إسرائيل تقتل المدنيين والصحافيين وخسائر جيشها تتزايد بلينكن لوقف العنف.. بري: آن أوان إنقاذ لبنان
الاحداث- كتبت صحيفة "الجمهورية " تقول:"من الواضح تماماً أنّ لا حدّ للعدوانية الإسرائيلية المتمادية بمجازرها الرهيبة التي ترتكبها بحق المدنيين في الضاحية الجنوبية لبيروت وبلدات الجنوب والبقاع وسائر المناطق اللبنانية، والتي طالت فجر أمس الجمعة مجموعة من الصحافيين في مقر إقامتهم في أحد فنادق بلدة حاصبيا، ما أدّى إلى استشهاد المصور في قناة «الميادين» غسان نجار ومهندس البث في القناة محمد رضا والمصور في قناة «المنار» وسام قاسم، إضافة الى اصابة عدد آخر من الصحافيين بجروح. وهو الامر الذي أثار موجة تنديد عارمة ضدّ إسرائيل، ومطالبات محلية ودولية بردعها ومحاسبتها على المنحى الإجرامي غير المسبوق في وحشيته على لبنان، وقتلها المدنيين والصحافيين ورجال الدفاع المدني والمسعفين.
ميقاتي وبلينكن
يتزامن ذلك، مع أحداث متدرجة في ميدان العمليات الحربية بوتيرة أكثر تسارعاً وكثافة مما كانت عليه في الايام الأخيرة، سواء في الحجم الكثيف للغارات التدميرية للبنى المدنية، ولاسيما في الضاحية الجنوبية، او في المواجهات الضارية بين «حزب الله» والجيش الاسرائيلي على تخوم البلدات المحاذية للخط الحدودي.
على أنّه في موازاة ذلك، أكّدت معلومات ديبلوماسية، أنّ المسار السياسي منضبط على خطّ التواصل السّريع والساخن على مجموعة خطوط دوليّة لبلوغ وقف عاجل لإطلاق النار، تدفع اليه واشنطن بزخم ملحوظ في هذه الفترة. وهو ما عكسه وزير الخارجية الأميركية انتوني بلينكن في لقائه في لندن امس، مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي.
وفي اللقاء الذي شارك فيه عن الجانب الأميركي الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الاميركية ماثيو ميلر، ومسؤول معهد الدراسات الدولية في الوزارة جيمس روبي، وعن الجانب اللبناني حضر سفير لبنان في لندن رامي مرتضى ومستشار رئيس الحكومة زياد ميقاتي، أكّد الرئيس ميقاتي «أننا نصرّ على أولوية وقف إطلاق النار وردع العدوان الاسرائيلي، خصوصاً أنّ هناك اكثر من مليون واربعمئة ألف لبناني نزحوا من المناطق التي تتعرّض للاعتداءات. كما تنتهك اسرائيل القانون الدولي باعتدائها على المدنيين والصحافيين والطاقم الطبي». أضاف: «التجربة السابقة في ما يتعلق بالنداء الأميركي – الفرنسي المدعوم عربياً ودولياً، لوقف إطلاق النار أثرت على صدقية الجميع».
اما بلينكن، فأعرب عن «دعم الولايات المتحدة للمؤسسات الحكومية، لا سيما الجيش والقوى الأمنية»، مشدّداً على «أهمية الدور المناط بالجيش في تنفيذ القرار 1701». كذلك، أكّد على «أهمية التوصل إلى حل ديبلوماسي للنزاع القائم ووقف العنف».
هوكشتاين
الى ذلك، قال الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين: «أعتقد أنه يمكن إنهاء الحرب بين إسرائيل ولبنان وفق القرار 1701». ولفت إلى أن «إسرائيل و«حزب الله» يتبادلان الاتهامات بعدم الالتزام بالقرار 1701 والحقيقة أنهما لم يلتزما به». وأضاف هوكشتاين «يجب السماح للقوات المسلحة اللبنانية بالانتشار بشكل فعال في جنوب لبنان والقيام بوظيفتها».
لا ضوابط لنتنياهو
إلّا انّ العائق الأساس أمام بلوغ حل ووقف لاطلاق النار، وفق ما يؤكّد مرجع معني باتصالات وقف النار لـ«الجمهورية»، يتجلّى في أنّ رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ما زال مصمماً على الاستمرار في العدوان، ولا يريد وقف إطلاق النار في لبنان او في غزة أو في أي مكان آخر.
ولاحظ المرجع عينه، أنّ الاميركيين الذين ماشوا في بداية الأمر نتنياهو في استهدافاته للبنية التنظيمية لـ«حزب الله» واغتيال قادته، وفي اطلاق عمليته البرية ضدّ الحزب لإلحاق أكبر قدر ممكن من الضرر به وإخراجه من جنوب الليطاني، بما يمكّنه من أن يملي شروطه في أي حل سياسي لاحق، فإنّهم (الأميركيون) مع مرور الوقت، وكذلك مع ما أفرزته مجريات الميدان العسكري منذ بدء العملية البرية الإسرائيلية من وقائع معاكسة لمبالغته في تقدير قرب هزيمة «حزب الله»، باتوا أكثر ميلاً إلى التعجيل في اتفاق على وقف لإطلاق النار وبلوغ حل ديبلوماسي، على أساس القرار 1701، وهذا ما اكّد عليه الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين في زيارته الاخيرة إلى بيروت».
الأمم المتحدة: تطبيق صارم
الى ذلك، وفي موازاة تأكيد رئيس مجلس النواب نبيه بري على أنّ ما يجري بحثه الآن هو التفاهم على وقف اطلاق نار نهائي، مشدّداً على التمسك بالقرار 1701، أبلغ ديبلوماسي أممي إلى «الجمهورية» قوله، «إنّ القرار 1701 يشكّل المرتكز الأساس لوقف العمليات العدائية، الذي يستوجب التقيّد الكامل والشامل والصارم من قبل كل الاطراف بكل مندرجاته، وتوفير كل الدعم لقوات حفظ السلام ورفدها بكل ما يمكنها من إنجاز مهمّتها في حفظ الامن والاستقرار على جانبي الخط الازرق».
ورداً على سؤال عن المطالب الإسرائيلية بتعديلات لهذا القرار، قال: «القرار واضح وثابت، وحتى الآن لا توجد أي توجّهات لتعديله، او صياغة قرار جديد، بل بالعكس، هناك إجماع دولي على هذا القرار»، مشيراً إلى «أننا سمعنا كثيرين من مسؤولي الدول المشاركة في قوات حفظ السلام في الجنوب اللبناني، ولاسيما من الفرنسيين، يتحفظون او لا يوافقون على المسّ بالقرار 1701».
وبحسب معلومات موثوقة لـ«الجمهورية»، فإنّ ما حُكي عن مطالب وشروط اسرائيلية لوقف اطلاق النار على جبهة لبنان، (حق القيام بعمليات برية، والطلعات الجوية الدائمة في الأجواء اللبنانية)، كانت محل بحث ونقاش بين مسؤول لبناني ومسؤول اوروبي رفيع خارج لبنان، حيث شكّك المسؤول الاوروبي بجدّية هذه المطالب، وأبلغ إلى المسؤول اللبناني قوله: «مثل هذه المطالب تطيح القرار 1701، فضلاً عن انّه لا يمكن لأي دولة ذات سيادة ومهما كانت ضعيفة ان تقبل بها».
أضاف المسؤول الاوروبي: «نتنياهو يصمّ آذانه حالياً، ويعاكس كل التوجّهات الدولية لوقف اطلاق النار، سواء في غزة او في لبنان. ولكن هذا امر موقت، وليس دائماً، ذلك أنّه يدرك أنّه لا يستطيع مقاومة الضغوط الدولية إلى ما لا نهاية».
ويبرز في هذا السياق تقرير نشرته «الغارديان» البريطانية، خلصت فيه إلى أنّ «سياسة التدمير والحريق التي ينتهجها نتنياهو في غزة ولبنان مهما طالت سوف تأتي بنتائج عكسية عليه في نهاية المطاف». ويتقاطع هذا التقرير مع ما بدأ الاعلام الاسرائيلي يتحدث عنه لجهة «انّ تهوّر نتنياهو لا نهاية له، وفي الأيام المقبلة، قد لا يُفاجأ احد إن انفجرت لعبته القاتلة في وجهه وفي وجه إسرائيل».
الميدان يصوغ التسوية
وفيما تبدو المستويات السياسية والرسمية على اختلافها في لبنان في حال انتظار نضوج حركة الاتصالات الخارجية الرامية الى تحقيق وقف لإطلاق النار، توقّع مرجع سياسي نهاية قريبة للحرب. وقال لـ«الجمهورية»: «هناك عاملان يعززان احتمال انتهاء الحرب في وقت قريب، الاول، هو انّ الجهود الدولية تتسمّ بجدّية فائقة، والاميركيون أكثر حماسة في هذه الفترة، والفرنسيون جادون جداً. واما العامل الثاني فهو الميدان العسكري الذي يعاكس الأهداف الاسرائيلية ويمنع تحقيقها، وكما نرى فإنّ الميدان يتصاعد وخسائر إسرائيل تتصاعد ايضاً، وتبعاً لذلك فإنّ ميدان المواجهة يتولّى حالياً مراكمة وقائع من شأنها أن تعجّل في وقف اطلاق النار، وبلوغ تسوية لا تمسّ بسيادة لبنان».
باريس: تطبيق الـ1701
وفيما جدّدت قوات «اليونيفيل» أمس، استعدادها لتنفيذ مهمّتها والحفاظ على القرار 1701»، في الوقت الذي كرّر فيه الجيش الاسرائيلي استهدافه لمواقع القوة الدولية كما حصل بالأمس في الظهيرة، اكّد وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو أنّ «القرار الأممي رقم 1701 يشكّل الإطار اللازم الذي يوفّر الأمن لإسرائيل، والسيادة والوحدة للبنان». وقال: «انّ تطبيق هذا القرار يستلزم الدخول في التفاصيل والعثور على آلية تسمح بذلك وبشكل دائم»، مضيفاً: «الحديث عن القرار أسهل من التوصل عملياً لتطبيقه». وتابع: «الحقيقة أنّ هذه المسألة تشكّل جوهر الاتصالات القائمة والمقترحات المتضاربة بين إسرائيل التي تريد فرض شروطها، ولبنان الرافض سلفاً والمتمسك بحرفية الاتفاق». وشدّد على انّ «الخروج من الأزمة يفترض إعادة قيام دولة لبنانية قوية، والخطوة إلى ذلك انتخاب رئيس للجمهورية».
بري
إلى ذلك، توجّه رئيس مجلس النواب نبيه بري «بالشكر والتقدير للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وفرنسا حكومة وشعباً على تنظيم المؤتمر الدولي لدعم لبنان وسيادته مالياً وسياسياً وإنسانياً».
وقال بري في بيان أمس: «شكراً لصديق لبنان فخامة الرئيس إيمانويل ماكرون وللحكومة الفرنسية والشعب الفرنسي. والشكر أيضاً موصول للإتحاد الأوروبي وللحكومة
اللبنانية ولكافة الدول التي شاركت؛ الدول العربية الشقيقة والدول الصديقة، في المؤتمر الذي خُصّص لدعم لبنان وشعبه وجيشه في مواجهة تداعيات الحرب العدوانية الإسرائيلية التي يتعرّض لها لبنان وإنسانه وتراثه وحضارته ورسالته ودوره في المنطقة والعالم».
أضاف: «إنّ ما أفضى اليه المؤتمر من نتائج على مستوى الدعم المالي لإغاثه النازحين وتمكين ودعم الجيش اللبناني من أجل القيام بدوره في حفظ الأمن وصون السيادة الوطنية على كامل التراب الوطني لا سيما في منطقة جنوب الليطاني الى جانب قوات «اليونيفيل» إنفاذاً وتنفيذاً للقرار الأممي 1701، يرسّخ لدينا القناعة بأنّ لبنان ليس وحده في مواجهة الخطر الوجودي الذي يتهدّده. إننا نتطلع بنفس القدر من الأمل وعلى وجه السرعة بأن يلاقي المجتمع الدولي ما أفضى اليه المؤتمر من نتائج وتوصيات، لكي يبادر إلى وقفة إنسانية تاريخية جادة. لقد آن الأوان لإنقاذ الإنسان وإنقاذ لبنان من العدوان».
مواجهات وقتلى إسرائيليون
ميدانياً، العدوانية الاسرائيلية على أشدّها، وشاملة في تدميرها مناطق واسعة من لبنان بدءًا من الضاحية الجنوبية وصولاً الى الجنوب والبقاع، وقابلها في الساعات الأخيرة تكثيف ملحوظ في عمليات «حزب الله» واستهدافاته الصاروخية لتجمعات الجيش الاسرائيلي وقواعده ومستوطنات الشمال والعمق الاسرائيلي، محققاً اصابات كبيرة في صفوف الجيش الإسرائيلي الذي اعترف بمقتل 10 عسكريين إسرائيليين بينهم ضابطان، وإصابة ما يزيد عن 40 آخرين بجروح خلال 24 ساعة.
وكان لافتاً في هذا السياق، اعلان حالة طوارئ في مستشفيات حيفا ونهاريا جراء تزايد الاصابات في صفوف الجيش الاسرائيلي، فيما أجمع الإعلام الإسرائيلي على اعتبار يوم امس الجمعة، يوماً ثقيلاً على اسرائيل، وصفه وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت بأنّه «يوم صعب على شعب إسرائيل».
وكشفت قناة «أي 24 نيوز» العبرية «أنّ أعداد القتلى منذ بداية الحرب لا تعقل في غزة وفي لبنان». وقالت: «دخلنا إلى «المناورة البرية» في لبنان، وهي تتضمن الكثير من المفاجآت والعقبات وبالطبع تجبي ثمناً من ناحية قتلى «الجيش» الإسرائيلي».
وفيما نقل الإعلام الاسرائيلي عن عسكريين إسرائيليين قولهم «انّ «حزب الله» يستخدم قذائف دقيقة بالقصف على أماكن تواجد القوات الإسرائيلية في جنوب لبنان»، أبلغ مسؤول في الجيش إلى صحيفة «واشنطن بوست» الاميركية قوله: «إنّ مقاتلي «حزب الله» أصبحوا أفضل تدريباً وأكثر خبرة بعد القتال في سوريا، ومسلحين بأسلحة أكثر تقدّماً مما كانوا عليه في عام 2006». وخلصت الصحيفة إلى استنتاج «أنّ «حزب الله» يثبت أنّه خصم هائل ضدّ القوات الإسرائيلية في لبنان».
ناقلة عن مسؤولين لبنانيين قولهم، إنّ «حزب الله» تعافى من انتكاساته غير المسبوقة بفضل هيكل قيادي مرن وبمساعدة ايران».
وقالت «يديعوت احرونوت» إنّ «حزب الله» يحاول في الأيام الاخيرة تنفيذ خطته الدفاعية، نفس الخطة التي تحدث عنها (أمينه العام السيد الشهيد) حسن نصرالله».
وقالت إنّ تأثير الصدمة التي أصابت «حزب الله»، بدأ يتلاشى، وهذا واضح بالفعل سواء على جبهة القتال البرية في المنطقة القريبة من الحدود، او في اطلاق الصواريخ والطائرات من دون طيار. لذلك من المحتمل أن يكون هذا هو السبب في زيادة عدد القتلى من جانبنا سواء بين المقاتلين على الجبهة او في الجبهة الداخلية».
ونقلت الصحيفة عن جنود إسرائيليين قولهم: «إنّ هناك من يهمل سلامة الجنود في الميدان لأسباب غير واضحة. نشهد نقصاً في الحماية والحكومة تجاهلت تحذيراتنا».
وفيما اشارت صحيفة «هآرتس» العبرية الى «أنّ صواريخ «حزب الله» اليومية قادرة على تعطيل الحياة بالكامل في شمال البلد وفرض روتين من الإنذارات في وسطه»، قالت صحيفة «معاريف» العبرية: «إنّ الكمين التي وقعت فيه قوة اسرائيلية في جنوب لبنان يؤشر إلى أنّ هذا الحال كان، عندما كان الجيش الإسرائيلي في لبنان في الثمانينات والتسعينات، وكان الأمر نفسه في «حرب لبنان الثانية»، وهو الأمر ذاته اليوم».