فرصة ذهبية لتقويض ميليشيات إيران في المنطقة
الاحداث- كتب علي حمادة في صحيفة النهار يقول:"شكّل نجاح إسرائيل في توجيه ضربات قاتلة لذراع إيران في لبنان، أي "حزب الله"، مفاجأة كبيرة للإقليم والمجتمع الدولي، تمثلت بمجموعة اغتيالات لأهم القادة من الصفّين الأول والثاني في قيادة الحزب المذكور، وعلى رأسهم الأمين العام السابق للحزب السيد حسن نصر الله، ثم خليفته رئيس المجلس التنفيذي هاشم صفي الدين، فضلاً عن العشرات من قادة الميدان في كل مكان من الخريطة اللبنانية.
بعد الضربات بدأ تقويض مقومات القوة التي كان يتمتع بها الحزب ضمن بيئته وفي الفضاء اللبناني العام. فلم يقتصر الاستهداف على التنظيم العسكري، بل تعداه إلى المستوى اللوجستي، والمالي، والإغاثي، والاستشفائي والاقتصادي عامة. ولعل المفاجأة التي نتحدث عنها كان مردها إلى أن التقديرات الدولية والإقليمية كانت تجهل مدى الاختراق الاستخباري الإسرائيلي لماكينة "حزب الله" وحجمه الحقيقي. من المؤكد أيضاً أن قيادة "حزب الله" لم تدرك حدود الاختراق الإسرائيلي إلى حد أنها مضت في حرب "الإسناد" التي باشرتها في 8 تشرين الأول (أكتوبر) من دون أن تعير أي أهمية للأصوات العديدة التي كانت تصدر عن أطراف داخلية وعربية دولية داعية الحزب إلى تجنب التورط في حرب مدمرة للبنان.
من المحتمل جداً أن الحسابات الخاطئة لكل من القيادة الإيرانية ومعها قيادة "حزب الله" في لبنان شجّعت الطرفين على ارتكاب الخطأ القاتل الذي منح إسرائيل، أولاً الذريعة الكاملة لتوجيه الضربة القاتلة، وسمح لها باستغلال قوتها الحقيقية المتمثلة بالتفوق الحاسم على المستوى الاستخباري الذي أخفته طوال هذه الأعوام، فيما كانت قيادة "حزب الله" تشبع جمهورها العريض في لبنان وخارج لبنان بسيل من الخطب المتضمنة تهديدات قائمة على تقديرات للقوة الذاتية غير واقعية، وتقديرات واهمة لقدرة إسرائيل على خوض أكثر من حرب على المدى الطويل.
والأهم أن التقديرات جانبت الواقع تماماً عندما أخفقت في قراءة مشهد ما بعد عملية "طوفان الأقصى" في الداخل الإسرائيلي ومدى التصميم على سحق حركة "حماس" ولو بقيت وحدها تقاتل في الميدان. أضف إلى ذلك أن تورط الحزب المذكور بشن حرب من جانب واحد على إسرائيل، أرادها محدودة ومضبوطة الإيقاع، سهّل أمام إسرائيل مهمة نصب فخ كبير جداً لأهم الأذرع الإيرانية في الشرق الأوسط والعالم وأخطرها على الإطلاق لناحية أنه مؤهل للقيام بعمليات إرهابية في كل مكان لحساب طهران. في مطلق الأحوال ارتكب الخطأ القاتل وتلقى "حزب الله" الضربة القاتلة التي لن يتمكن من التعافي منها قبل وقت طويل، هذا إذا لم يتعرض لتدمير لا عودة منه لمعظم قدراته العسكرية والأمنية بما يمكن أن يؤدي إلى انقلاب في المشهد اللبناني.
وقد يكون مجيء دونالد ترامب إلى البيت الأبيض عاملاً عظيم الأهمية في غير مصلحة مشروع الأذرع الإيرانية في الشرق الأوسط. فقاتل قائد "فيلق القدس" السابق قاسم سليماني لن يتوقف عند مقتل زعيم "حزب الله"، ولا عند مواصلة إسرائيل تصفية التنظيم على المستويات كافة نزولاً إلى الصفوف الدنيا منه. فتصفية التنظيم العسكري للحزب فرصة كبيرة لتقويض جزء مهم من نفوذ إيران، ويعتبر نوعاً من التضييق على مشروعها التوسعي في المنطقة العربية الذي صار يشكل تهديداً وجودياً لمختلف كيانات المنطقة.
ومن هنا، فإن ضرب الجهاز الأمني والعسكري لـ"حزب الله" توازياً مع هز استقرار البيئة الحاضنة على مختلف المستويات انطلاقاً من تدمير تمددها الديموغرافي، واقتصادها، ومؤسسات الحزب المذكور الاجتماعية والتربوية والاقتصادية التي تمنحه نفوذاً هائلاً في "بيئته الديموغرافية". ومن المهم بمكان فهم المرحلة الدولية الراهنة التي طرأ على جدول أعمالها بند تصفية "حزب الله" عسكرياً، وبالتالي إنهاء مرحلة "التجاور" الإيراني الإسرائيلي بشكل حاسم. استنتاجاً لقد تبين أن قوة "حزب الله" كانت مقتله!