبلاط والدكتور سمير جعجع نظراً إلى ما ستخلفه لا على مستوى جمهور الاثنين فحسب بل على امتداد المشهد السياسي في البلد الغارق في بحر من الانقسامات.

في لحظة سياسية وأمنية تهدّد لبنان أظهر جنبلاط وجعجع في حديثيهما الأخيرين لـ"النهار" تباعاً أنهما على استعداد لحصول لقاء ورفع الحواجز بينهما ووضع كل ما يقلقهما على المستوى الوطني وعرضه على طاولة التشريح إلى جانب التوافق عند هواجس الجهات الأخرى في البلد اي الشيعة والسنة، وينطلقان من مسلّمة أن أي أزمة تواجه أي طرف تؤدي ارتداداتها إلى إصابة الجميع.

وبعد رسالة جنبلاط واستعداده للقاء جعجع سواء في معراب أو غيرها يبادله رئيس "القوات اللبنانية" التحية بنفسها مع إبداء حماسة لحصول اللقاء، علماً بأن العلاقات بين نوابهما لم تنقطع. ولم يخف جنبلاط "غمزاته" السياسية في بعض تصريحاته في التصويب على معراب، ولا سيما عندما سمع من جعجع أنه يمكن انتخاب رئيس من دون النواب الشيعة، علماً بأن الأخير أوضح هذه النقطة من الناحيتين الدستورية والعملية.

ويعمل "جهاز التحسس" عند جنبلاط على مدار الساعة وخصوصاً في هذا التوقيت ولذلك يتلاقى مع كل القوى نظراً إلى طبيعة المرحلة وأخطارها. ويقول النائب هادي أبو الحسن لـ"النهار" إن "ما يقدم عليه وليد بيك ينطلق من محاولته إيجاد أرضية مشتركة حجر أساسها تأكيد الطائف وثوابته من السير باللامركزية الإدارية الموسعة وغيرها".

ويؤكد أبو الحسن أهمية تلاقي جنبلاط وجعجع حيال الطائف، ولا سيما بعد كلام الشيخ نعيم قاسم وقبله النائب جبران باسيل في هذا الخصوص "ولا حاجة هنا لتأكيد تمسك الرئيس نبيه بري والطائفة السنية بالطائف".

وتنبع أهمية اللقاء المنتظر بين أكبر زعيمين عند الدروز والمسيحيين من الحاجة إلى مقاربة اليوم التالي عند توقف آلة الحرب الإسرائيلية والتوصل إلى وقف إطلاق النار وتطبيق القرار 1701. ولا يخفيان الحاجة هنا إلى إجراء معاينة دقيقة لهواجس المكونات الطائفية في البلد، ولا سيما في ظل ما تتعرض له الطائفة الشيعية اليوم. 

ومن المؤكد بحسب معطيات جنبلاط وجعجع أنهما سيركزان على ثابتة التطرق إلى كل المواضيع الشائكة تحت سقف الطائف. وسيحضر بالطبع موضوع العلاقات بين طائفتيهما لكنهما في الوقت نفسه سيشددان على العلاقات مع البعد الوطني مع بقية الطوائف لخلق أكبر مساحة من الاطمئنان والعمل على محاولة إعادة جمع حقيقية بين اللبنانيين.

وفي توقيت هذا اللقاء لا يخفى أن ثمة كيمياء مفقودة بينهما ترجع إلى جملة من الأسباب ولا تعود فقط إلى رواسب حرب الجبل ولو أنهما تجاوزا هذا الأمر عند تلاقيهما إبان قمة صعود قوى 14 آذار وتجاوزهما ما خلفته في شخصية كل واحد منهما من خلال علاقتهما بـ"الحركة الوطنية" و"الجبهة اللبنانية" في عز سنوات الحرب وهما جاءا من مدرستين مختلفتين في المسار والرؤية. وإن كان جنبلاط يمارس سياسة براغماتية تلاقي مصلحته فإن جعجع يتمسك بمبدئية لا يحيد عنها بسهولة ولو أنها كبّدته الكثير من الخسائر في أكثر من محطة له، وهو يرى ما أن يتخذه من قرارات يقوم على جملة من المبادئ والثوابت التي يؤمن بها.