من الصحف

بري أنجز مع هوكشتين «صياغة تلبّي مصالح لبنان»: اتفاق وقف الحرب بيد نتنياهو

الاحداث- كتبت صحيفة "الأخبار" تقول:"ما يجري في الميدان يعكس إلى حد بعيد مسار المفاوضات السياسية التي تكثّفت مع بدء الموفد الرئاسي الأميركي عاموس هوكشتين محاولته «الأخيرة» من بيروت، قبل أن ينتقل «في أي وقت» إلى تل أبيب. وفي مقابل «الصمت الرسمي» السائد في كيان الاحتلال، كثّف جيش العدو هجماته ليلاً، تحديداً على مدينة الخيام، لتطويقها تمهيداً لدخولها، وهي محطة مفصلية ستكون لنتائج المعركة آثار على موقف إسرائيل من مشروع التسوية السياسية.

بعبارة «الحل أصبح قريباً»، اختصر هوكشتين نتائج ساعتين من المحادثات في عين التينة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي علّق بأن «الأمور ماشية من صوبنا، وهناك عمل إضافي يتعلق بالصياغة». وهو ما فسّر تمديد هوكشتين إقامته في بيروت، حيث التقى ليلاً المستشار الإعلامي لرئيس المجلس علي حمدان، على أن يزور تل أبيب خلال الساعات الـ36 المقبلة.

وليلاً، صدرت تسريبات إضافية عن اجتماعات السفارة الأميركية، حيث كان حمدان على اتصال دائم مع رئيس المجلس، كما جرى استمزاج آراء خبراء قانونيين بشأن بعض المصطلحات المتعلقة بالاتفاق، من بينها نقطة حساسة تتعلق بفقرة الحدود بين لبنان وإسرائيل، وسط خشية لبنانية من العودة إلى ما قبل الخط الأزرق، إذ تسعى إسرائيل إلى تثبيت الوضع القائم حالياً لجهة تركها بعض النقاط واحتفاظها بأخرى، واعتبار الخط الأزرق حدوداً دائمة. كما شملت الصياغة البند المتعلق بلجنة المراقبة للقرار وكيفية إشراك الجانبين الأميركي والفرنسي في اللجنة إلى جانب لبنان وإسرائيل وقوات الأمم المتحدة.

‏ونقلت قناة «سكاي نيوز» الإماراتية عن مصادر لبنانية أن الجانب الأميركي «يطالب بأن يكون انتشار الجيش على الحدود في ثكن وتجمعات عسكرية وليس كما هو الآن حيث يقتصر الانتشار على بضع نقاط مراقبة وعدد قليل من الجنود». وأضافت أن «الصيغة الأميركية بشأن تفكيك بنى حزب الله التحتية لم تكن واضحة، ولبنان يحبّذ استخدام الصيغة نفسها الواردة في القرار 1701، وأن الجانب اللبناني يطالب بتوضيح الصيغة المتعلقة بكيفية تفكيك البنى التحتية لحزب الله جنوب الليطاني». كما أشارت إلى أنّ «من النقاط العالقة التي تتم معالجتها مسألة لجنة المراقبة، ولبنان يبدي مرونة بشأن إشراك بريطانيا فيها بعد ضغط أميركي».

وفي ما يتعلق بالبند الخاص بالدفاع عن النفس، نقلت القناة أن «الصياغة الجديدة تفيد بأن لكل طرف حق الدفاع عن النفس إذا اعتُدي عليه، على أن تضمن الولايات المتحدة عدم إقدام إسرائيل على تنفيذ ضربات استباقية، وهذا ما سمح بتجاوز الخلاف بشأن البند الذي كان يذكر أنه يحق لكل طرف الدفاع عن نفسه».

وكان هوكشتين أكّد بعد لقاء بري أنّ «الاجتماع كان بنّاءً للغاية ونحن أمام فرصة حقيقية للوصول إلى نهاية للنزاع، وهذه لحظة اتخاذ قرار، والنافذة مفتوحة الآن». ولاحقاً، نُقِل عن بري أن «الوضع جيد مبدئياً»، موضحاً أمام زواره أن ما تبقّى لإنجازه هو «بعض التفاصيل»، مشيراً إلى أن ممثّلاً عنه وآخر عن الأميركيين سيلتقيان لمناقشة بعض التفاصيل التقنية والبتّ فيها، قبل الانتقال إلى المرحلة التالية التي ستكون بمغادرة هوكشتين إلى إسرائيل، «وننتظر ما سيحمله من هناك». وكرّر بري الكلام نفسه مساء أمام زواره، مشيراً إلى أن «جولة هوكشتين هي الأخيرة ولن تكون هناك جولة أخرى»، مع الإشارة إلى أن «المفاوضات هذه المرة تستند إلى شيء، بانتظار الجواب الإسرائيلي». وأكّد بري أن «الضمانات في ما يخص الموقف الإسرائيلي هي على عاتق الأميركيين». وعمّا إذا كانت المسوّدة التي يجري البحث فيها قد نوقشت مع الإسرائيليين، أجاب بري: «هوكشتين يقول إنه نسّق مع الإسرائيليين في ما يخص المسوّدة».

ومن عين التينة انتقل هوكشتين إلى منزل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وعُقد اجتماع غير طويل بحضور وزير الخارجية عبدالله بوحبيب والسفيرة الأميركية ليزا جونسون. وصدر بعد الاجتماع بيان عن ميقاتي أكّد فيه أن «الأولوية لدى الحكومة هي وقف إطلاق النار والعدوان على لبنان وحفظ السيادة اللبنانية على الأراضي اللبنانية كافة، وكل ما يحقق هذا الهدف له الأولوية».

أما حزب الله فقد واصل صمته، وأجّل الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم كلمة كانت مقرّرة له عصر أمس إلى وقت لاحق، فيما قال نائب رئيس المجلس السياسي للحزب محمود قماطي لقناة «الجزيرة» إن الحزب لن يتعاطى إعلامياً مع ملف المفاوضات، وإنه لا يهتم بغير أمور الميدان، داعياً إلى الحذر بسبب تجارب الفلسطينيين في المفاوضات مع إسرائيل التي كانت تنسف أي اتفاق في اللحظة الأخيرة.

وقالت مصادر مطّلعة لـ«الأخبار» إن «التفاهم قائم حول كل البنود المذكورة في المسوّدة، وإن البحث القائم حالياً، يتعلق بإشكالية واحدة تتصل بالحدود وهي عقدة العقد، وكان معروفاً منذ وصول المسوّدة إلى بيروت أنها ستكون العقبة الرئيسية في الاتفاق».

وأضافت المصادر أن هناك «تكتماً شديداً حول تفاصيل هذه النقطة بالذات»، ومن غير المعروف ما إذا كانت تتصل بالنقاط الـ 13 المتنازع عليها والتي ينص القرار 1701 على الانسحاب منها. وفي هذا السياق، كانَ لافتاً بيان تكتل «لبنان القوي» أمس، الذي أشار في أول فقرة منه إلى «مسؤولية لبنان بألّا يتنازل عن أي مستوى من مستويات السيادة ولا سيّما ما يتصل بالحدود البريّة المُرسّمة أصلاً منذ عام 1923 بحسب اتفاق بوليه – نيوكمب»، متخوّفاً من عدم وجود أي نيّة إسرائيلية لوقف الحرب.

 

تفاؤل في بيروت وتشاؤم في تل أبيب… وبري يحسم: «من صوبنا كل شي خلص»

وفي تل أبيب، كانت الصورة «غامضة إلى حدود كبيرة»، إذ لم يُسجّل أي موقف لرئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو، ولا حتى تسريبات من جانب الجيش والمؤسسة الأمنية، لكنّ وسائل الإعلام، التي لم تهتم بالموضوع كثيراً بخلاف المرات السابقة، تولّت بث أجواء متشائمة. فيما أشارت «القناة الـ12» العبرية إلى أن الأميركيين «يظهرون جدية بالغة في التوصل إلى اتفاق، ويؤكدون أن هناك تنسيقاً بين إدارة الرئيس جو بايدن والرئيس المنتخب دونالد ترمب، وكلاهما مصمّم على التوصل إلى اتفاق. وأبرز الأدلة على ذلك قرارهما وضع جنرال أميركي على رأس لجنة المراقبة. إلا أن إسرائيل تشكك في ذلك. وتعتقد بأن «حزب الله يناور ولن يقبل بالشروط الإسرائيلية».

لكن، كانت لافتة تصريحات رئيس الاستخبارات العسكرية السابق اللواء عاموس يدلين بأن «هناك تقدماً كبيراً»، وذلك بعد عودته من واشنطن حيث «عقد لقاء شخصياً مع هوكشتين قبل أيام». وقال يدلين إن «الاتفاق مع لبنان يتقدم بشكل كبير، وليس مستبعداً أن يُعلن إنجازه نهاية هذا الأسبوع». وأضاف: «الأمر الأهم هو أن الاتفاق بيننا وبين واشنطن حول الضمانات الأميركية بات جاهزاً. وإذا تم اتفاق في بيروت فسيتم توقيعه والانطلاق إلى التنفيذ».

لكنّ صحيفة اليمين «يسرائيل هيوم» نقلت عن مصدر سياسي إسرائيلي قوله إن «التوصل إلى اتفاق لن يكون في الأيام القريبة على ما يبدو». وكشفت «أن الجيش الإسرائيلي صادق على خطط أخرى لمهاجمة الضاحية الجنوبية لبيروت، وتنفيذ اغتيالات أينما يتاح في لبنان، حتى في بيروت الشرقية (ذات الغالبية المسيحية)، واستمرار استهداف مواقع حزب الله في جنوب لبنان».

وقال وزير المالية بتسلئيل سموتريتش إن «الاتفاق مع لبنان لا يساوي الورق الذي يُطبع عليه». وقال نتنياهو نفسه، خلال اجتماع الكابينت السياسي – الأمني، وكذلك أمام لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، إنه «ليس مهماً ماذا سيُكتب في الاتفاق، فالورقة هي مجرد ورقة وحسب».

من جهتها نقلت قناة «كان» عن مسؤولين أن «العقبة الرئيسية أمام اتفاق وقف إطلاق النار هي حرية عمل الجيش في لبنان»، مشيرة إلى أن «نقطة الخلاف الرئيسية حول التقدم في الاتفاق مع لبنان تتعلق بحرية عمل إسرائيل في لبنان في حال انتهاك الاتفاق».

ورغم بيان وزارة الخارجية الأميركية الذي أكّد «أننا حقّقنا تقدماً بشأن وقف إطلاق النار في لبنان لكن لا يمكن التنبؤ بموعد التوصل إلى اتفاق»، استمرت وسائل إعلام العدو في الترويج لأجواء متناقضة. فنقلت القناة 13 عن مصادر أنه «لم يتم الاتفاق حتى الآن على زيارة هوكشتين إلى إسرائيل بسبب الفجوات الكبيرة التي لا تزال قائمة بين إسرائيل ولبنان»، وأن «البند الذي لا يزال يشكل عائقاً أمام التوصل إلى اتفاق هو المطلب الإسرائيلي بحرية العمل في جنوب لبنان»، كاشفة أن «إسرائيل تطالب بوجود جنرال أميركي في لبنان ليكون عنواناً لشكاوى إسرائيل حول انتهاكات اتفاق وقف إطلاق النار»، لذا فإن «التقديرات في إسرائيل تشير إلى أن محادثات التسوية في لبنان ستستغرق وقتاً». ونقلت أيضاً عن الوزير أفي ديخهر أن «التفاؤل المفرط في ما يتعلق في لبنان خاطئ ويجب أن نواصل ضرب حزب الله».

وأشارت قناة «كان» إلى أن التقييم في المؤسسة الأمنية هو أن «حزب الله يعتزم تكثيف إطلاق الصواريخ، خاصة على وسط البلاد في الأيام القليلة المقبلة، كوسيلة للضغط من جانبه للتوصل إلى اتفاق في أسرع وقت ممكن».

 

عون يبحث مع هوكشتين حاجات الجيش لضمان خطة انتشار كاملة في الجنوب

اللقاء الرسمي الأخير للموفد الرئاسي الأميركي عاموس هوكشتين، أمس، كان مع قائد الجيش العماد جوزف عون، وناقشا فيه مسائل تتعلق بدور الجيش في الجنوب في المرحلة المقبلة. وقد عرض عون خطة أولية مُعدّة منذ أشهر للانتشار في الجنوب، كما عرض حاجات الجيش من دعم تسليحي ولوجستي ومالي للقيام بدوره.

وكانت الحكومة أقرت في 14 آب الماضي «موافقة مبدئيّة» على اقتراح الرئيس نجيب ميقاتي، تطويع 1500 عنصر جديد لصالح الجيش، ضمن خطة أعدّتها المؤسسة لتطويع 6 آلاف جندي، قبل أن تضع خطة لانتشارها.

وقالت مصادر قريبة من الجيش إن «خطة الانتشار لا تزال قيد الدرس، بانتظار القرار الذي ستبلغه الحكومة إلى قائد الجيش استناداً إلى الاتفاق الذي سيتم مع العدو الإسرئيلي عبر الأميركيين»، مشيرة إلى أن «خطة الانتشار مرتبطة بحدود التفويض الذي سيُعطى له». ولفتت المصادر إلى أن «الجيش لا يستطيع صياغة خطة من دون معرفة حدود هذا التفويض ومعرفة ما إذا كان المطلوب منه الدخول إلى جنوب الليطاني وإقامة مراكز له، أم القيام بمسح كامل للمنطقة»، مضيفة أن «قيادة الجيش قررت خطة تطويع ما يقارب 5000 جندي إضافي، لكنّ الأمر مرهون بالقرار السياسي».

وأضافت المصادر أن «قائد الجيش ينتظر أن تحدد الحكومة عنوان هذا الانتشار، وهل يقتصر على تثبيت الأمن وضبط الوضع على الحدود أم يتجاوز ذلك؟ وهل سيحصل الانتشار بشكل تدريجي وبطريقة مدروسة وعلى «الناعم»؟ ونقلت المصادر أن «قائد الجيش يدرك حساسية الوضع جيداً، ويعلم أنه يجب أن يكون حذراً في التعامل مع الواقع على الأرض والناس، ولن يجتهد من نفسه إلا بناءً على قرار الحكومة الذي سيكون منسّقاً حتماً مع الفريق السياسي المعني وهو حزب الله وحركة أمل».

ولفتت المصادر إلى نقطة مهمة ناقشها قائد الجيش مع الرئيسين بري وميقاتي تتعلق بالفراغ الذي سيتركه الجيش في الداخل، إذ إن هناك نقاطاً ينتشر فيها أمنياً بسبب غياب الأجهزة الأخرى، سيكون مضطراً إلى إخلائها.

يشار إلى ان رئيس الحكومة ينتظر نقاشاً مع وزير الداخلية القاضي بسام المولوي والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان لتعزيز وحضور قوى الأمن الداخلي، خصوصاً في الأماكن التي قد يخليها الجيش، علماً أن قوى الأمن تطالب بدورها بتطويع عناصر وبزيادة موازنتها لتلبية حاجات العسكريين.