عندما تقول باريس: نحن وواشنطن لا يمكننا ضبط نتنياهو!
الاحداث- كتب رضوان عقيل في صحيفة النهار يقول:"يُجمع كل الأفرقاء في #لبنان على أن #فرنسا تبقى البلد الغربي الأول الذي يسارع إلى الدعم في الأزمات السياسية وإبان الاعتداءات الإسرائيلية، من السبعينيات إلى اليوم، ولو اختلفت وجوه مَن في الإليزية وأوزانهم في أوروبا والعالم.
وفي ذروة العدوان الإسرائيلي المتواصل على لبنان وخصوصا في #الضاحية الجنوبية، مع عدم اكتراث نتنياهو للمبادرة الاميركية - الفرنسية في الأمم المتحدة، لم يتأخر الرئيس إيمانويل ماكرون في تكليف وزير خارجيته جان-نويل بارو زيارة بيروت، على غرار أسلافه الذين يقصدونها في الأزمات الكبرى. وركز بارو في اتصالاته بالرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي على أهمية التوصل إلى وقف النار، لكن العواصف العسكرية الآتية من إسرائيل لا تشي بقبول أي هدنة، أقله في هذا التوقيت، ولو أن لبنان الرسمي أبلغ بارو وكل من يعنيه الأمر أنه على استعداد لتطبيق الـ 1701 وزيادة عديد وحدات الجيش في الجنوب والتعاون مع "اليونيفيل" بحسب مندرجات القرار.
ويصطدم موقف لبنان الذي ردده في نيويورك والسرايا وعين التينة بحكومة تل أبيب التي تتعجل الاجتياح البري لمساحات في الجنوب، وتطمح إلى ملامسة دباباتها مياه نهر الليطاني أو رفع العلم الإسرائيلي فوق تلال بنت جبيل، ليخرج نتنياهو أمام النازحين من مستوطني الشمال ويردد أن موعد عودتهم إلى منازلهم أصبح قريبا، علما أن المعطيات العسكرية على الحدود أمس لا تظهر ذلك.
ولا يخفي بارو حجم الضغوط الإسرائيلية على باريس وعواصم القرار، ولم تمنعه ديبلوماسيته وسعة اطلاعه في حقلي القانون والعلوم السياسية من الإشارة في لقاءات لبنانية ضيقة إلى الاعتراف بأن باريس وواشنطن "لا تقدران على ممارسة ضغوط ضد نتنياهو وضبطه، فهو لا يستمع إلينا".
على مرارة هذه الجملة، لن يترك الفرنسيون لبنان، ويستمرون في بذل مزيد من الجهود والتفتيش عن الحلول لجملة من المسائل والمحطات التي تخص تاريخ علاقاتهم مع لبنان والتزام قضاياه ومشكلاته. ويذكر أن بارو، يهتم بالملف اللبناني على المستوى الشخصي مع المجموعة النيابية الممثلة في البرلمان والقريبة من ماكرون ورئيس الحكومة ميشال بارنييه، ولا يقبلون التفرج على التهديدات والنيران التي تهدد مناطقه. وينطلقون من أن واجبا أخلاقيا يفرض على فرنسا حماية لبنان. ويمثل بارنييه ووزير خارجيته وأكثر من وزير في الحكومة الحالية اليمين الفرنسي التقليدي المتجذر في دفاعه عن لبنان.
يبقى أن "حزب الله" أصبح متحررا من أي قيود بعد اغتيال السيد حسن نصرالله، وسيواجه حتى النهاية لأن ما يريده نتنياهو في الصميم هو نزع سلاحه والقضاء على ترسانته ودفعه إلى الاستسلام ثم الإعدام.
والواقع أن أكثر من مسؤول فرنسي لا يستسيغ سياسات نتنياهو، بل إن ديبلوماسيين أوروبيين يعملون في بيروت والمنطقة، يصفونه في الجلسات المغلقة بـ"المجرم والقاتل". وتنقل مصادر ديبلوماسية لبنانية التقت بارو أنها لمست منه أن باريس لن تترك لبنان في خضم التهديدات الإسرائيلية، مع معرفتها المسبقة بأن ما تبذله من جهود لمنع اتساع دائرة الحرب في لبنان والمنطقة وعدم الوصول إلى حرب شاملة في الإقليم لا يمكنها تحقيقه من دون تدخل حاسم وقوي من واشنطن المشغولة بانتخاباتها الرئاسية بعد شهر، الأمر الذي يستغله نتنياهو في تنفيذ أجندته من غزة إلى طهران، مرورا بكل أماكن انتشار محورها. ومن هنا تبقى واشنطن نقطة الارتكاز في تبديل أهداف نتنياهو ومخططه، وإن كانت تظهر أسيرة سياساته، وقد يزداد تصلبا إذا عاد صديقه الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
وبالعودة إلى محطة بارو في بيروت، فإن دولته لم تتأخر في دعم المؤسسات الرسمية والخاصة في الحقل الإنساني، في وقت دفعت فيه إسرائيل إلى نزوح مئات الآلاف من منازلهم. وستبقى باريس تشكل الحاضنة الإنسانية والتقليدية للبنان.
أما الملف الرئاسي الغائب- الحاضر في الإليزية، فلم يتناوله بارو إلا لماما في سياق اجتماعاته، باعتبار أن الكلمة الأولى الآن للمواجهات العسكرية.
يشار إلى أن المهمة الرئاسية للموفد جان - إيف لودريان لم تجلب له ولماكرون سوى مزيد من المشكلات وسط "سلة العقارب" في لبنان في أوائل الثمانينيات، والتوصيف للرئيس الراحل الاشتراكي فرنسوا ميتران.