من الصحف

المؤسسة العسكرية طوت أزمة ولكن ماذا عن قيادة الجيش؟ المرتضى لـ"النهار": نحن أمام مشكلة حتميّة مؤجلة

الاحداث- كتب إبراهيم بيرم في صحيفة النهار يقول:"المؤسسة العسكرية خرجت لتوّها من أزمة طال أمدها، واحتاجت إلى جهود مكثفة لإنهائها، وهي أزمة التحاق تلامذة #الكلية الحربية، لكنها على وشك أن تدخل أزمة جديدة أكثر تعقيدا وتشابكا، إلا إذا حدثت معجزة وتم تداركها قبل وقوعها وفوات الأوان، وعنوانها خلافة قائد الجيش العماد #جوزف عون، الذي توشك ولايته الممدد لها سنة واحدة في مجلس النواب على الانتهاء.

سنة التمديد للعماد عون تنتهي في 10 كانون الثاني المقبل، إلا أن ثمة من أراد تظهير هذه القضية باكرا ووضعها تحت الضواء وفرضها مادة خلافية على لائحة الأزمات السياسية. والأمر لا يأتي من فراغ، إذ إن ثمة وقائع سياسية متراكمة من شأنها أن تبرر هذا الفتح المبكر لأبواب القضية وتسمح بتسليط الأضواء عليها.

ومن أبرز هذه الوقائع: 
- الصراع المكشوف والمفتوح بين #وزير الدفاع الوطني #موريس سليم وقائد الجيش العماد عون. المعروف أن العنوان المعلن لهذا الصراع هو الخلاف على حدود الصلاحيات بين الوزير والقائد، لكن الصراع الحالي يواري خلفه قضايا خلافية تتعدى حدود الصراع على الصلاحيات، إذ إن ثمة من يشتمّ فيه رائحة الصراع الطويل بين "#التيار الوطني الحر" ورئيسه النائب #جبران باسيل من جهة والعماد عون من جهة أخرى، خصوصا أن التيار البرتقالي يتّهم العماد عون بأنه "ناكر الجميل".

- ثمة من يعتبر أن قائد الجيش يتعمّد "تضخيم دوره" وإعلاء موقعه ولاسيما بعدما صار أحد أبرز المرشحين للانتقال إلى قصر بعبدا، فضلا عن أنه يستشعر دعما خارجيا مطلقا عربيا وغربيا، مستمدا بالدرجة الأولى من الدور الريادي الذي تؤديه المؤسسة العسكرية في ظل الظروف والأوضاع الداخلية الاستثنائية.

- يضاف إلى ذلك أن كل القوى السياسية اللبنانية على اختلاف مشاربها تبذل جهودا لإبقاء علاقاتها بالمؤسسة وقائدها على قدر من الإيجابية والدفء، خصوصا بعدما نجح العماد عون في الأعوام الماضية في إثبات عدم الرغبة في الاصطدام بأحد، بمن فيهم "حزب الله" الذي اضطر أخيرا إلى تجاوز الكثير من الملاحظات التي كان سجلها عليه إبان انطلاق الحراك الشعبي.

- بناء عليه أثار إعلان #وزير الثقافة القاضي #محمد وسام المرتضى نجاحه في تنفيذ المهمة الموكلة إليه من جانب حكومة تصريف الأعمال في جلستها الأخيرة، والقاضية بإيجاد حل استثنائي لموضوع إلحاق الناجحين في مباراة الدخول إلى الكلية الحربية ارتياحا واسعا، وهو الأمر الذي كان حال دونه رفض الوزير سليم توقيع مرسوم إلحاقهم بالدورة. وكان المرتضى أقنع الطرفين المعنيين بصيغة رضائية تقوم على قبول الناجحين سابقا في اختبار الدخول الـ118، على أن تقترن هذه الخطوة بإجراء اختبار دخول آخر بحيث يرتفع العدد إلى 200 تلميذ ضابط، وبذلك ضمن رضى العماد عون المصمم على إمرار الـ118 تلميذا وضمن أيضا قبول الوزير سليم لكونه سيعتبر أنه وقع مرسوما جديدا بدورة جديدة.

حل توليفي لجأ اليه الوزير المرتضى انطلاقا من رغبة أكيدة لدى الحكومة الحالية، كما يقول لـ"النهار"، في إبعاد هذه المؤسسة الحيوية عن دائرة الصراعات والتناقضات الداخلية. ويضيف: "إن الموضوع دقيق وحساس ويختزن في طياته أكثر من بعد سياسي، ومنها تداعيات الخلاف المكشوف بين وزير الدفاع وقائد الجيش. ويعلم الجميع أنه خلاف أطاح جهودا بذلتها جهات عدة ومنها الرئيس ميقاتي لطي صفحته، ولمنع انعكاساته السلبية على وضع المؤسسة التي تؤدي باعتراف الجميع دورا أساسيا فيما يواجه لبنان حربا إسرائيليا شرسة وضارية عليه".

ويستطرد: "عندما كلفني مجلس الوزراء أخيرا هذه المهمة طلب مني أن يكون لدي مقاربة نوعية مختلفة عن مقاربات سابقة دخلت على الخط لكنها لم تعط الثمار المأمولة، وهذا ما فعلناه والحمد لله وجدنا التجاوب".

وردا على سؤال عن مدى انعكاس صيغة التسوية لحل أزمة تلامذة الحربية، على مشكلة مرجأة هي خلافة قائد الجيش في منصبه عندما تنتهي ولايته، يجيب: "المشكلة أن ثمة من سارع إلى فتح أبواب هذا الموضوع على مصراعيه بعيد وقت قصير على نجاحنا في حل أزمة عصفت بالمؤسسة العسكرية، وهذا الأمر ليس بريئا على ما نعتقد. وبفعل التجربة التي سبقت التمديد للقائد سنة إضافية عبر مجلس النواب بعد تعثر كل الجهود التي بذلت ليكون التمديد عبر الحكومة كما هو مفترض وفق الآليات القانونية، بتنا نخشى أن نجد أنفسنا قريبا أمام أزمة جديدة تطاول الجيش هي أزمة تعيين قائد جديد". ويضيف: "على رغم أن ثمة استشعارا بدنو موعد تفجر هذه الأزمة، فإن ما نلاحظه بأسف أن أحدا من المعنيين لم يكلف نفسه عناء استدراكها والحيلولة دون تفجرها، عبر البحث عن مخارج وحلول قانونية تكون ضامنة لعدم الاصطدام بها، خصوصا أن الكل ما زال يذكر مرحلة الاحتدام والمخاض السياسي الحاد الذي سبق اللجوء إلى مجلس النواب لتشريع التمديد لقائد الجيش. بمعنى آخر، ثمة مشكلة مؤجلة لكنها حتمية الوقوع، لأننا نحن في لبنان تعودنا تأجيل البحث عن حلول استباقية للقضايا وتركها إلى اللحظة الأخيرة، أي عندما تقع الفأس في الرأس".