أكثر من 100 شهيد فلسطيني بمجزرة للعدو الإسرائيلي على مدرسة في غزّة
«إضحكوا قليلاً وستبكون كثيراً»... ردّ محور المقاومة آتٍ لا محالة
مرجع اقتصادي: الدولة عاجزة عن تطبيق خطّة الطوارئ بسبب نقص العملة الصعبة
الاحداث ـ كتبت صحيفة الديار تقول: إختار العدو الإسرائيلي موعد صلاة الفجر ليرتكب أبشع مجازره ضد المواطنين الفلسطينيين العُزّل، حيث أغارت طائرات العدو على مدرسة التابعين في حيّ الدرج وسط مدينة غزّة، التي كانت تؤوي نحو 6000 نازح فلسطيني، مما أدّى إلى وقوع مئة شهيد (حصيلة غير نهائية). وبحسب المعلومات، فإن جيش الاحتلال استخدم 3 قنابل تزن كل واحدة منها أكثر من «ألفي رطل» (!!!) في قصفه مدرسة «التابعين» في مدينة غزة.
هذه المدرسة التي كان من المّفترض أن تُشكل للمدنيين ملاذًا آمنًا بعد أن هجّرتهم من منازلهم يد الغدر والإجرام، غدت مدفنا للأبرياء على أيدي كيان غاصب يستحق صفة «الكيان النازي المُجرّم»، الذي يتعاطى مع الفلسطينيين كما تعاطى النازيون مع اليهود في الحرب العالمية الثانية. وما يُبرّر هذا القول هو المنهجية التي يتبعها الكيان في مجازره ضد المدنيين الفلسطينيين، مما يحّولها إلى «إبادة» يجب محاكمته عليها. ولعل أصدق ردّة فعل كانت لفرانشيسكا ألبانيزي، المقررة الأممية لحقوق الإنسان بالأراضي الفلسطينية، التي تساءلت: «كيف يتقبل العالم هذه الإبادة»؟ كما علق مفوض «الأونروا» بالقول «إنه يوم آخر من الرعب في غزة بعد قصف مدرسة أخرى وتقارير عن مقتل العشرات بينهم نساء وأطفال ومسنون».
جيش العدو برّر هذه الغارة بقوله إنّه «استهدف مخربين عملوا من داخل مدرسة أستخدمت كمأوى للمدنيين»، مضيفًا: «أغارت طائرة بتوجيه استخباري لهيئة الاستخبارات العسكرية و»الشاباك» والقيادة الجنوبية، على مخربين عملوا في مقر قيادة عسكري تم وضعه داخل مدرسة «التابعين»، التي تقع بجوار مسجد في منطقة الدرج والتفاح، والتي تستخدم مأوى لسكان المدينة». إلا أن رواية جيش العدو كذبتها حصيلة الضحايا، التي أثبتت أن الضحايا هم من المدنيين ومعظمهم أطفال ، ولا مسلحين في المدرسة المستهدفة.
إدانات بالجملة للمجزرة
الإدانات العالمية لم تتأخّر، حتى ولو أن وسائل الإعلام العالمية تجاهلت الحدث في ساعاته الأولى. فمسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي قال في تصريح له: «أشعر بالرعب من صور مدرسة إيواء في غزة تعرضت لضربة إسرائيلية»! كذلك علّق وزير الخارجية البريطاني قائلًا: «أشعر بالرعب جراء الغارة الإسرائيلية على مدرسة التابعين في غزة».
وتوالت الإدانات من كلٍ من بلجيكا وروسيا وتركيا وجامعة الدولية العربية، التي وصفت هذا العمل بالجبان. ولعلّ التصريحات البلجيكية هي الأكثر تعبيرا عن الإجرام الإسرائيلي، إذ قالت وزيرة الخارجية البلجيكية: «نَدين بشدة الهجوم على مدرسة في غزة الذي خلف مقتل 100 نازح على الأقل»، وهو ما يُشكّل تأكيدا على النيّة الإجرامية للعدو.
أمّا المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، فقد صرّح أن «جريمة مدرسة التابعين نموذج واضح وصريح لتهديد الأمن والسلم الدوليين». ولاحقًا كان هناك سلسلة من الإدانات بدأت مع المملكة العربية السعودية التي استنكرت على لسان خارجيتها «تقاعس المجتمع الدولي تجاه محاسبة إسرائيل»، مشدّدة على أن «قطاع غزة يعيش كارثة إنسانية غير مسبوقة بسبب الانتهاكات الإسرائيلية». كما دانت قطر بشدّة قصف الاحتلال الإسرائيلي مدرسة بقطاع غزة. وكذلك فعلت سلطنة عُمان التي طالبت المجتمع الدولي بوقف الاعتداءات الإسرائيلية ومحاسبة الاحتلال وفرض عقوبات دولية على «إسرائيل». أمّا مصر فقد دانت الجريمة واعتبرت أن «قتل الفلسطينيين عمداً دليل قاطع على غياب الإرادة السياسية لدى «الإسرائيلي» لإنهاء الحرب». من جهّتها دانت وزارة الخارجية اللبنانية بشدّة الجريمة واعتبرتها جريمة موصوفة.
كما دانت حركة فتح المجزرة «الدموية الشنعاء التي ارتكبها الاحتلال في مدرسة التابعين» وقالت أنها «تمثل ذروة الإرهاب والإجرام لدى حكومة الاحتلال». وكذلك دانت حماس المجزرة وعتبرتها تأكيدا واضحا من «الحكومة الصهيونية على مضيها في حرب الإبادة ضد شعبنا الفلسطيني».
واللافت هو ردّة فعل عائلات الأسرى «الإسرائيليين» الذين اتهموا نتنياهو بإفشال صفقة التبادل عبر هذه الجريمة إرضاءً لسموتريتش وبن غفير المتعطشين للدماء.
سياسة الهروب الى الأمام
مصدر سياسي بارز قال «الديار»: «العدو فقد إدراكه»، فخطاب أمين حزب الله السيد حسن نصر الله كان واضحا لجهّة حتمية الردّ على الجرائم التي ارتكبها العدو، والتي استهدفت رئيس المكتب السياسي السابق إسماعيل هنية والقائد فؤاد شكر وغيرهما من الاغتيالات الخسيسة، بالإضافة إلى الهجوم على ميناء الحديدة في اليمن، والذي شكّل ضغوطات على الكيان العبري المرعوب من هذا الردّ، إذ من المتوقّع أن يكون الردّ قاسيا وموجعا بحسب تصريحات قائد في الحرس الثوري الإيراني الذي قال: «سننزل عقاباً قاسيا بإسرائيل والردّ لا علاقة له بوقف إطلاق النار».
وبحسب المصدر السياسي، هناك عِدّة مواقع في الأراضي المحتلّة مصنّفة استراتيجيا تحت مرمى صواريخ محور المقاومة، من بينها كل مطارات العدو ومرافئه ومُفاعله النووي (ديمونا). وعن سبب التأخير في الردّ، يقول المصدر: في البدء كان التأخير جزءا من الحرب النفسية التي مارستها المقاومة على العدو والتي أعطت مفعولا كبيرا. أمّا الأن، فإن التأخير هو تأخير تكتي يدخل في خانة تعظيم النتائج على المستوى العسكري، ولكن أيضا السياسي من ناحية تحصين مكاسب الشعب الفلسطيني في غزّة.
ويُضيف المصدر ان التصعيد الإسرائيلي في هذه المرحلة هو هروب للأمام من خلال مواصلة الحرب، وإفشال مفاوضات وقف إطلاق النار في غزّة، والسبب بحسب المصدر يعود إلى الأفق المسدودة أمام رئيس وزراء العدو نتنياهو، الذي يعلم أكثر من أي وقتٍ مضى أن مستقبله السياسي انتهى، ولكن أيضا السجن بانتظاره عند انتهاء الحرب. لذا يحاول الهروب إلى الأمام من خلال فرض شروط تفاوضية جديدة بحجّة التغيرات الميدانية، وهذه الشروط غير قابلة للتنفيذ نظرا إلى عدم تطابقها والواقع على الأرض. وبالتالي فإن الأكثر احتمالا هو محاولة نتنياهو جرّ الولايات المتحدة الأميركية إلى مواجهة لا تريدها أصلا.
وبحسب المعلومات، ان هناك سعيا أميركيا لإقناع إيران بخفض سقف ردّها على العدو الإسرائيلي، في مقابل الإطاحة بنتنياهو الذي أصبح يشكّل عبئا كبيرا على الإدارة الأميركية الحالية. ونُقل عن الإدارة الأميركية أن واشنطن طلبت من الجمهورية الإسلامية في إيران التهدئة لتفادي حرب كبرى «يخطط لها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو». وما يزيد القناعة في هذا السيناريو هو تصريح السفير الأميركي لدى «إسرائيل» الذي قال: «الأيام المقبلة حاسمة لمنع انزلاق المنطقة إلى صراع لا مصلحة لأحد فيه».
العدوان على لبنان
على صعيد آخر، تستمر الاعتداءات «الإسرائيلية» على لبنان. فقد استهدف العدو بلدة مجدل سلم بصاروخين، مما أدى إلى إصابة مواطن بجروح طفيفة، بالاضافة الى إصابة مسعف في كشافة الرسالة الاسلامية خلال قيامه بواجبه الإنساني. وقد تمّ نقل الجريحين الى مستشفى تبنين الحكومي للمعالجة.
كما استهدفت المدفعية «الإسرائيلية» أطراف بلدة عيترون وبلدة كفركلا، مما أدّى إلى إصابة مواطن باختناق حاد بحسب ما نقلت وزارة الصحة اللبنانية. كما شنّ الطيران المعادي غارة على طيرحرفا وحلّق في الأجواء الجنوبية باتجاه صيدا وبيروت وخرق جدار الصوت فوق العاصمة.
إلى هذا، أعلن حزب الله استهدافه التجهيزات التجسسية في موقع راميا بمحلقة انقضاضية، ما أدّى إلى تدمير هذه التجهيزات. كما أصابت نيران مباشرة أُطلقتها المقاومة محيط ثكنة «برانيت» موقعة إصابات مباشرة. ودوّت صفارات الإنذار في المالكية في الجليل الغربي عند الحدود اللبنانية – الفلسطينية بحسب القناة 12 «الإسرائيلية» التي تحدّثت عن سقوط صاروخين فيها أطلقا من لبنان.
وبحسب المعلومات، يتمّ الحديث عن رغبة قوية لدى نتنياهو باستهداف بيروت في الساعات والأيام المقبلة، إرضاءً لكل من «سموتريتش» و «بن غفير» المتعطشين للدماء، كما وصفتهم عائلات الأسرى «الإسرائيليين». وبحسب المعلومات ايضا، هناك ترقّب وجهوزية كاملة من قبل حزب الله الذي جهّز عددا من المفاجآت لطائرات العدو. ويقول ضابط مُتقاعد في الجيش اللبناني لـ «الديار» إن نتنياهو يعلم جيدا أنه باستهداف بيروت بالمباشر، سيفرض ردا فوريا من قبل حزب الله، سيسعى من خلاله الى إلزام الولايات المتحدة الأميركية الدخول في المعركة. ويقول الضابط المتقاعد ان طريقة ردّ المقاومة ستكون حكيمة، بطريقة لا تنجرّ إلى فخّ العدو الواضح المعالم.
خطّة الطوارئ
إلى هذا، تستمرّ التساؤلات حول جهوزية الدولة اللبنانية في حال نشوب صراع مفتوح مع العدو الإسرائيلي. وفي هذا المجال أعلن وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال ورئيس هيئة الطوارئ ناصر ياسين، أن «اللجنة أعدت عدة سيناريوهات تتعلق بالاعتداءات الإسرائيلية المحتملة ومدى توسعها الجغرافي، في إطار الاستعداد لمواجهة أي تطورات قد تطرأ». وأضاف في حديثٍ إذاعي أنه «تم تشكيل لجنة مختصة لدراسة وضع المدارس التي ستقدمها وزارة التربية، بهدف تقييم مدى جاهزيتها لاستقبال النازحين، لا سيما في جنوب لبنان». كذلك، لفت إلى أن «لبنان سيكون لديه مخزون كافٍ من الإمدادات الغذائية لمدة خمسة أشهر، بالإضافة إلى مخزون يكفي لخمسة أسابيع من الوقود، في حال فرض حصار «إسرائيلي»، هذا الأمر يعكس استعداد لبنان لمواجهة أي سيناريوهات قد تفرضها التطورات الإقليمية».
وتعقيبا على هذا التصريح، قال مرجع اقتصادي ان حكومة تصريف الأعمال عاجزة بالكامل عن تطبيق خطّة الطوارئ التي وضعتها بسبب نقص العملة الصعبة (1.3 مليار دولار أميركي رصيد الحكومة لدى المركزي)، وبسبب عدم قدرتها على تخطّي الصعوبات اللوجستية. وبالتالي وبحسب المرجع الاقتصادي سيكون هناك حكما نقصٌ في ثلاثة قطاعات رئيسية هي: المواد الغذائية والأدوية والمحروقات، وهو ما اعترف به الوزير ياسين حين قال في مقابلته الإذاعية: «أن فرض حصار داخلي من قبل «الإسرائيلي» قد يؤدي إلى صعوبات كبيرة في إيصال هذه المواد إلى المواطنين في مختلف المناطق اللبنانية».