من الصحف

الأفق مقفل ولا عروضات دولية... وبايدن لتجنّب الحرب الشاملة

الاحداث-كتبت صحيفة "الجمهورية": فيما تعيش البلاد تحت وقع جريمة الاغتيال الإسرائيلية للأمين العام لـ»حزب الله» الشهيد السيد حسن نصرالله، واستمرار العدوان الإسرائيلي على لبنان، بدا الأفق السياسي مقفلاً، فلا عروضات او مساعٍ دولية لوقف العدوان، فيما اعلن الرّئيس الأميركي جو بايدن امس «أنّني سأتحدّث إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو»، من دون أن يحدّد موعدًا لذلك، مشدّدًا على أنّه «يجب تجنّب حرب شاملة في الشرق الأوسط».

وقالت مصادر سياسية لـ«الجمهورية»، إنّ التطورات العسكرية المتفجّرة جداً، المستمرة على الساحة اللبنانية منذ أسبوعين، ستتكفل في المدى القريب بإنضاج مفاوضات سياسية وفق قواعد جديدة فرضها الأمر الواقع. وعلى الأرجح، سيكون للبنان الرسمي دور أساسي ومباشر فيها.

وكان الرئيس نجيب ميقاتي قد شدّد أمس على أهمية اعتماد الخيار الديبلوماسي للخروج من المأزق الحالي. وقال بعد اجتماع لجنة الطوارئ الوزارية: «لا خيار لدينا سوى الديبلوماسية، ومهما طالت الحرب سنعود إلى الـ1701، ولذلك فلنوفّر الدماء ولنذهب إلى الاتفاق، والجيش اللبناني حاضر لهذا الأمر»، معتبراً أنّ «الوضع اليوم صعب ويجب أن نكون يداً واحدة لتمرير هذه المرحلة و»انشالله الله ينقذ هالبلد وتمرق هالمرحلة على خير». تابع ميقاتي: «لبنان لا يزال يؤمن بالشرعية الدولية والأمم المتحدة، في وقت غيرنا لا يؤمن إلّا بشريعة الغاب والقوّة».

حركة فرنسية

في غضون ذلك، بدأ وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو زيارة للبنان. إذ على رغم من الحديث عن إلغاء زيارته بسبب الأخطار التي تتهدّد مطار بيروت ومحيطه، حطّت طائرته فيه مساء أمس، في وقت استغرب مصدر ديبلوماسي فرنسي عدم هبوط طائرات وزراء خارجية عربية أسوة ببارو.

وقال المصدر الفرنسي لـ«الجمهورية»، إنّ زيارة بارو تأتي استكمالاً للمساعي التي بدأها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ورئيس حكومته والديبلوماسية الفرنسية في نيويورك، لإيجاد حل شامل للملف اللبناني الذي يتدهور بسرعة. وأضاف: «انّ زيارة بارو هدفها البحث عن حل اقليمي وشامل، وهي تختلف عن مهمّة الموفد الرئاسي جان ايف لودريان التي تنحصر بالملف الرئاسي فقط». كذلك اكّد انّ بارو سيبحث

في ملف تثبيت الحدود وتنفيذ القرار الدولي 1701، إلى جانب البحث في الوضع الأمني وفي الحل الشامل في ظل الأوضاع الراهنة المأزومة.

وذكر المصدر، انّ بارو «يحمل نصائح وليس رسائل، وليس هناك من مبادرات جديدة يحملها بل وجهة نظر ونصائح، من ضمنها ترسيم الحدود وضرورة انتخاب رئيس جمهورية. وهو لا يحمل أسماء معينة بل ينصح بالأسماء التي يتوافق عليها اللبنانيون، إنما من الضروري أن يكون انتخاب رئيس للجمهورية من ضمن الحل الشامل الذي سيبحث فيه خلال لقاءاته مع المسؤولين الكبار». وكرّر انّ وزير الخارجية «يحمل نصائح وليس رسائل او حلول»...

وكشف المصدر الديبلوماسي، أنّ موظفي وزارة الخارجية الفرنسية الكبار يرافقون بارو في زيارته ومن بينهم السفيرة الفرنسية السابقة في لبنان آن غريو،على أن يستهل جولته صباح اليوم بلقاء البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي ثم يلتقي رئيس الحكومة نجيب ميقاتي فرئيس مجلس النواب نبيه بري وقائد الجيش العماد جوزف عون. على أن يختم الزيارة بمؤتمر صحافي عند الخامسة مساء في قصر الصنوبر.

الموقف الأميركي

واعلنت وزارة الخارجية الأميركية، أنّ «وزير الخارجية انتوني بلينكن ناقش في اتصال مع وزير الخارجية الفرنسي أهمية جهود تجنّب تصعيد النزاع في لبنان»، لافتة إلى أنّهما «ناقشا دفع العملية السياسية في لبنان لتنفيذ قرار مجلس الأمن 1701».

ولفتت إلى أنّهما «بحثا في جهود حل النزاع في غزة عبر اتفاق لوقف إطلاق النار يعيد الرهائن».

وإلى ذلك، قال مسؤول الاتصالات في مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي، إن «لا شك في أنّ «حزب الله» اليوم ليس الحزب نفسه الذي كنا نعرفه قبل أسبوع واحد فقط»، لافتاًّ إلى أنّه «تمّ تقريباً القضاء على هيكل قيادة «حزب الله»، ودمّرت إسرائيل آلاف الصواريخ والمسيّرات في الأيام الماضية». ولفت الى انّ «ليس من الواضح كيف سيتصرف «حزب الله» لتحديد شكل هيكل قيادته. ولكن نتوقع أن يتمّ تعيين بديل لنصرالله»، مؤكّداً «أننا لا نملك حالياً صورة واضحة عن حجم قدرات «حزب الله»، ولكن لا يمكن الاستهانة به».

الموقف الإسرائيلي

وفي غضون، ذلك اشار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الى أنّ «اسرائيل ضربت الحوثيين، والجميع يرى الأهداف والثمن الذي يتكبّده كل من يهاجم إسرائيل».

واشار في مؤتمر صحفي مشترك مع الوزير جدعون ساعر، الى أنّ «تغيير موازين القوى يجلب تحالفات جديدة لإسرائيل لأنّها تنتصر.. وحدة الصف ضرورية للقضاء على حماس»، لافتاً الى أنّ «عودة جدعون ساعر إلى الحكومة خطوة لتوحيد صفوفنا.. سيساهم ساعر في إدارة الحرب.. نحن نعيش حرباً في 7 جبهات .. حطّمنا «حماس» في غزة وضربنا «حزب الله» والحوثيين». واضاف، «كما هو مكتوب في التوراة سألاحق أعدائي وسأقضي عليهم».

بدوره، قال ساعر: «نخوض حرباً شرسة.. أيام صعبة تنتظرنا.. المخاطر لم تنته بعد».

ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين، قوله: «إننا نبحث عن ثغرة لإلغاء اتفاق الغاز الفاضح مع لبنان».

وأشار كوهين، إلى أنّ «توقيع اتفاق الغاز مع لبنان كان خطأ منذ البداية وسوف نحرص على تصحيحه».

ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مسؤول عسكري إسرائيلي رفيع، قوله إنّ «حزب الله بدأ يخطّط لقصف تل أبيب»، في وقت يستمر فيه العدوان الجوي الإسرائيلي على لبنان بعد اغتيال السيد نصرالله.

وذكر المسؤول العسكري أنّ رئيس المجلس التنفيذي في «حزب الله» السيد هاشم صفي الدين «بدأ يسيطر على «حزب الله» وهو أكثر تشدّداً من نصرالله».

ونقلت شبكة «أي بي سي» (ABC) عن مسؤولين أميركيين، قولهم إنّ «إسرائيل بدأت أو على وشك أن تبدأ تحركات حدودية ضيّقة النطاق داخل لبنان».

ونسبت صحيفة «معاريف» الى مصادر إسرائيلية مطلعة، قولها إنّ «قرار العملية البرية في لبنان لم يُتخذ بعد ولكن الجيش مستعد لذلك». وذكرت أنّ «العملية البرية في لبنان ستكون محدودة في حال المصادقة عليها».

تشييع نصرالله

وفيما لم يعلن «حزب الله» اي مراسم محدّدة لتشييع السيد نصرالله في ظل حديث عن تحضير لـ«تشييع تارخي» سيُقام له، كشف مصدران لـ«رويترز» أنّه تمّ انتشال جثمانه من الموقع الذي استهدفه العدوّ الإسرائيليّ فيه الجمعة الماضية في الضاحية الجنوبية لبيروت. وأضاف المصدر أنّ «جثة نصرالله لا تظهر عليها آثار جروح، ويبدو أنّ سبب الوفاة هو شدّة الانفجار».

واشار رئيس لجنة الشؤون الجوية الفرعية التابعة للجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ الأميركي مارك كيلي امس، إلى أنّ القنبلة التي استخدمتها إسرائيل لقتل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله «كانت قنبلة موجّهة أميركية الصنع».

وقال كيلي في مقابلة مع شبكة «إن. بي. سي»، إنّ إسرائيل استخدمت القنبلة «مارك 84» زنة 2000 رطل (900 كيلوغرام). وهذا هو أول تصريح أميركي عن نوع السلاح المستخدم في الهجوم.

وأضاف كيلي: «نرصد تزايد استخدام الذخائر الموجّهة.. ذخائر الهجوم المباشر المشترك.. ونواصل توفير هذه الأسلحة.. تلك القنبلة التي تزن 2000 رطل والتي استُخدمت لتصفية نصرالله هي قنبلة من طراز مارك 84».

وفيما لم تعلّق وزارة الدفاع الأميركية حتى الآن على تصريحات كيلي، قال مسؤول أميركي إن قيادة «حزب الله» وسيطرته في حالة من الفوضى الشاملة بعد مقتل الأمين العام للحزب حسن نصرالله. وأضاف المسؤول لشبكة «أيه بي سي» الإخبارية الأميركية، أنّ الولايات المتحدة وإسرائيل تعتقدان أنّهما قضتا على نحو 30 من قادة «حزب الله» خلال الأسابيع القليلة الماضية ما أدّى إلى إضعافه.

«حزب الله»

في المقابل، قال عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسن عز الدين، لدى تفقّده أماكن عدة في صور تعرّضت للاعتداءات الإسرائيلية «بعد شهادة الأمين العام السيد حسن نصرالله سيزداد كل فرد في لبنان قوة وإيماناً وإرادة وحافزية على البقاء والصمود وإكمال نهج سماحته الذي كان يؤمن دائماً بأنّ قتل القادة واغتيالهم لن يكسرنا ولن يهزمنا ولن نسمح لهذا العدو أن يقضي على إنجازات المقاومة». واضاف: «سنحفظ هذه الأمانة بكل إيمان ويقين وثقة، وسنكمل هذا الطريق طريق سماحة السيد بقوة وإرادة وعزم لنُفشل كل أهداف هذا العدو الذي يريد من وراء كل ذلك أن يعيد المستوطنين الى شمال فلسطين»، معتبراً أنّ «هذا لن يكون على الإطلاق، وأنّ المعادلة التي يريدها من كل ما يفعل هي التهجير مقابل التهجير والنزوح مقابل النزوح». وأكّد انّ «العدو الإسرائيلي هو محتل ومغتصب، ولم يبقِ حرمة لإنسان ولم يحترم لا قواعد دولية ولا أعراف ولا قوانين، والميدان بيننا وبينه»، معتبراً أنّ «المقاومة ستنتصر في نهاية المطاف لأنّ الانتصار إنما يكون بتحقيق الأهداف، وأنّ العدو طالما لم يحقق أهدافه فهو مهزوم، وسنحقق أهدافنا لأننا نملك قضية حق وعدل في مقابل هذا الباطل».

البابا

في المواقف، دعا البابا فرنسيس، في كلمته قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي في اليوم العالمي للمهاجرين واللاجئين، إلى الوقف الفوري لإطلاق النار في لبنان وغزة وفلسطين وإسرائيل. وقال: «ما زلت أتابع بألم وقلق بالغ اتساع واحتدام النزاع في لبنان. لبنان هو رسالة، ولكنه في الوقت الحالي رسالة معذبة، وهذه الحرب لها آثار مدمّرة على السكان، فكثير من الأشخاص ما زالوا يموتون يوماً بعد يوم في الشرق الأوسط. لنصلِّ من أجل الضحايا، ومن أجل عائلاتهم، ولنصلِّ من أجل السلام». وختم: «أدعو جميع الأطراف إلى الوقف الفوري لإطلاق النار في لبنان وغزة وفلسطين وإسرائيل، ولكي يتمّ إطلاق سراح الرهائن والسماح بوصول المساعدات الإنسانية. ولا ننسينَّ أيضًا أوكرانيا المعذبة».

اغتيالٌ فَتَحَ جرحاً

ورأى البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، انّ «اغتيال السيّد حسن نصرالله جاء ليفتح جرحًا في قلوب اللبنانيّين». وقال: «إنّّ الشهادة المتوالية لقادة مسيحيّين ومسلمين آمنوا بقضايا الحقّ والعدالة ونصرة الضعفاء هي حصن الوحدة بين اللبنانيّين، ووحدة الدم والإنتماء والمصير. إنّها الشهادة التي اختارها مؤمنون من كلّ المكوّنات اللبنانيّة فتساووا معها، وتركوا لنا دعوة الأمانة والوفاء لشهادتهم في سبيل وطن أحبّوه، وإن اختلفت رؤيتهم إلى إدارته والممارسة السياسيّة فيه. لذلك كانت دعوتهم الراسخة في شهادة الدم التي أدّوها لكي نتساوى جميعًا في مشروع دولة لبنان المنشودة، التي نستبدل فيها أسباب الفشل والسقوط بأسباب النجاح معًا. إنّ دم الشهداء يصرخ إلينا للدفاع عن لبنان بوجه كلّ إعتداء، وإلى انتخاب رئيس للجمهوريّة يعيد للبنان مكانه وسط الدول. إنّ المجتمع الدوليّ مطالب بالعمل الجدّي لإيقاف دورة الحرب والقتل والدمار عندنا، تمهيدًا لإحلال السلام العادل الذي يضمن حقوق كلّ شعوب المنطقة ومكوّناتها. لقد آن الأوان ليدرك جميع اللبنانيّين أن ليس لهم من معين ومساند سوى أنفسهم متضامنين متّحدين في ما بينهم، ملتزمين إدارة شؤون البيت اللبنانيّ بروح الميثاق الوطنيّ في دولة القانون والمؤسّسات». واضاف: «إنّنا فيما نبدي مشاعر التعزية الشخصيّة لعائلة ولبيئة السيّد حسن نصرالله، نسأل الله لها الصبر والعزاء».

ترتيبات لحفظ الأمن

من جهة ثانية، علمت «الجمهورية» أنّ ورشة من الاتصالات السياسية أُجريت على اكثر من صعيد حكومي وسياسي، انتهت إلى الطلب من قيادة الجيش اتخاذ سلسلة من التدابير الامنية الاستثنائية في بعض المناطق الحساسة، لمنع اي ردات فعل غير محسوبة النتائج. وهو ما اعلنت عنه قيادة الجيش في بيان ربطت فيه تدابيرها بـ«إمعان العـدو الإسرائيلي في اعتداءاته الإجرامية التي أسفرت عن استشهاد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله وأكثر من ألف شـهيد، فضلًا عن آلاف الجرحى خلال الأيام الماضية». وأهابت «قيادة الجيش بالمواطنين الحفاظ على الوحدة الوطنية وعدم الانجرار وراء أفعال قد تمسّ بالسلم الأهلي في هذه المرحلة الخطيرة والدقيقة من تاريخ وطننا، حيث يعمل العـدو الإسرائيلي على تنفيذ مخططاته التخريبية وبث الانقسام بين اللبنانيين».

وختم البيان «انّ قيادة الجيش تستمر في اتخاذ التدابير الأمنية اللازمة والقيام بواجبها الوطني للحفاظ على السلم الأهلي، وتدعو المواطنين للتجاوب مع هذه التدابير، والعمل بمقتضى الوحدة الوطنية التي تبقى الضمانة الوحيدة للبنان».