من الصحف

محاولة ترسيم معادلة اشتباك جديدة في الجنوب

الاحداث- كتب رضوان عقيل في صحيفة النهار يقول:"لم يكن أي فريق في محور الممانعة ولا سيما #حركة "حماس" يتوقع أن جولة #المفاوضات في #القاهرة وقبلها في #الدوحة ستؤدي الى اجتراح مخرج يؤدي الى وقف إطلاق النار. وهذا ما كان يدركه السيد #حسن نصرالله لكنه أراد عدم الظهور أمام الفلسطينيين أولاً وسائر المعنيين بأن حزبه يعرقل هذه المفاوضات منعاً لإعطاء أي حجة لبنيامين نتنياهو. وكانت "حماس" قد طلبت من الحزب التمهّل في الرد على اغتيال القيادي فؤاد شكر لا من باب الركون لمطلب إسرائيل بل من زاوية مصلحة أبناء غزة بعد سقوط أكثر من أربعين ألف ضحية. ولذلك أقدم الحزب على تنفيد عملية الرد "المدروس" من مختلف نواحي الحسابات العسكرية واللوجستية زائد إبراز عنصر المعنويات أمام الإسرائيلي أولاً وجمهور المقاومة.

ومع تعثر المفاوضات حيال ما يدور في غزة والتدقيق في انعكاسها على جبهة #جنوب لبنان تظهر المعطيات العسكرية على الأرض أنها تسير على وتيرتها هذه ومحاولة ضبطها مع اتخاذ جملة من الضوابط التي سيتبعها الطرفان. وثمة أصوات لبنانية عدة تأمل حصول خرق في مفاوضات القاهرة من بينها الرئيس نبيه بري الأمر الذي لم يكن ملموساً عنده بعد جولة الدوحة بناءً على المعطيات الديبلوماسية التي يمتلكها زائد تحليله الشخصي لمسار هذه المواجهات مع خروجه بانطباعات جيدة حيال مضمون خطاب نصرالله والخلاصة التي وصل إليها. 

ويتوقف الحزب في معرض قراءته لما حدث فجر الأحد الفائت عند مساحة التضليل وقلب الحقائق التي مارسها سياسيون وعسكريون في إسرائيل رغم صدور أصوات من بيئتهم لم تشاركهم الرأي اعترضت على تضخيم ما جرى إظهاره من صد صواريخ المقاومة ومسيّراتها واستهداف منصات تعود للحزب في الجنوب. وبعد رده وعدم تقديمه أي اطمئنان لنتنياهو بأنه اكتفى بهذا الرد على اغتيال شكر تتجه الأمور الى إرساء معادلة الاشتباك السابقة أي الإبقاء على ترسيم مساحة نارية محددة من الجهتين الحدوديتين. وإذا استهدفت إسرائيل بلدات في البقاع يقدم الحزب عندها على الرد في الجولان. وما يشدد عليه الحزب هو الإبقاء على مساحة كل هذا القلق في المستوطنات وعدم عودة شاغليها إليها وتعطيل المدارس والمؤسسات فيها في مقابل النازحين الجنوبيين من البلدات الحدودية مع الإبقاء على هذه المعادلة بين الطرفين ولو أن إسرائيل وسّعت مساحة اغتيالاتها الى البقاع وخروجها عن السياق المرسوم في اغتيالها شكر في الضاحية الجنوبية.

وفي المعلومات إن محاولات اغتيال عدة استهدفت قياديين عسكريين في الحزب كان مصيرها الفشل من جراء الاحتياطات التي يتخذها هؤلاء الذين يعملون على عدم الوقوع في أخطاء استغلتها الاستخبارات الإسرائيلية في محيط الحلقة الضيّقة من عائلات الوجوه التي جرى اغتيالها.

ولا مهرب هنا من التوقف عند الحجم الاستخباراتي المدعم بأحدث وسائل التكنولوجيا العسكرية الذي عملت عليه تل أبيب منذ عام 2006 الى اليوم مروراً بسنوات مشاركة الحزب في الحرب السورية. ولم يقصّر الحزب في تطوير قدراته في هذا الميدان حيث يواجه على مدار 11 شهراً إمكانيات الجيش الإسرائيلي المدعوم بأحدث الأعتدة والمعلومات وبرعاية من الأميركيين. 

ويتبيّن أن ما رسمه السيد نصرالله في خطابه الأخير قد يبقي المواجهة مع إسرائيل من دون الوصول الى تصعيد كبير. وإن كان الحزب لا يعارض مفاوضات القاهرة وغيرها فإنه يوجه رسالة الى نتنياهو وكل الرؤوس الحامية في الحكومة والجيش الإسرائيليين بأن الميدان سيكون البديل من المفاوضات "التي يتحمّل نتنياهو مسؤولية تفشيلها".

وبالعودة الى المفاوضات يظهر أن مندرجاتها لم تعد تخصّ إسرائيل والفلسطينيين فحسب بل دخلت عليها القاهرة بقوة لأن أي ترتيبات في خصوص محوري فيلادلفيا ونتساريم ستكون محل تأثير على التعاطي الجيو-سياسي في هذه البقعة بين ثلاثة أطراف. 

وإن كانت القاهرة متوجسة من حكومة تل أبيب في الأصل فإن علاقتها مع "حماس" يشوبها الكثير من عوامل الثقة المفقودة وإن لم يتم إظهارها الى العلن. ولذلك كانت "حماس" تعوّل أولاً على الوسيطين القطري والمصري بإشراف الأميركي، فإن وفدها توجه الى القاهرة من باب إثبات أنها لا تعارض أي مسعى يؤدي الى وقف المجازر في غزة في وقت كانت تعرف فيه أن نتنياهو لن يتراجع بسهولة عن الشروط التي وضعها وإن لم تسلم الحركة بما يقوله لأنه يريد المفاوضات من أجل المفاوضات لا أكثر بحسب قيادي في "حماس".

وكانت حصيلة لقاءات القاهرة "صفر نتيجة" لأن الوفد الإسرائيلي لم يبد منذ البداية الجدية المطلوبة حيث عبّر عن حقيقة تعليمات نتنياهو عن عدم التعهد بوقف إطلاق النار في المستقبل ولا الانسحاب من فيلادلفيا وعدم السماح بعودة الغزاويين بسهولة الى مناطقهم حيث يريد الاستمرار في السيطرة على محور نتساريم أي بمعنى ممارسته احتلالاً مقنّعاً على غزة ولو أن هدفه الأساس الذي لم يستطع تحقيقه هو كيفية القضاء على "حماس". وبعد إقفال جولة القاهرة من هذه المفاوضات لا تقول "حماس" إنها قطعت كل قنوات اتصالاتها مع أفرقاء التفاوض.

وربطاً بهذه المفاوضات وبعد كلام نصرالله الأخير ترى "حماس" أنه رسّخ جبهة إسناده لغزة ولن يتوقف عن هذا الخيار الذي اتخذه الحزب منذ اليوم الثاني لعملية "طوفان الأقصى" الى اليوم رغم كل التهويل الإسرائيلي بحرب كبرى في المنطقة وحضور كل هذا العدد من أسطول البحرية الأميركية وجنودها الى المتوسط. وفي المقابل تسجل "حماس" للحزب كل التضحيات التي يقدّمها مع التوقف عند عدم عودة النازحين الإسرائيليين الى مستوطناتهم في الشمال رغم كل التهديدات التي تطلقها الماكينتان الحربية والسياسية في إسرائيل.