من الصحف

المستشفيات ترفض تعرفات الضمان: لا 90% ولا من يحزنون

الاحداث- كتب فؤاد بزي في صحيفة الاخبار يقول:"وجّهت المستشفيات الخاصة صفعة إلى إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بشأن التعديلات التي أجراها الضمان لنحو 269 عملاً استشفائياً، زَعَم أن تغطيتها ستكون بنسبة 90%. فالمستشفيات الخاصة، زارت مدير الضمان أول من أمس واتفقت معه على تشكيل لجنة لدراسة التعرفات ومناقشتها في اتجاه مزيد من التعديل كما يقول نقيب المستشفيات سليمان هارون. بهذا المعنى، بات واضحاً أن الضمان اختار هذه التعرفات بشكل عشوائي من دون أي دراسة أو تنسيق مع المستشفيات، بل إن استعجال الإعلان بأن التغطية لهذه الأعمال الطبية ستكون بنسبة 90% يأتي في إطار الشعبوية والعمل غير المحترف.وكان مجلس إدارة الضمان قد أقرّ في 13/6/2024، بناءً على اقتراح المدير العام، «رفع قيمة البدل المقطوع للأعمال الجراحية المعتمدة حالياً في الصندوق وفقاً للائحة المرفقة ربطاً في كتاب المدير العام الرقم 1235 تاريخ 10/6/2024، والتي تتضمن 269 عملاً جراحياً مقطوعاً تشكّل 85% من عدد الموافقات الاستشفائية في الصندوق، على أن يتم فسخ العقد مع أيّ مستشفى لا يلتزم بالتعرفات الجديدة ويطلب من المضمون مساهمة أكبر من 10%». ويأتي هذا العدد من الأعمال الجراحية من أصل 3200 عمل مسجّل في الضمان، بذريعة أن هذا العدد المحصور هو الأكثر طلباً في الصندوق. وفي النقاشات التي جرت في مجلس الإدارة، وجّهت بعض الأسئلة بشأن التنسيق مع المستشفيات ومدى موافقتها على هذه التعرفات، وبحسب أعضاء في مجلس الضمان، فإن الإجابات جاءت بأن اللائحة التي أعدّها الضمان والتي تتضمن هذه الأعمال الـ 269 المقطوعة ستوافق عليها المستشفيات، ولهذا تضمّن القرار تحذيراً للمستشفيات التي لا تطبقّه.
لكن ما حصل لاحقاً يظهر أنه لا يوجد أي تنسيق في خطوة أساسية كهذه بين الضمان والمستشفيات. فقد زار وفد من نقابة المستشفيات الخاصة، مكتب المدير العام للضمان وتبيّن أن المشروع غير مدروس، إذ لم يتفق المجتمعون على السير بالتعديلات كما هي، بل على «تشكيل لجنة مشتركة من الضمان والمستشفيات لإعادة دراسة التعرفات التي أقرّها الضمان»، بحسب نقيب المستشفيات سليمان هارون الذي أكّد «إيجابية الأجواء، وانفتاح الضمان على مناقشة تسعيرته الجديدة، والعمل على تعديلها».
إذاً، ستتم مراجعة التعرفات التي سبق أن أقرّها الضمان! فالمقصود بالتعديلات التي ستدرسها اللجنة هو «رفع التعرفات»، وفقاً لهارون، ما يعني أن المستشفيات لم توافق على خطوة، يبدو أن الضمان قام بها بشكل انفرادي، بل وصفتها بـ«غير المنصفة». حتى إن هناك أصواتاً اعتراضية في مجلس الضمان قالت إن تعديلات كهذه ليست منطقية بالشكل الذي وردت فيه. وعلى الرغم من أنّ إدارة الضمان أبلغت أعضاء مجلس الإدارة الذين تساءلوا خلال الاجتماع عن قدرتها على فرض التعرفات على المستشفيات بـ«أنّها ستقوم بفسخ العقود مع المخالفين»، إلا أنّها في اجتماع الصباح مع المستشفيات ألغت كلام المساء، وتراجعت الإدارة عن اللجهة العالية، وخفضت السقف إلى درجة إلغائه تماماً، إذ أعلنت «الدعوة الدائمة لمدّ يد العون، والتنسيق مع الجهات المعنية كافة»، وأعربت عن رغبتها في «عدم تكبيد المريض المضمون أية أعباء مالية إضافية».

لا تزال 91.6% من الإجراءات الطبية مغطاة بنسبة اسمية تساوي 50%


ولكن رغبات إدارة الضمان لا تنعكس في سلوكها، ففي مقابل الموافقة الضمنية على رفض المستشفيات لتعديل التعرفات، وتحويل الملف برمته للدراسة في اللجان المشتركة مع المستشفيات، لا تزال 91.6% من العمليات الجراحية، أي نحو 2931 إجراءً طبياً، خارج أي تعديل، ويغطيها الضمان بنسبة اسمية تساوي 50% على الورق (مقدّرة)، بينما لا تزيد التغطية الفعلية عن 10% (مقدّرة)، بحسب ما أكّد عدد من المضمونين لـ«الأخبار»، إذ أكّد أحدهم «دفع مبلغ 71 مليون ليرة بدل عملية جراحية بسيطة لم تستلزم البقاء في المستشفى، وافق الضمان على إعادة 6 ملايين منها فقط»، وآخر «دفع 14 مليون ليرة مقابل إجراء طبي لإزالة شظية زجاجية، ولم يعترف الضمان أصلاً بالعملية». من جهته، برّر الضمان تقليص عدد الإجراءات الطبية التي يغطيها حتى 269 عملية من أصل 3200 بـ«أنّها تشكل نحو 85% من طلبات التغطية الصحية التي تتلقاها مكاتبه».
في النتيجة، لا يزال المضمون هو الحلقة الأضعف ويتكبّد أعباء إضافية تثنيه عن الاستشفاء أحياناً، أو تدفعه للتفتيش عن سبل لتغطية فاتورته الصحية عبر المساعدات من المكاتب الصحية الحزبية أو الجمعيات بغية الحصول على التغطية الصحية. ورغم أن التغطية من جيب المريض ارتفعت من 32.7% في 2018 إلى 90% في 2022، بحسب دراسة للجامعة الأميركية، إلا أنّ إدارة الضمان الاجتماعي وافقت المستشفيات على استمرار احتساب تكاليف «المغروسات الطبية»، أو ما يعرف بالمستلزمات، من خارج الفاتورة الاستشفائية، بحسب هارون، وبالتالي ما يقال عن تغطية بنسبة 90% هو ادعاء غير حقيقي.