من الصحف

تقويم جدّي وسريع لمرشّحين رئاسيين في "ورقة" بارولين

الاحداث- كتب سركيس نعوم في صحيفة النهار يقول:"ما هي آراء الجهات السياسية - الطائفية - المذهبية في الشخصيات الخمس التي حمل أمين سر دولة الفاتيكان المونسنيور بيترو بارولين أسماءها الى لبنان في زيارته الأخيرة، واستمزج فيها آراء الزعامات والقيادات السياسية والحزبية والطائفية كما المرجعيات الدينية؟ يجيب متابعون بدقة للأوضاع الصعبة المتنوّعة في لبنان والانهيار شبه التام لدولته والغالبية الساحقة من مؤسساته والشغور الرئاسي الذي يكاد أن يُصبح عادياً، يجيبون بالتحدث عن الإسم الأول في اللائحة الرئاسية الفاتيكانية الوزير السابق جان لوي قرداحي، فيقولون إنه كان وزيراً تكنوقراطياً إذا جاز التعبير على هذا النحو في إحدى حكومات عهد رئيس الجمهورية الأسبق إميل لحود. وكان جدياً وجيداً في عمله وقريباً من رئيس الدولة ومتبنياً سياسته داخل الحكومة وخارجها ومدافعاً عنها، ولكن بكثير من التهذيب والاحترام لموقعه ولنفسه. 

لم يكن قرداحي ابن عائلة سياسية تقليدية أو حزبية في قضاء جبيل، وهو منه. لكن أحد أفراد عائلته حاول ترجمة طموحه السياسي في دائرته الانتخابية إلا أنه لم ينجح لأسباب عدة، أهمها الاستقطاب الحزبي الطائفي أي المسيحي المتنوّع لناخبي تلك المنطقة كما كان مصيره مؤسفاً. 

انطلاقاً من هذه الخلفية، يمكن القول إن مناهضي الرئيس لحود في حينه وسياساته الداخلية والعربية والدولية من الفاعليات السياسية المسيحية سواء في جبيل وقضائها أو في الشارع المسيحي على تنوّعه، كان موقفهم سلبياً من قرداحي وحكومته. يمكن القول أيضاً إن الحلفاء الداخليين للرئيس لحود وفي مقدمهم "حزب الله" وحركة "أمل"، وإن حلفاءه الإقليميين أي سوريا حافظ الأسد ثم سوريا ابنه وخلفه بشار ومعها إيران الإسلامية كانوا في حينه من مؤيّدي الحكومة ومقدّري "مواهب" قرداحي. 

فهل لا يزال هؤلاء كلهم على هذه الإيجابية منه ويمحضونه تأييدهم كي ينجح في ملء الشغور الرئاسي في القصر الجمهوري في بعبدا؟ علماً أن قرداحي لم يُمارس السياسة بعد خروجه من الحكومة وانتهاء عهد لحود رغم احتفاظه بعلاقات جيدة مع حلفاء الأخير، وانصرف الى أعماله الخاصة. فهل يخفّف طرح الفاتيكان اسمه مع شخصيات مارونية أربع لرئاسة الجمهورية "سلبية" من كانوا سلبيين حياله يوم كان وزيراً أو حيال عهد صديقه وحليفه الرئيس لحود؟ وهل يخفّف ذلك الاحترام والتأييد اللذين كانا له من حلفاء لحود يوم كان وزيراً في إحدى حكومات عهده وقريباً منه؟

الاسم الثاني في لائحة أمين سر دولة الفاتيكان كان الوزير السابق المحامي زياد بارود. الفرق بينه وبين قرداحي أنه كان وزيراً في عهد الرئيس ميشال سليمان الذي عُيّن قائداً للجيش بمباركة سورية. ثم خلف لحود في رئاسة الجمهورية بعدم ممانعة منها، بل ربما بترحيب ولكن بعد مؤتمر الدوحة الذي دعا إليه رئيسها الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وشاركت فيه القوى الأساسية في البلاد، وانتهى إلى دعم انتخاب سليمان رئيساً ولكن بعد إدخال تعديلات أساسية وجوهرية عطّلت الحكومات منذ ذلك التاريخ، وأبرزها "الوزير الملك" و"الثلث المعطّل".

لكن التطورات الشعبية السلبية التي حصلت في البلاد بعد وصوله الى قصر بعبدا أصابت علاقته الجيدة مع دمشق ببرودة شديدة حتى الانقطاع أحياناً. ماذا كان إنعكاس ذلك على بارود الوزير في إحدى حكومات سليمان؟ لم يتأثر كثيراً، إذ حاول بسببٍ من شخصيته الهادئة والحوارية القيام بمهمات وزارته، واحتفظ بعلاقات سابقة له ثم لاحقة مع الجهات السياسية الفاعلة في البلاد على تناقضها. خرج من الحكومة لكنه احتفظ بطموحه السياسي المتشعب والمتصاعد. إذ سعى إلى أن يُصبح نائباً منتخباً لكنه أخفق في ذلك، وربما حنّ إلى مقعد وزاري آخر إلا أن الظروف لم تساعده في الحصول عليه. ومثل كل الموارنة أو بالأحرى معظمهم من سياسيين وعسكريين ورجال مال وأعمال ورجال دنيا ورجال دين ورجال سياسة ورجال ديبلوماسية، انتقل طموح بارود إلى رئاسة الدولة. 

لكنه في المراحل المذكورة أعلاه كلها حاول "البقاء في الوسط"، واحتفظ بعلاقات جيدة أو مقبولة مع جهات سياسية مسيحية فاعلة منها "التيار الوطني الحر" كما مع جهات إسلامية فاعلة منها "حزب الله"، ونجح في أن يكون تقويمه جيداً عند فاعليات إسلامية سنية وشيعية ودرزية في آن واحد، وأن يبقى على اتصال بها كما بالفاعليات المسيحية والهيئات الديبلوماسية في البلاد.

الاسم الرئاسي الثالث في لائحة أمين سر دولة الفاتيكان في زيارته الأخيرة للبنان كان مسؤول جبل لبنان في مديرية المخابرات العسكرية، في أوقات صعبة كان يقود، بل يُلهم المسيحيين فيها البطريرك نصرالله صفير. ذلك أنه امتنع عن احتراف الممارسة السياسية لكنه رعى بحكم موقعه الديني والوطني اتجاهاً سياسياً يعمل لإخراج الجيش السوري من لبنان بعدما استباحه سياسياً وحكومياً ورئاسة جمهورية واقتصاداً. 

قادت هذا الاتجاه "مجموعة قرنة شهوان". والدليل على حكمة صفير أنه لم يُطالب رسمياً بخروج سوريا من لبنان إلا بعد إنسحاب إسرائيل منه عام 2000 بضغط عسكري شديد جداً وعملياتي من المقاومة وعمودها الفقري "حزب الله". ماذا أيضاً عن المرشح الرئاسي الثالث في لائحة أمين سر دولة الفاتيكان "الجنرال" جورج خوري؟