البطولة اللبنانية تواجه الجُبن الاسرائيلي
هجوم الكتروني اجرامي يصيب حاملي جهاز البايجر من عناصر حزب الله ومدنيين
المقاومة تؤكد ان العدو الاسرائيلي سينال قصاصه على هذه الجريمة
الاحداث- كتب شارل أيوب في صحيفة "الديار"يقول : لم يعرف التاريخ الحديث اجراماً يوازي بخبثه وجبنه الاجرام الاسرائيلي العابر لكل المواثيق الدولية والاخلاقية والروحية. فلقد تخطت اسرائيل بالأمس كل قواعد الاشتباك الحربية والانسانية والبشرية في هجومها الارهابي على لبنان وشعبه ومقاومته. بالمقابل، لم يفاجئ الشعب اللبناني العالم بصموده وتحديه للعدوان وبطولته في مواجهة الارهاب والاجرام، فلقد هب اللبنانيون بالأمس من جميع الفئات والطوائف الى نصرة آلاف الجرحى على كامل مساحة الوطن، حيث ضاقت المستشفيات بالمتبرعين بالدم، والتحق اطباء وممرضون من كل المناطق بمراكز الاستشفاء لاستيعاب العدد الهائل من الجرحى.
وفي التفاصيل، حصل بعد ظهر امس الثلاثاء هجوم اجرامي الكتروني من قبل العدو الصهيوني استهدف حاملي جهاز «البايجر» وهو جهاز يتم عبره توجيه رسائل نصية يستعمله الاطباء والعاملون في مجالات سريعة.
وقد استهدف العدو الاسرائيلي عناصر حزب الله الذين يحملون هذا الجهاز الذي انفجر وادى حتى ليل أمس الى سقوط 9 شهداء، بينهم طفلة و2800 جريح، منهم مئتا حالة حرجة. واستطاع لبنان ووزارة الصحة والمستشفيات الخاصة ووسائل اسعاف استيعاب هذه الضربة، وتم نقل الجرحى الى المستشفيات. كما ان المواطنين اللبنانيين ومن جميع الطوائف لبوا نداء التبرع بالدم وما هابوا تفاقم الأوضاع، بل توجهوا بالالاف الى المستشفيات في صورة تعكس بطولة الشعب اللبناني في مواجهة المخاطر والارهاب والجبن الاسرائيلي. وقد جاءت الاصابات في صفوف المدنيين الذين كانوا في محلات تجارية او في منازل يوجد فيها عنصر من حزب الله بحوزته هذا الجهاز.
ووفق المعلومات، فان حزب الله تلقى منذ اشهر وبعد 7 اكتوبر اجهزة من هذا النوع، حيث اعلن الحزب ان التحقيق جار لتحديد كيفية اختراق جيش العدو الاسرائيلي لهذه الاجهزة. ويعتقد ان مسيرات كانت على مستوى مرتفع في الجو، هي التي اعطت اشارات الكترونية لهذه الاجهزة كي تفجر بطارياتها، وكانت معظم الاصابات في الخاصرة واليد والوجه.
ان هذا العدوان يدل على الكراهية والخبث اللذين تحملهما الصهيونية في مبادئها وطريقة تعاملها الجبان، حيث لم تواجه على جبهات عناصر حزب الله او الشعب اللبناني، بل واجهته باساليب تكنولوجية توازي استعمال الاسلحة الكيمائية والسلاح النووي، وكل ذلك محرم دوليا وفق القانون الدولي. لكن العدو الصهيوني اجتاز كل الخطوط التي تحترم الانسانية، مثلما فعل في حرب الابادة الجماعية في قطاع غزة حيث استشهد اكثر من 41 الف شهيد هنالك و94 الف جريح، اضافة الى الشهداء الذين ما زالوا تحت الركام ولم يستطع احد انتشالهم.
حزب الله اصدر بيانا حدد ان العدوان هو اسرائيلي، وان القصاص والعقاب آتيان على الطريق، وتوعد بالرد، وقال ان الله هو شاهد على ما نقول.
ويعني ذلك ان الحزب بعد التحقيق الذي سيجريه والذي طلب من كل عناصره رمي الجهاز «البايجر»، سيدرس كيفية الرد عسكريا، وجبهة الجنوب مع شمال فلسطين هي ساحة الميدان بين مقاومة حزب الله وجيش العدو الاسرائيلي.
اما وزارة الخارجية اللبنانية، فقالت ان هنالك مباحثات داخل الحكومة لتقديم شكوى الى مجلس الامن لوضع نصها عند القرار وتقديمها بواسطة السفير اللبناني في الامم المتحدة، مع العلم ان الولايات المتحدة تلجأ الى استعمال الفيتو (النقض) ضد اي قرار يصل الى ادانة «اسرائيل» بمعاني الخبث والكراهية اللذين ظهرا واضحا في الذي حصل بعد ظهر امس واستهدف قرى في الجنوب من النبطية، الى مراكز لحزب الله، الى صيدا، الى بعلبك والهرمل، الى الضاحية الجنوبية، خاصة في العاصمة بيروت.
وقد تم نقل الجرحى الى مستشفيات العاصمة وغيرها، وفي البقاع ايضا وفي الجنوب. وكذلك تم نقل جرحى الى مستشفيات في جبل لبنان، حتى وصلت سيارات الاسعاف الى نقل جرحى في المتن الشمالي وكسروان وجبيل، وفي المستشفيات الحكومية والخاصة فيها.
الان باتت الانظار تتجه نحو الجنوب وكيف سيكون رد حزب الله على هذا العدوان الصهيوني. ولا بد من ان يكون الرد مثلما قال سماحة السيد حسن نصرالله اثر اغتيال السيد فؤاد شكر، ان الرد سيكون بقوة وحكمة، لان واقعيا فان حزب الله لا يريد الحرب الكاملة والشاملة، بل سيرد بشكل يؤدي الى شعور الجيش الاسرائيلي ومدن اسرائيلية بالاذى نتيجة اتخاذ حكومة نتانياهو وهذه الحكومة الدينيىة المتطرفة التي يرأسها، قرارات بعدوان من هذا النوع على لبنان استهدف تقريبا اكثر من نصف مناطقه.
وطبعا سيكون الرد صاروخيا ومدفعيا، وبمسيرات انقضاضية سيشعرها العدو الاسرائيلي، مع العلم ان الاجواء الدولية من الولايات المتحدة واوروبا ستضع كل ثقلها حتى لا تحصل الحرب الشاملة بين لبنان والكيان الصهيوني.
وبالعودة الى احداث امس، وبشكل دراماتيكي تطورت الأمور، فما كادت «اسرائيل» تعلن عن احباطها محاولة لاغتيال رئيس اركانها السابق افيف كوخافي، عبر عبوة مزروعة في احدى حدائق تل ابيب العامة، حتى شهدت مناطق الجنوب والبقاع، وصولا الى ضاحية بيروت الجنوبية، وامتدادا الى سوريا موجة تفجيرات استهدفت اجهزة «البايجر» التي يستخدمها عناصر حزب الله، في عملية تقنية استخباراتية معقدة، لم تتضح كامل عناصرها، سوى ان الاعداد والتخطيط لها بدأ منذ مدة، وادت في نصف ساعة الى سقوط اكثر من 2800 جريح وتسعة شهداء.
ففيما كانت تشهد تل لبيب اجتماعات امنية وعسكرية مكثفة، لوضع قرار «الحكومة الامنية» موضع التنفيذ، كشف فيه عن عملية امنية كانت تستهدف رئيس اركان الجيش السابق الجنرال افيف كوخافي، خلال ممارسته للرياضة في «بارك هياركون» في تل ابيب، عبر عبوة ناسفة من نوع «كليماغور» مربوطة بجهاز تفعيل عن بعد، يحتوي على كاميرا وهاتف نقال بهدف تفعيلها، مرتبطة بغرفة عمليات في بيروت، ما يطرح السؤال حول قدرة حزب الله، اما على التسلل ووضع العبوة، واما استعانته باحدى الخلايا التي سبق تجنيدها والتي قامت بالمهمة.
ولم تكد تمضي فترة وجيزة على الكشف عن عبوة تل ابيب، حتى شهد لبنان حدثا امنيا خطرا، تمثل في عملية تم التجهيز لها منذ فترة، من المؤكد ان تكون «اسرائيل» خلفه، رغم ترجيح تدخل جهات ثالثة، استهدف شبكة «اتصالات الحزب»، في مناطق الضاحية الجنوبية، والبقاع، والجنوب، اجهزة ال»pagers» او ال» beeper»، والتي تعمل «باتجاه واحد»، اي تلقي الرسائل المشفرة دون ارسال، حيث نجح الهجوم في اختراق العشرات من هذه الاجهزة، عبر ارسال «فولتاج عالي»، عبر المسيرات، او طائرات التجسس والحرب الالكترونية، ما ادى الى ارتفاع حرارة ال « GPST» ما تسبب بحصول احتكاك كهربائي ادى الى احتراق بطاريات الليثيوم وبالتالي انفجارها، ما ادى الى وقوع مئات الجرحى من مقاتلي الحزب، في لبنان وسوريا، فضلا عن اصابة السفير الايراني، نتيجة انفجار احد تلك الاجهزة التي كان يحملها مرافقه.
وكشفت المصادر الأمنية المطلعة ان العملية جرى تنفيذها بدقة عالية، اذ استهدفت مقاتلي الحزب، دون غيرهم من حاملي هذه الاجهزة ومستخدميها في لبنان، ومنهم الطواقم الطبية، مشيرة الى ان «المهاجم» تمكن من الحصول على «اكواد البرمجة» الخاصة بالاجهزة المستهدفة والمشفرة، فضلا عن انها استهدفت نوعية معينة من هذه الاجهزة وصلت الى الحزب مؤخرا، وعددها حوالى 4000 جهاز، دخلت لبنان عبر الطرق التي يستخدمها حزب الله عادة. اشارة الى انه بهدف ايقاع اصابات قاتلة ومؤكدة، جميع الاجهزة التي انفجرت اصدرت اصوات تنبيه قبل انفجارها بثوان بهدف دفع حامليها الى الاقتراب من اجهزتهم واصابتهم عن قرب.
في هذا الاطار كشف احد خبراء الاتصالات انه لا يزال من المبكر الجزم حول الطريقة التي تم تنفيذ عملية الاختراق عبرها، ذلك ان الاسباب التي يمكن ان تقف وراء هكذا نتيجة متعددة، وهي تحتاج الى تحقيق دقيق وتحليل للاجهزة، ذلك ان من بين الفرضيات يمكن ان يكون قد تم تفخيخ هذه الاجهزة من المصدر، وهي استراتيجية سبق «لاسرائيل» ان اعتمدتها في تفخيخ هواتف عدد من القيادات الفلسطينية، من بينها يحيى عياش، او من خلال زرع برمجيات خبيثة فيها تم تفعيلها في لحظة معينة، وهاتان الفرضيتان تقودان الى ان «اسرائيل» كانت تلاحق الشحنة من المصدر، كما انه يمكن ان تكون نتيجة ضغط ولده كم كبير من الرسائل تعرضت له الاجهزة المستهدفة ما ادى الى ارتفاع حرارة بطاريات الليثيوم المجهزة بها، الا ان تلك الفرضية تبقى بعيدة عن الواقع. اما السيناريو الذي يحكى عنه عن بث موجات كهرومغناطيسية، عبر الموجات المشفرة التي تستخدمها تلك الاجهزة، فهو ما يمكن ان يكون قد نتج منه ارتفاع حرارة البطاريات وانفجارها، هذا من الناحية النظرية، ذلك ان هذه الحادثة لم يشهد لها الواقع مثيلا في السابق، وهي اقرب الى الخيال، من هنا عدم امكان الجزم بالجهات التي يمكن ان تكون قد توصلت الى امتلاك تلك التكنولوجيا، وما اذا كانت «اسرائيل» من بينها، رغم ان المنطق يقول ان الولايات المتحدة الاميركية قد تكون احدى الجهات التي تمتلكها.
منظمة «سيمكس»
من جهتها كشفت منظمة «سيمكس» المعنية بحماية حقوق الإنسان في الفضاءات الرقمية، عبر موقعها الإلكتروني، أنها توصلت إلى ثلاث نظريات تفسر ما حدث فعلياً من وجهة نظر رقمية وتقنية،وهي:
– احتمال ان تكون أجهزة النداء التي انفجرت جزءاً من شحنة جرى استلامها وتشغيلها بعدما تم العبث بها خلال عملية الشحن، فزرعت فيها، على سبيل المثال، عبوات متفجرة صغيرة، ليتم تفعيلها عن بعد أو بواسطة جهاز توقيت.
– إمكان أن يكون جرى التلاعب بأجهزة النداء التي انفجرت خلال عملية الشحن ضمن «هجمات سلاسل التوريد» (supply chain attack) ليتم تفعيلها لاحقاً عن طريق موجات راديو تطلق من محطة أرضية أو جهاز استخباراتي مثل «نظام الإنذار المبكر والتحكم» (AWACS)، لتفجير الأجهزة.
– عدم تعرض أجهزة النداء لأي اعتراض، إلا أن الاستخبارات الإسرائيلية كانت على دراية بطبيعة الأجهزة، فطورت طريقة لبث ثغرة يمكن استغلالها فيها. ويحتمل أن تكون الثغرة قد تسببت برفع حرارة الأجهزة، ما أدى إلى انفجار بطارياتها.
هذا الانكشاف الخطر رسم علامات استفهام حول تفلت المواجهة واحتمال تحول الحرب الدائرة الى صراع من نوع جديد، فالرسالة جاءت واضحة وخطرة، رغم ان احد مستشاري نتانياهو حذف تغريدة له كان اشار فيها الى مسؤولية «اسرائيل» عن هجمات بيروت، بعد دقائق من نشرها، في وقت طلب فيه الى الوزراء عدم التعليق على الاحداث الجارية.
يبقى الاهم، كيف واين ومتى سيرد حزب الله الذي اكد ان الرد سياتي»من حيث يدرون ولا يدرون».
واشنطن
وفي معرض ردها على التلميح بمشاركتها في العملية، اشارت وزارة الخارجية الاميركية الى ان أميركا تجمع معلومات عن تفجيرات أجهزة الاتصال في لبنان، وواشنطن ليست ضالعة في الأمر، كما ان اميركا ليست لديها أي تقييمات بشكل أو بآخر عن هوية المسؤول عن تفجيرات أجهزة الاتصال في لبنان.
وشدد المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر في مؤتمر صحفي، على ان واشنطن ترغب في إيجاد حل ديبلوماسي للصراع بين «إسرائيل» وحزب الله، وهي قلقة دائما بشأن أي واقعة يمكن أن تثير التصعيد في الشرق الأوسط. واعتبر انه من السابق لأوانه معرفة مدى تأثير تفجيرات أجهزة الاتصال في لبنان بمحادثات وقف إطلاق النار في غزة.
وحض ايران على عدم استغلال أي حادثة لمحاولة مفاقمة عدم الاستقرار وتصعيد التوترات في المنطقة، بعد الانفجارات التي أصيب فيها أيضا السفير الإيراني في بيروت مجتبى اماني.
زيارة هوكشتاين
في كل الاحوال، فان التطورين الخطرين، رفعا من منسوب اتجاه الاوضاع نحو المزيد من التصعيد الميداني في وقت تهدد فيه «اسرائيل» بالحرب الشاملة، فيما تسعى واشنطن عبر موفديها الى المنطقة، من وزير خارجية انتوني بلينكن في مصر، مرورا بمبعوثها اموس هوكشتاين في تل ابيب، وصولا الى وزير الدفاع الذي يصل الاحد الى تل ابيب، لكبح جماحها ، من دون نتيجة ما دامت تصر على الخيار العسكري، وتمعن في استفزاز الحزب، لا سيما بعد عملية الامس.
فالأمر لا يحتاج إلى كثير انتظار لمعرفة ان الجهود المتجددة على محور زيارة الوسيط الاميركي اموس هوكشتاين الى تل ابيب لم تُجدِ نفعاً، في ظل قرار القيادتين السياسية والعسكرية في «اسرائيل»، اعادة النازحين من الشمال «بكل الوسائل المتاحة»، بعدما بات هذا البند من احد اهداف الحرب القائمة، التي بدات تتخذ شكلا جديدا.
مصادر ديبلوماسية متابعة كشفت ان هوكشتاين ناقش في «اسرائيل» ثلاث نقاط اساسية:
اولا، دعوته تل ابيب الى المحافظة على قواعد اللعبة القائمة حاليا، وعدم خرقها، باتجاه توسيع الحرب، لما قد يكون لذلك من تداعيات اقليمية، خصوصا ان المفاوضات الايرانية – الاميركية قد تم تجميدها راهنا، وبالتالي قدرة الضغط الاميركي على طهران قد تراجعت، متحدثا في هذا الاطار عن الصاروخ الحوثي الفرط –صوتي، والذي يشكل رسالة اقليمية واضحة، في التوقيت والهدف.
ثانيا، اعاد طرح «التسوية» الحدودية التي كان يعمل عليها، مؤكدا ان ثمة «ليونة لبنانية» وامكانا للتوصل الى حل بشان النقاط ال13 المتنازع عليها، ما يسمح بفك الاشتباك وربط النزاع بين تل ابيب وبيروت، عبر ترسيم بري، كما حصل في مسالة التسوية البحرية.
الا ان الاختلاف بدا واضحا وعميقا في ما خص مزارع شبعا التي اصر الجانب الاسرائيلي على انها تبقى خارج اي اتفاق مع لبنان، رافضا في هذا الاطار «الترسيم» الاميركي الذي اخذ في الاعتبار خط الحدود وفقا للخيم التي نصبها حزب الله.
ثالثا، وعده للمسؤولين الذين التقاهم، بان تمارس بلاده ضغوطا قوية على الحكومة اللبنانية لوقف حرب الاسناد، والسير في تسوية حدودية مقبولة، وهو ما اعتبره الاسرائيلي غير منطقي وغير قابل للتطبيق، خصوصا ان واشنطن لا تملك تصورا واضحا لآليات الضغط وحدودها.
واشارت المصادر الى ان العمل الديبلوماسي القائم ينفع ايضا لمرحلة ما بعد الحرب، وليس فقط لوقف التصعيد، حيث ان القرار 1701 يبقى صالحا، مع ادخال تعديلات عليه، ووضع آلية لمراقبة تنفيذه، مستبعدة اجتياحا اسرائيليا بريا، انما تصعيد في عمليات التدمير الممنهج لقرى المواجهة مع توسع باتجاه «العمق الاستراتيجي» لحزب الله.
رئاسيا
اما في الملف الرئاسي ورغم ان اجتماع خماسية باريس في قصر الصنوبر انتهى الى قناعة واتفاق اطرافها على ان شيئا لم يتغير في المواقف الداخلية من الاستحقاق، الا انها على ما يبدو مصرة على الاستمرار في مسعاها، الذي قاد عضويها الفرنسي والسعودي الى معراب، وسط توقعات بان تبدأ جولة على الكتل النيابية هذا الاسبوع، لطرح افكار جديدة، على ما تشير اوساطها، تم تداولها في لقاء الرياض، في وقت يتوقع فيه وصول الموفد الفرنسي جان ايف لودريان الى بيروت في الاسبوع الاخير من شهر ايلول.
وكشفت الاوساط ان لودريان، قد يجتمع بالسفراء الخمس، معيدا احياء فكرة دعوته لحوار برئاسته في قصر الصنوبر، وفقا لآلية جديدة، في ظل اصرار دولي على انجاز الاستحقاق الرئاسي، ما قد يعطي فرصة للفصل بين مساري الحرب في غزة والجنوب بشكل جدي، وبالتالي امكان التوصل الى اتفاق او تسوية على غرار الترسيم البحري، تسمح بتحييد جبهة لبنان.
من جهتهم، اكد مقربون من الثامن من آذار، ان ثمة «قطبة مخفية» في تحرك اللجنة الخماسية، تدفع باتجاه التساؤل حول حقيقة نياتها، ذلك ان رئيس مجلس النواب سمع كلاما واضحا من السفراء الخمسة حول تاييدهم ودعمهم لمبادرته، في لقاءاته الثنائية معهم، الا انها حتى الساعة لم تصدر اي بيان جماعي يؤيد هذه المبادرة، وهو امر غير مفهوم، كما انها لم تمارس اي ضغوط على رافضي الحوار، بل تنصلت من قدرتها على التاثير في هذا الخصوص.
وتابعت المصادر، بان النسخة المنقحة من مبادرة عين التينة، التي اعلن عنها في ذكرى اختفاء الامام موسى الصدر، هي اقصى ما يمكن تقديمه، وهي الباب للذهاب نحو اي حل، في حال ارادت الاطراف انهاء الشغور في رئاسة الجمهورية، وبالتالي الشلل المتحكم بالدولة، رافضة الربط بين ملف قانون الانتخابات النيابية الذي سيوضع على طاولة النقاش، واتمام الانتخابات الرئاسية.
الوضع جنوبا
الحدث الامني الكبير الذي شهده الداخل، لم يخفف من حماوة الميدان جنوبا، حيث استهدفت القوات الاسرائيلية أطراف بلدتي علما الشعب ويارين في القطاع الغربي، بعدد من القذائف، كما سجلت غارة على منزلين في بليدا أدت إلى استشهاد ثلاثة أشخاص وإصابة اثنين بجروح، كما استهدفت مسيرة اسرائيلية مجرى نهر الليطاني عند اطراف بلدة دير سريان، كما استهدف الطيران سيارة على طريق بلدة مقنة في البقاع الشمالي.
من جهته اعلن حزب الله « استهداف جنود العدو الإسرائيلي في تلة الكرنتينا بالأسلحة المناسبة وكذلك مرابض مدفعية العدو في الزاعورة بالأسلحة الصاروخية ، فضلا عن شن هجوم جوي بأسراب من المسيرات الانقضاضية على مقر مستحدث لقوة استطلاع من لواء غولاني 631 في ثكنة راموت نفتالي مستهدفة أماكن استقرار ضباطها وجنودها وأصابت أهدافها بدقة». وصدر عنه سلسلة بيانات ايضا، أكد فيها انه « استهدف العدو الإسرائيلي في موقع العباد وعند رصد تحرك لِمجموعة من جنوده في محيط الموقع، استهدفها مجاهدو المقاومة الإسلامية بالأسلحة المناسبة وحققوا فيها إصابات مؤكدة». وأضاف: «بعد رصدِ هدفٍ للعدو الإسرائيلي في محيط موقع العباد، استهدفه مجاهدو المقاومة الإسلامية بِصاروخ موجّه أصابه بشكلٍ مباشر». وأشار «الحزب» أيضاً الى ان مجاهدي المقاومة الاسلامية استهدفوا مباني يستخدمها جنود العدو في مستعمرة المنارة بالأسلحة المناسبة وأصابوها مباشرة . وأعلن أيضاً ان «بعد مراقبة ومتابعة لِقوات العدو الإسرائيلي في موقع راميا وعند رصد تجمع لِآلياته داخل الموقع، استهدفها مجاهدو المقاومة الإسلامية ليل أمس بالصواريخ الموجهة وأصابوها بشكلٍ مباشر مما أدى إلى تدميرها واشتعال النيران فيها، وعند دخول قوة إسناد إلى الموقع استهدفها المجاهدون بِقذائف المدفعية وحققوا فيها إصابات مؤكدة».
الطلاب السوريون
اما في ملف الوجود السوري غير الشرعي، فقد نجحت الضغوط في ثني مجلس الوزراء عن قراره الذي يسمح للطلاب السوريين غير الحاملين بطاقة إقامة قانونية او حتى بطاقة تعريف صادرة عن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، بالتسجيل في المعاهد والمدارس الرسمية والخاصة للعام الدراسي 2025/2024، بعدما قررت الحكومة تصحيح الخطأ، وحصر التسجيل بالتلاميذ الذين يملكون اقامات شرعية وقانونية، وفي السياق، قالت المصادر ان خطورة القرار السابق ، الذي سمح للطلاب السوريين الموجودين في اي مكان في العالم التسجيل في لبنان، أنه اعطى وزارة التربية الحق في تسليم المديرية العامة للأمن العام عبر وزارة الداخلية الاسم الثلاثي والوثائق المتوافرة عن كل مرشح نازح نجح في الامتحانات الرسمية للشهادات الرسمية الصادرة عن المديرية العامة للتعليم المهني والتقني، لكي يقوم الأمن العام بمهامه لجهة متابعة حصولهم على الإقامة الشرعية.