جمود رئاسي مستمر ولا مفاجآت.. وترقّب لخطاب نتنياهو اليوم
الاحداث- كتبت صحيفة "الجمهورية": لم يعد خافياً على احد انّ رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، وفي خطابه التاريخيّ اليوم أمام الكونغرس الاميركي، سيبرّر جرائمه ومجازره وسيطلب الدعم والمساندة السياسية والعسكرية لاستكمالها إلى حين تحقيق أهدافه، لكنّ العين ستكون على ردة فعل الكونغرس وكيف سيتفاعل مع الخطاب في ظل أشرس معركة سياسية وانتخابية تدور رحاها بين الحزبين الديموقراطي والجمهوري. لكن «ما بعد الخطاب سيكون كما قبله، لا تغيير في مسار الحرب»، بحسب قول مصدر سياسي بارز لـ»الجمهورية»، الذي أكد انّ «المحطة المفصلية بالنسبة إلى لبنان وجبهته وأزماته ليست خطاب نتنياهو إنما مصير الرئاسة الأميركية وخطة الرئيس الجديد حيال غزة». ولم يعوّل المصدر كثيرا على المرونة التي أبداها نتنياهو عشية توجهه إلى واشنطن بإرساله وفدا اسرائيليا إلى القاهرة لاستكمال التفاوض حول غزة.
رئاسياً، لم يسجل اي جديد امس في ظل معلومات تؤكد انه لن يكون هناك اي لقاء بين وفد نواب قوى المعارضة وكل من كتلتي «التنمية والتحرير» و»الوفاء للمقاومة» للبحث في مبادرة المعارضة الرئاسية. وكذلك افادت هذه المعلومات ان رئيس مجلس النواب نبيه بري لن يدعو الى جلسة مناقشة او مساءلة حول الوضع على الجبهة الجنوبية.
جولة ونصيحة
وكان وفد نواب المعارضة غسان حاصباني والياس حنكش وميشال الدويهي قد التقى قبل ظهر امس في ساحة النجمة النواب المستقلين: ايهاب مطر وجان طالوزيان والوزير جورج بوشكيان، وذلك استكمالا للقاءات نواب المعارضة مع الكتل النيابية في اطار المبادرة التي اطلقوها حول الاستحقاق الرئاسي، وبعد ذلك التقى نواب المعارضة النائب جميل السيّد في حضور طالوزيان.
واوضح السيد لـ»الجمهورية» انه أجرى خلال اللقاء عرضاً للأزمات الرئاسية والسياسية التي حصلت بعد «اتفاق الطائف»، والنتائج التى وصلت اليها قبل الخروج السوري من لبنان وبعده، والتقاطعات الاقليمية والدولية التي انتجت رؤساء جمهورية والتمديد للرئيسين الياس الهراوي واميل لحود، وانتخاب الرئيس ميشال سليمان، ومن ثم حصول الفراغ الرئاسي بعده، وصولاً الى تقاطع جديد أدى الى انتخاب الرئيس ميشال عون «الى ان عُدنا الى الشغور الرئاسي حالياً نظراً لعدم وجود توافقات اقليمية ودولية على انتخاب رئيس». وكشف انّ «مبادرة المعارضة تقوم على جلسة انتخاب اولى لن تصل الى نتيجة، ثم جلسة حوار او نقاش تليها جلسات انتخاب بنصاب الثلثين لكن بانتخاب رئيس بـ 65 صوتاً، اما مبادرة الرئيس برّي فتقوم على جلسة حوار تليها جلسات انتخابية بنصاب الثلثين اذا حصل تفاهم ولو بنسبة اصوات 65 نائباً، واذا لم يحصل تفاهم لا يدعو الى جلسة انتخابية». وقال: «لمستُ ان المعارضة تراهن على تأمين 67 صوتاً لمرشح وسطي نتيجة ضغوط خارجية على بعض النواب المستقلين او المترددين». واضاف: «لقد نصحتُ وفد المعارضة بلقاء الرئيس نبيه بري برغم التعارض بين المبادرتين، لكني اخشى في ظل هذا الوضع المتوتر اقليميا وداخليا من انفلات الامور، واللقاء مع بري قد يؤدي الى تهدئة الاجواء، وطالما يتعذّر انتخاب رئيس فليتوجه الجميع الى لملمة الوضع الداخلي والاهتمام بشؤون الناس المعيشية والحياتية والاجتماعية. وقد رفضوا في البدء لقاء الرئيس بري لأنه رفض استقبالهم، فقلت للوفد انّ طلب موعد لعرض مبادرتكم شيء، وزيارة بري لوضعه في حصيلة جولة المعارضة ومناقشة مبادرتها ومبادرته شيء آخر، وقد وعدَ الوفد بدرس موضوع اللقاء مع بري ولو انه قد لا يؤدي الى نتيجة لكنه يساهم في تهدئة اجواء التوتر الداخلي».
ورأى السيّد «ان التأزم الخارجي لن ينتج رئيساً للبنان لأنّ الخلاف في العمق هو حول الهوية الإستراتيجية للرئيس المقبل. في اي فريق سيكون، ورئيس «نص ـ نص» لا يشكل ضماناً لكثيرين بعد التجربة، وانا ارى ان سليمان فرنجية يشكل ضماناً، لكن موضوع الرئاسة اصبح في يد الخارج والوضع الخارجي الآن لا يسمح بالتوافق على رئيس لبناني».
عند البخاري
وفي غضون ذلك زار رئيس حزب «الحوار الوطني» النائب فؤاد مخزومي، سفير المملكة العربية السعودية وليد بخاري، على رأس وفد من أعضاء منتدى «الحوار الوطني» وشخصيات «ملتقى بيروت». واكد مخزومي خلال اللقاء أن «الشغل الشاغل لنا كمسؤولين في لبنان هو ملف وقف الحرب في الجنوب، لا سيما في ظل الانعكاسات الاقتصادية الاجتماعية السلبية على لبنان، خصوصا أن حوالى 100 ألف لبناني باتوا اليوم نازحين من منازلهم في الجنوب». واعتبر أن «الأولوية هي في تحييد لبنان عن أي معركة، وتطبيق القرار 1701»، داعياً إلى «العمل لوقف شلال الدم النازف في غزة». وأكد أن «الإسراع، رغم كل الظروف، في انتخاب رئيس للجمهورية بدعم من الخماسية التي تشكل المملكة رافداً أساسياً فيها، سوف يعطي زخماً ومقدمة إيجابية لتشكيل حكومة قادرة على مواجهة الأزمات القائمة».
لا رئيس قريباً
الى ذلك أكّد رئيس «مجموعة العمل الأميركيّة من أجل لبنان» إدوارد غابرييل لقناة «الجديد»، امس، «أنّني لا أعتقد أنّه سيتمّ انتخاب رئيس للجمهوريّة في المدى القريب، لأنّنا نحتاج إلى المزيد من المشاورات، ولكن يمكن المضي قدمًا في مسألة الحدود». وقال: «إنّنا ضدّ أيّ شكل من أشكال التصعيد، و»حزب الله» وإيران عبّرا سابقاً عن عدم رغبتهما في التّصعيد أيضاً».
مجلس الأمن واليونيفيل
وفي الوقت الذي غابت المواقف الحاسمة ازاء مجموعة الاستحقاقات المطروحة وسط اجواء المراوحة، تتجه الانظار اليوم الى كل من مجلس الأمن الدولي حيث تنطلق المشاورات التي سيجريها المجلس في شأن تطبيق القرار ١٧٠١ بالاستناد الى ما يحمله تقرير الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس.
وعشيّة جلسة المشاورات الاممية وقبل ساعات قليلة على توجّهها الى نيويورك للمشاركة في جلسة مجلس الأمن الدولي بعد غد الجمعة حول تنفيذ القرار 1701، واصلت المنسّقة الخاصّة للأمم المتّحدة في لبنان جينين هينيس ـ بلاسخارت، تُرافقها من مكتب الشؤون السياسية كلّ من ليزا مور ولينا القدوة، جولاتها على المسؤولين اللبنانيين فزارت وزير الخارجية الدكتور عبدالله بوحبيب العائد من جولة شملت الامم المتحدة والاتحاد الاوروبي عرضَ خلالها لتطورات الوضع في الجنوب وتحديداً ما يتعلق بطلب لبنان تمديد ولاية قوات «اليونيفيل» لسنة جديدة حيث تنتهي في آب المقبل، كما بالنسبة الى آلية تطبيق القرار القرار ١٧٠١ لعام ٢٠٠٦.
وقالت مصادر ديبلوماسية لـ»الجمهورية» انّ بوحبيب أكد لبلاسخارت «التزام لبنان بالتطبيق الكامل للقرار ١٧٠١»، مشدداً على «أهمية إعطاء الأولوية للحلول الديبلوماسية والسياسية في ما يخص النزاع في جنوب لبنان والمنطقة».
«حاملة القلم»
وفي الاطار نفسه التقى بوحبيب السفير الفرنسي هيرفي ماغرو وبحث معه في المشروع المقترح لتمديد ولاية قوات «اليونيفيل» الذي تعدّه باريس، ذلك ان بلاده هي «حاملة القلم» للدورة الحالية لمجلس الامن التي تترأسها روسيا. كذلك تناول البحث نتائج المشاورات التي أجراها بوحبيب في نيويورك وبروكسل ومع المسؤولين الكبار في الأمم المتحدة في شأن التطبيق الكامل للقرار ١٧٠١ ومسألة دعم الجيش اللبناني.
وعلمت «الجمهورية» ان بوحبيب اتفق والسفير الفرنسي على آلية للتواصل في المرحلة المقبلة والتنسيق الدائم منذ لحظة إعداد النسخة الاولى لقرار التمديد، متمنياً ان يبقى في الاطار القائم ما لم يطرأ جديد بات مستحيلاً قبل نهاية ولاية «اليونيفيل» آخر آب المقبل، مشددا على أهمية ان يراعي مجلس الأمن مضمون الاقتراح اللبناني الذي يتحدث عن «سلة سلام شاملة».
من جهته، شدد السفير الفرنسي على «التواصل الدائم من اجل ان يكون للبنان رأي في كل فقرة من فقرات مشروع قرار التمديد لقوات اليونيفيل».
وللغاية عينها، وعملاً بالمهمة المكلفة بها، التقت بلاسخارت أمس الأول رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في معراب، حيث استمعت الى موقف «القوات» الداعي منذ عملية «طوفان الأقصى» الى التطبيق الفعلي للقرار ١٧٠١ «خصوصاً انّ فتح «حزب الله» الجبهة الجنوبية أدى إلى المزيد من الحروب والمآسي والدمار المجاني للجنوب وأهله من دون التمكّن من تجنيب غزة الاجتياح والهدم شبه الكلي والتهجير»، بحسب بيان لـ»القوات».
إغتيال وقصف
وعلى الجبهة الجنوبية واصل العدو الاسرائيلي أمس حرب الاغتيالات واستهداف المدنيين، فأغار طيرانه المسيّر ظهراً على اطراف بلدة شقرا لجهة وادي السلوقي، مستهدفا سيارة «فان» بيضاء بين البساتين، فأصيب شخصان احدهما اصابته خطرة ما لبث ان استشهد لاحقاً وقد نعته «المقاومة الاسلامية» «شهيداً على طريق القدس»، وهو صادق عاطف عطوي من بلدة شقرا.
واغار الطيران الحربي الاسرائيلي على بلدة حولا الملاصقة لشقرا وعلى كفردجال والمنطقة الواقعة بين كفرحمام وكفرشوبا. فيما خرق جدار الصوت على علو منخفض فوق بيروت وضواحيها وخلدة والحدث وعرمون والدامور والجية وقرى عاليه والشوف واقليم الخروب وكسروان، وصولاً الى منطقة جزين، مُحدثاً دوياً قوياً، ومُلقياً بالونات حرارية فوق بعض القرى الجنوبية.
وبعد الظهر، أطلق الاسرائيليون من موقع «البياض» رشقات رشاشة ثقيلة في اتجاه كروم الزيتون شرقي بلدة بليدا أدّت الى اشتعال بعض الحرائق. فيما تعرضت خلة وردة عند اطراف عيتا الشعب لقصف مدفعي متقطع، وطاول القصف اطراف بلدات الناقورة ومركبا وحولا، كما اغار الطيران الحربي على بلدة طلوسة ومسجدها، وتعرضت بلدة كفرحمام لقصف مدفعي ترافقَ مع غارة جوية على الخيام.
ورداً على الاعتداءات والاغتيال الذي نفذه العدو الإسرائيلي في بلدة شقرا، هاجمت «المقاومة الإسلامية» بسرب من المسيرات الإنقضاضية «قاعدة جبل نيريا» - مقر قيادي كتائبي تشغله حالياً قوات من لواء «غولاني»، مُستهدفة أماكن تموضع ضباطها وجنودها، و»أصابت أهدافها بدقة وحققت فيها إصابات مؤكدة».
واكد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي انفجار عدد من المسيّرات في منطقة «جبل ميرون» وسقوط صواريخ في منطقتي كريات شمونه ومرغليوت.
كذلك هاجمت المقاومة الإسلامية موقع المرج بصاروخ «بركان»، واستهدفت بقصف مدفعي ثكنة «راميم» مقر قيادة كتائب تشغله حالياً قوات من لواء «غولاني».
وكذلك قصفت مقر قيادة «كتيبة السهل في «ثكنة بيت هليل» بصواريخ «فلق»، وقصفت موقع السماقة في تلال كفرشوبا المحتلة.
واعلنت قناة 12 العبرية سقوط عدد من الصواريخ في كريات شمونه وأن الشرطة تقوم بمسح الأضرار. فيما قالت وسائل إعلام إسرائيلية: ان فرق الإطفاء تحاول إخماد النيران المندلعة في «كريات شمونة» و»بيت هليل»، ويتم الاستعانة بالطائرات لمحاولة إخماد حرائق أحدثتها هجمات المقاومة في الشمال.
وكانت المقاومة قد قصفت ليل امس عدة مبانٍ يستخدمها جنود العدو في مستعمرتي المنارة والمطلة. واعلنت صحيفة «معاريف» العبرية إصابة مبنى في مستوطنة المطلة جراء إطلاق صاروخ مضاد للدروع من لبنان، واندلع حريق في المكان وتضرر مبنيان آخران، كما تضرر خط الجهد - التوتر.
لا مفر من الحرب
وأخطَرَ وزير التربية الإسرائيلي يوآف كيش رؤساء المستوطنات التي تم إخلاؤها على الحدود مع لبنان بإلغاء العام الدراسي المقبل في مستوطناتهم. وقال لرؤساء السلطات المحلية في المستوطنات الشمالية: «إن الطلاب من المجتمعات الشمالية التي تم إجلاؤها بسبب الحرب لن يتمكنوا من العودة إلى المدارس في مسقط رأسهم في شهر أيلول، وسيواصلون بدلاً من ذلك الذهاب إلى المدارس في جميع أنحاء إسرائيل، ويرجع ذلك إلى «التعقيدات الأمنية» في المنطقة، التي تتعرض لإطلاق صاروخي متواصل وهجمات بطائرات بلا طيار من قبل حزب الله».
ووصف كيش قرار عدم بدء العام الدراسي في البلدات الشمالية المتضررة بأنه «مؤسف»، داعياً رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى «التحرك الآن وبقوة ضد دولة لبنان». معتبراً أنه «لا مفر من قرار شَن حرب واسعة النطاق على لبنان من أجل استعادة السلام والاستقرار لسكان الشمال ومن أجل مستقبل دولة إسرائيل».
الى ذلك قال اللواء في إحتياط الجيش الإسرائيلي غيرشون هكوهين: «مما لا شك فيه أن منظمة «حزب الله» لا تزال تتمتع بكفاية كاملة في ما يتعلق بقدرتها على تشغيل منظومتها العسكرية ضد «إسرائيل». وإذا انتهت المعركة غداً بين «حزب الله» والجيش الإسرائيلي، فإنّ المواطن من قرية مارون الراس في جنوب لبنان سيعود إلى منزله لأن النار توقفت. في المقابل، فإن الإسرائيلي من موشاف أفيفيم، على سبيل المثال، لن يعود، بل سيطلب ضمانات أمنية من الجيش والحكومة الإسرائيلية». واضاف: «لا يخشى الشعب اللبناني أن يهاجمه الجيش الإسرائيلي، وفي المقابل يخشى الإسرائيليون الذين يعيشون على الحدود الشمالية من مثل هذا السيناريو، وبالتالي لن يعودوا بسهولة إلى منازلهم».