من الصحف

حصانة القاضي

الاحداث- كتب زياد شبيب في صحيفة النهار يقول:"حصانة القاضي تأتي من أعماله التي تعبّر عن استقلاليته. هذه الحقيقة ثبتت صحتها الأسبوع الماضي بما صدر عن القاضي #جمال الحجار #المدعي العام لدى محكمة التمييز في ملف التحقيق مع #الحاكم السابق لمصرف لبنان #رياض سلامة. ومع التأكيد على أن المدعى عليه ما يزال يتمتع بقرينة البراءة التي يضمنها له الدستور والقانون ويجب احترام جميع حقوقه الناتجة عن هذه القاعدة حتى صدور حكم عن المحكمة المختصة، فإن ما حصل يستدعي التوقف عنده من الزاوية التي تهم عمل القضاء وضرورة العودة إلى قواعد استقلاليته التي ظهرت بجلاء الاسبوع الفائت.

لا يمكن للحقوقيين إلا أن يتوقفوا عند ناحية مهمة في ما حصل وهي أن التحقيق والإجراءات التي اتخذتها النيابة العامة التمييزية، لم تخرج عن أصول العمل لدى النيابة العامة المذكورة أو عن قواعد الصلاحية. وفي قضية على هذه الدرجة من الحساسية ومن إثارة لدى الرأي العام، لم ينسب الحجار الفضل لنفسه أو يحتكر الأضواء، فلم يقم هو بالادعاء على سلامة وبإحالته على قاضي التحقيق بل أودع ملف التحقيق الذي أجراه النيابة العامة المالية تبعاً للصلاحية وهذه الأخيرة ادعت وأحالت سلامة أمام قاضي التحقيق.

هذا الأمر على بداهته يتوقف عنده أهل العدالة وينوهون به أملاً بعودة المرفق إلى انتظام سيره على صراط قويم. أما الأسباب الأخرى التي أعطت للحدث أهميته الحقوقية فهي ثبوت أن القاضي المستقل يستطيع بسهولة أن يتسعيد هيبة العدالة وثقة الناس بالقيمين عليها ويكفيه لتحقيق ذلك ملف واحد أو ملفات قليلة مهمة وقد لاحظ الجميع أنه بعد قرار الحجار انتعشت الآمال بمصير إيجابي لملف التحقيق في تفجير المرفأ وفي توسيع التحقيقات والملاحقات في الموضوع المالي وصولاً إلى إعادة حقوق الناس المسطو عليها.
0 seconds of 0 seconds
‏تحميل الإعلان
 

#الحصانة إذاً تأتي من أعمال القاضي وقد ثبت أن الأداة القانونية التي تولّى المدعي العام التمييزي بموجبها مهامه الحالية ليست مصدر مناعته، كما ليست نقطة ضعفه. فقرار تكليفه الذي صدر عن الرئيس الأول سهيل عبود مطعون فيه أمام مجلس شورى الدولة، وكذلك قرار الحجار بشأن تنظيم عمل النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان، ورئيس ذلك المجلس حرّك ملف الطعن الثاني دون الأول لأسباب ستظهر في وقتها، ولكن ما صدر عن الحجار مؤخراً جعل وضعه القانوني يتخطّى الطعن بقرار تكليفه ونتائجه. 

لكن ذلك لا يعني بأن حكومة تصريف الأعمال ليست معنية أو مطالبة بممارسة صلاحياتهما الدستورية والقانونية بتعيين المدعي العام التمييزي بالأصالة بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء. وفي غياب هذه الأداة القانونية لا بد من الدعوة إلى اعتماد طريقة الانتداب التي لحظتها المادة 20 من قانون القضاء العدلي، كعلاج قانوني مؤقت في غياب التعيين بالأصالة. وهو يحتاج إلى قرار من وزير العدل مبني على موافقة مجلس القضاء الأعلى.

إن احترام القواعد أصبح يفتقده صرح العدالة بعد تكاثر حالات التكليف والانتداب والتعقيدات التي تنتج عنها في غياب التعيينات والمناقلات ولا بد من الخروج على منطق الفراغ القاتل الذي أصبح يشمل كل المرافق بعد أن طال أول المواقع الدستورية ومفتاح إعادة تكوين وانتظام عمل جميعها وهو رئاسة الجمهورية. وإذا كانت هذه الأخيرة ما تزال أسيرة الاستعصاء الناتج عن تغييب نص الدستور وعن نتائج الانتخابات النيابية وغياب الأكثرية في المجلس فإن لا شيء يحول دون إقدام الحكومة على التخفيف من فداحة آثار الفراغ وممارسة صلاحياتها في تصريف الأعمال والتي تشمل التعيين في المواقع التي يترتب عليها تعطيل المرفق العام.