من الصحف

هذه هي خطة إسرائيل لهزيمة "حزب الله" تحت النّار!

الاحداث- كتب فارس خشان في صحيفة النهار يقول:"تمهّد إسرائيل لإعادة غالبية سكّان الشمال إلى منازلهم التي تمّ إجلاؤهم عنها. تخطط لأن يحصل ذلك مع حلول الشهر الأوّل من السنة المقبلة!

وسمح الجيش الإسرائيلي للشركات المعنية بإعادة تأهيل البنية التحتية، بدخول عدد كبير من البلدات والقرى الشمالية، وعقدت قياداته اجتماعات عدة مع رؤساء البلديات المعنية وشرحت لهم الظروف الميدانية "المؤاتية"، وقام قائد الجبهة الداخلية رافي ميليو بزيارة عدد من السلطات المحلية في الشمال، وناقش مع ممثليها عودة الطلاب إلى المدارس، وذلك في أعقاب تخفيف القيود على السكان، في عدد كبير من الأماكن.

 

كل ذلك يحصل من دون أن تتوقف الحرب التي يشنها الجيش الإسرائيلي على "حزب الله" في لبنان، وعلى الرغم من أنّ المعطيات الموضوعية لا تشير مطلقاً إلى حلول وشيكة من شأنها أن تنتج حلاً!

بطبيعة الحال، يسعى "حزب الله" إلى عرقلة هذه العودة إلى حياة شبه طبيعية في شمال إسرائيل، ولذلك يكثف استهدافاته للقرى والبلدات الأمامية كما للمدن البعيدة نسبياً عن الحدود وصولاً إلى حيفا وما بعد حيفا، وهو يوجه، على طريقة أفيخاي أدرعي، التحذيرات للسكان لإخلاء منازلهم في المستوطنات الشمالية، ولكنّ الجيش الإسرائيلي لا يُعير محاولات "حزب الله" هذه أيّ اهتمام، ويثابر على السير قدماً في مخططاته.

ما منبع هذه الثقة الإسرائيلية؟
من دون شك، يسعى الجيش الإسرائيلي إلى تحقيق انتصار على "حزب الله" تحت النار، بحيث يُنجز الهدف الأساس لـ"سهام الشمال"، من دون أن يكون بحاجة إلى اتفاق دبلوماسي، الأمر الذي يمكنه، والحالة هذه، من إدارة مريحة لـ"حرب استنزاف" يُمكن أن تطول إذا لم يوافق لبنان على الحل الذي تقترحه إسرائيل، وهو إبعاد "حزب الله" إلى ما وراء الضفة الشمالية لنهر الليطاني ومنع عودته النهائية إلى الحدود، والحيلولة دون إعادة تسليحه، من خلال المعابر البرية والبحرية والجوية، وذلك وفق المقترحات التي سبق أن حملها الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين إلى لبنان وتمّ البحث في معطياتها مع وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، عند زيارته الخاطفة لإسرائيل، يوم الخميس الماضي.

"حزب الله" كان قد رفض هذا الطرح من أساسه، واعتبر أنّ من شأنه أن يحوّل لبنان إلى ضفة غربية أخرى، حيث تأخذ إسرائيل حريتها في تنفيذ ما تراه مناسباً من أعمال عسكرية فيها، عندما تعتبر أنّ السلطة الفلسطينية عاجزة عن القيام بذلك، بنفسها. الحزب تعهد بأن يمنع سكان شمال إسرائيل من العودة إلى منازلهم، من دون اتفاق يعقب وقف إطلاق النار.

ويستحيل أن تسمح "الجمهورية الإسلامية في إيران" باتفاق كهذا، بعدما أصبحت هي "المحاور الوحيد"، وفق ما أكده زعيم دروز لبنان وليد جنبلاط في مقابلة مع "النهار" قبل أيام قليلة، لأنّ من شأن ذلك أن يخرج لبنان من نطاق "عمقها الإستراتيجي"، ولهذا يُكثر المرشد الإيراني علي خامنئي من إطلاق المواقف التي تتمحور حول نقطة واحدة لا غير: "حزب الله" سوف يهزم الكيان الصهيوني مرة جديدة!

وبناء على هذه المعطيات، ما هي "القطبة الخفية" التي يُراهن عليها الجيش الإسرائيلي لترجمة مساعيه بالإعادة التدريجية للسكان تحت النار؟

تفيد المعلومات بأنّ الجيش الإسرائيلي "مرتاح" إلى عملياته البرية حتى عمق خمسة كيلومترات داخل الجنوب اللبناني، حيث أنجز، أو يكاد، تدمير البنية التحتية التي أقامها "حزب الله" على مدى سنوات طويلة، وهو ينتقل الآن إلى مرحلة "التطهير"، الأمر الذي يمكّن الحكومة الإسرائيلية، إن وجدت المعطيات متوافرة، أن تذهب نحو "اتفاق" دبلوماسي، ولكن إن رفض "حزب الله" ذلك، فالجيش الإسرائيلي يفترض أن يوسّع عمليته البرية حتى عمق عشرة كيلومترات، ويبعد الحزب، بصورة حاسمة إلى ما وراء الضفة الشمالية لنهر الليطاني. 

وفي حالة دفع "حزب الله" إلى ما وراء نهر الليطاني، واستمرار الحرب، فإنّ ما سوف ينطبق على كل المستوطنات الشمالية لاحقاً تعيشه اليوم عكا وصفد وحيفا، وبالتالي لا تعود ثمة حاجة إلى إبقاء حالات الإجلاء التي تستمر، منذ الثامن من تشرين الأول (أكتوبر) 2023.

وعليه، فإنّ الجيش الإسرائيلي، يكون، حتى مع استمرار الحرب، قد أنجز مهمته الأساسية، وهو يمكنه أن يحميها، بتثبيت إبعاد "الخطر الداهم" وبتفعيل القبة الحديدية وبقوة الردع النارية حيث تمزج الغارات العنيفة بالغارات الهادفة.

نقطة قوة إسرائيل الأساسية في هذا التصوّر، تكمن في أنّه، فيما الحكومة ترعى النازحين والعائدين في آن، فإنّ هناك أكثر من مليون ومئتي ألف نازح يشكلون ضغطاً كبيراً على الحكومة اللبنانية "المفلسة" وعلى المؤسسات الشيعية المرهقة!

مخطط خطِر، ولكنّ استدعاء العدو إلى الميدان لم يكن يوماً "لعبة رياضية"!