من الصحف

إبعاد "اليونفيل" عن الحدود: هديّة لإسرائيل ونسف الـ1701

الاحداث- كتب رضوان عقيل في صحيفة النهار يقول:"يقف القائد العام لـ"اليونيفيل" أرولدو لازارو في وجه مطلب إسرائيل بإبعاد وحداته من المواقع الحدودية حيث تريد بسط سلطتها وفق استراتيجية تمكنها من فرض شروطها على لبنان ولو أدى هذا الأمر الى تطيير الـ1701.

لم يكن أحد يتوقع، منذ انتشار القوة الدولية في الجنوب وخصوصاً عند النقاط الحدودية عام 1978، أن تقدم تل أبيب على طلب إبعاد وحداتها وطردها من مراكزها. وفي عصر بنيامين نتنياهو تسقط كل "المحرمات" والقرارات الأممية بحسب قاموسه ويطلب من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بلغة آمرة: "إبعاد اليونفيل عن الخطر ويجب القيام بذلك فوراً".

وبعيداً من محاولة تل أبيب نسف الـ1701 والقفز فوق مندرجاته وعلى مرأى من مجلس الأمن، يقول منسق الحكومة سابقاً مع "اليونيفيل" العميد المتقاعد محمد جانبيه لـ"النهار" إن "ما تريده إسرائيل بكل بساطة هو سيطرتها على عشرات المراكز الحساسة للقوة الدولية من الناقورة الى تخوم مزارع شبعا المحتلة. وإذا نجحت في ذلك فهذا يمكّنها من التحكم بمواقع مهمة والاستفادة منها وتنفيذ خروق نحو الأراضي اللبنانية بعيداً من مواقع المقاومة وأنفاقها التي تعرّض الإسرائيليين للخطر. ويعطي هذا التطور في حال حصوله أفضلية جديدة للعدو على المقاومة ليهرب من التحصينات والاستعدادات التي اتخذتها في نقاط عدة على الحدود".

ولذلك تهدف إسرائيل بحسب جانبيه الى إبعاد القوة الدولية وسيطرتها على مساحة لا تقل عن 5 كيلومترات  و"تحييد جنودها وتوفير الحماية لهم من ضربات حزب الله. وهذه هي الاستراتيجية العسكرية التي تعمل على فرضها بالنار على الأرض. وإذا غادرت القوة الدولية هذه المراكز تكون إسرائيل قد تلقت هدية أمنية ثمينة في حال سيطرتها عليها. وبالتأكيد إن المقاومة قد اتخذت كل الاستعدادات المطلوبة لمنع العدو من أي عملية اجتياح".

وفي خضم مواجهة إسرائيل لمقاومي الحزب الذين يتصدون لقواتها بخطط عسكرية مدروسة أوجعت الإسرائيليين في أكثر من نقطة، لم يحترم الإسرائيليون هيبة القوة الدولية حيث دخلت دباباتهم موقعاً يعود للوحدة الغانية في القوزح قبل يومين في مشهد فاضح كان محل اعتراض واستنكار القيادة في الناقورة.

وتبقى التجاوزات الإسرائيلية محل متابعة على مدار الساعة عند قائد القوة الدولية لازارو الذي يشدد على عدم ترك أي مركز على الحدود وهو على تواصل مع غوتيريش والمسؤولين الأمميين في نيويورك. ويسجل الرئيسان نبيه بري ونجيب ميقاتي ما يقوم به لازارو وشجاعته في الحفاظ على جنوده ليبقوا في مواقعهم وعدم مغادرتها. وتجمع جملة من التقارير على أنه في حال تلبية مطلب نتنياهو سيؤدي هذا الأمر الى نسف كل المهمات المطلوبة من "اليونيفيل" وتطيير الـ1701. وفي حال حصول هذا الأمر ستتولد جملة من الارتدادات مع الجنوبيين قبل الحكومة اللبنانية. 

ويتوقف لازارو بإسهاب عند هذه المسألة التي تهدد مهمات جنود حضروا لتطبيق مهمة حفظ الأمن والسلام الدوليين. وكان من الملاحظ أيضاً أنه برغم كل الضغوط التي يمارسها نتنياهو على الدول المشاركة في "اليونيفيل" لم تقدم أي واحدة منها على سحب وحدتها في إشارة تدل على ضرورة إبقاء 10 آلاف عسكري في الجنوب واستمرار سلطاتهم في التأكيد على 1701 في وقت يتجه فيه نتنياهو الى فرض شروط جديدة على لبنان إذا تمكّن جيشه من احتلال أي مساحة على الحدود زائد تحويله مناطق أخرى متاخمة للأولى أرضاً محروقة، ولا سيما بعد تدمير المئات من المباني التي تقع على تماس مع الحدود بهدف تمكن المواقع الإسرائيلية من رؤية أفضل وزرع الاطمئنان عند المستوطنين، الذين لم يحقق نتنياهو وعده لهم بإعادتهم الى منازلهم في الأول من أيلول الفائت. 

ويبقى هدف نتنياهو إنشاء شريط حدودي يكون فاصلاً بين الجهتين وفرضه على شكل أمر واقع مع احتمال مطالبته بأن يكون تحت حماية "اليونفيل" في المستقبل وبذلك تكون قد قُضمت مساحة لا بأس بها على الحدود وإن تحت ستار "عملية اجتياح محدودة".
ويلخص متابعون لحركة "اليونيفيل" وما تتعرض له في الأيام الأخيرة بأن تل أبيب تعمل على تنفيذ هذا التوغل لتخرج في ما بعد إذا تمكنت من شل قدرات المقاومة وتطالب مجلس الأمن بنسخة جديدة لـ1701 وإدخال تعديلات على مندرجاته تأتي على شكل فرض ضغوط وتقديم تنازلات ولو على حساب سيادة لبنان لتكبّل حركة "حزب الله" والحكومة في آن واحد.