من الصحف

ردّ "حزب الله" رسالة ضغط تحسّباً للحرب الكبرى... مفاوضات القاهرة أمام منعطف حاسم لغزة ولبنان

الاحداث- كتب ابراهيم حيدر في صحيفة النهار يقول:"اختار "#حزب الله" الردّ على اغتيال قائده العسكري فؤاد شكر في توقيت حساّس، أي خلال انطلاق جولة المفاوضات في القاهرة حول وقف اطلاق النار في #غزة. لكن هذا الردّ وبصرف النظر عن المواقع التي استهدفها بقي ضمن دائرة الاستيعاب، في الوقت الذي قامت به #إسرائيل بغارات غير مسبوقة على القرى الحدودية وفي عمق أكبر، ثم أعلنت انتهاء حال الطوارئ في وسط إسرائيل وإبقاء القيود في المناطق الشمالية، ما يدل على امتصاص الجميع للتصعيد وضبطه تجنباً لحرب واسعة في المنطقة.
 
الواقع أنه ليس تفصيلاً توقيت الردّ وفق الرادار الإيراني، وبالعلاقة مع معركة غزة المشتعلة مع التصعيد الإسرائيلي المتواصل والهادف إلى تحقيق انجازات على الأرض يتم استثمارها في المفاوضات وتكريس احتلال نقاط أساسية والبقاء فيها على ما يعرف بمحوري فيلادلفيا ونتساريم، إضافة إلى فرض الشروط التي يرفعها بنيامين نتنياهو على أي اتفاق محتمل لا أحد قادر على الجزم بالتوصل إليه. جاء الردّ العنيف لـ"حزب الله" ليشكل نوعاً من الضغط على مفاوضات القاهرة، وهو وفق مصدر ديبلوماسي متابع ردّ باسم المحور الإيراني كله، وإن كان عنوانه "فؤاد شكر"، ليرسم ملامح جديدة حول بنود التفاوض، في الوقت الذي حاولت فيه إسرائيل الترويج بانها هي من بدأ بالعمليات عبر قصف مواقع اطلاق الصواريخ التابعة للحزب، للقول إنها ممسكة بزمام الامور وهي مستعدة للحرب على #لبنان.
كان يُفترض وفق الأجواء التي رافقت المفاوضات، من الدوحة إلى القاهرة، أن يأتي ردّ "حزب الله" وإيران بعد إعلان فشلها، لكن المستجد بالنسبة للمحور الإيراني هو التطورات في غزة، إذ لم يعد في إمكان حركة حماس ممارسة ضغوط كبيرة في الداخل، وإن كانت لا تزال تقاتل في أكثر من محور شمالاً وجنوباً في القطاع، لكنها باتت في وضع مستنزف مع الحصار والتدمير وأيضاً تمديد الحرب الإسرائيلية، الأمر الذي دفع محور المقاومة إلى الاسراع في الردّ وتجديد ربط الجبهات مع غزة خصوصاً ساحة لبنان التي باتت اليوم أيضاً على طاولة المفاوضات بالعلاقة مع غزة. 
 
يؤكد "حزب الله" في ردّه العسكري أنه مستمر بربط جبهة لبنان بغزة، وان كان الجنوب صار جبهة قائمة بذاتها، ولا حل لها من دون ترتيبات ديبلوماسية، وهو ما أكده بيان المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان واليونيفيل الذي دعا فيه "الجميع إلى وقف إطلاق النار والامتناع عن التصعيد، والعودة إلى وقف الأعمال العدائية، وتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي 1701. لكن عملية الحزب تجاوزت الردّ على اغتيال شكر فهي طاولت المفاوضات بقرار إقليمي، ما يعني أنه ليس رداً بحسابات لبنانية بحتة بعد كسر إسرائيل الخطوط الحمر بقصفها الضاحية الجنوبية نهاية تموز (يوليو) الماضي، بل عملية ترتبط بالمنطقة كلها من دون أن يعني ذلك تفجيرها. وتظهر الوقائع أن ردّ الحزب والغارات الإسرائيلية، قد جرى استيعابهما، بما يعني أن الضغوط الأميركية لا تزال تمنع إسرائيل من شن حرب واسعة على لبنان، على الرغم من إعلان إدارة جو بايدن دعمها الكامل لتل أبيب في أي مواجهة محتملة مع إيران.
 


0 seconds of 15 seconds
This ad will end in 8
 
التصعيد في الجنوب لم ينسف مفاوضات القاهرة، لكنه طرح تحديات جديدة مرتبطة بغزة ولبنان. فالردّ الذي نفذه "حزب الله" لا يعني بالضرورة أنه سيدفع إسرائيل إلى القبول بوقف إطلاق النار والتراجع عن شروطها، بل قد يمارس الاحتلال مزيداً من التصعيد متذرعاً بالتهديد الأمني من الشمال والتشدد أكثر في غزة، وذلك على رغم المرونة التي تبديها "حماس" للوصول إلى وقف لإطلاق النار، وبات مطلبها الأول انسحاب إسرائيل من القطاع ثم البحث في التوصل الى حل حول المعابر بالتعاون مع السلطة الفلسطينية، وانفتاحها على مناقشة اقتراح بناء أبراج مراقبة تبقى فيها قوات إسرائيلية، بشرط انسحابها من المحور.
 
أمام هذا الوضع المستجد، تتركز المفاوضات في القاهرة على تجنب التصعيد، ولجم الانجرار إلى حرب إقليمية شاملة. ويبدو واضحاً رغم التطورات الميدانية، أن كل الاطراف وفي مقدمها الولايات المتحدة الأميركية تسعى إلى إبقاء المفاوضات قائمة وتمديدها حتى تحقيق تقدم معين، حيث لا أحد يجرؤ على نعيها خوفاً من الانزلاق الى مواجهات أوسع. لكن حتى الآن، التوصل الى وقف لإطلاق النار معلق على رفض نتنياهو، فيما يبدو أن الاتصالات غير المباشرة بين واشنطن وطهران مستمرة لاستيعاب الوضع، فيما إيران نفسها تعلق آمالاً على التوصل الى اتفاق وقف النار لإخراجها من احتمال خوض حرب إقليمية، إذ جاء الردّ من "حزب الله" وليس منها كي لا تحملها الأطراف مسؤولية العرقلة والتفجير. 
 
وبينما لا تظهر مؤشرات على أن مفاوضات القاهرة ستؤدي إلى التوصل لوقف اطلاق النار، إلا أنها ستستمر كمصلحة إقليمية ودولية، إذ أن ردّ الحزب ليس هدفه إجهاض المفاوضات، إنما الضغط لتحقيق وقف اطلاق النار في غزة. وإذا كان هناك إصرار أميركي على استمرار المفاوضات، إلا أن الأمور تظهر أنها لا تزال متعثرة من دون أن يعني ذلك فشلها.
 
لكن الوقائع تشير إلى أنه كلما امتدت المفاوضات أسابيع أخرى كلما زادت مخاطر توسّع الحرب، ولذا يبدو أن الهدف من المباحثات إبقاء المواجهات في وتيرتها الحالية. ويبدو أن كل طرف يراهن على مفاجآت أو متغيّرات تصب في مصلحته، علماً أن لبنان الذي يقود "حزب الله" جبهته بات ساحة مواجهة قائمة بذاتها بعد غزة وفي الوقت نفسه مرتبطة بها، وهو ما يعني أن خطر نشوب الحرب الإقليمية قد يبدأ من لبنان إذا تطورت المواجهات على نحو أوسع.