قصر بسترس التاريخي... بند أمام جلسة مجلس الوزراء اليوم خيارات مطروحة بين الإيجار والاستملاك... فهل تبقى الخارجية "مهجّرة"؟
الاحداث- كتبت منال شعيا في صحيفة النهار تقول:"ربما لا يزال البعض يذكر كيف حوّل انفجار المرفأ #قصر بسترس، "قصراً" بلا سقف. ذاك المعلم التاريخي – الثقافي الذي ارتبط اسمه باسم وزارة الخارجية والمغتربين، "أرداه" الانفجار المشؤوم في أقل من ثانية.
ومذذاك، لا يزال القصر يتهاوى بين الصمود والانكسار، لأن كلفة التأهيل ومدته كانت باهظة وطويلة جداً.
اليوم، يعود هذا القصر بنداً على جدول أعمال #مجلس الوزراء الذي يعقد جلسته اليوم الثلثاء ، فما الجديد في الملف؟
من المعلوم أن لجنةً شكلت في عام 2023 برئاسة نائب رئيس الحكومة #سعادة الشامي، للبحث في كل الخيارات المطروحة أمام الدولة تجاه قصر بسترس. وبعد التضرر الكبير الذي لحق بالقصر، انتقل بعض طاقم وزارة الخارجية الى مبنى في وسط بيروت قبالة السرايا الحكومية، فيما بقي عدد من موظفي الوزارة في المباني المجاورة للقصر، إذ ثمة أربعة مبانٍ تتبع لقصر بسترس. هكذا، "تشتّت" الفريق الوزاري، ما انعكس على العمل والشق الإداري فيه.
مصادر حكومية تشير لـ"النهار" الى أن "اللجنة الوزارية المكلفة البحث في موضوع قصر بسترس، اجتمعت مرات عدة، وكوّنت ملفاً من عدد من الخيارات المطروحة، وبالتالي، لا بد من العودة الى مجلس الوزراء لعرض هذه الخيارات واتخاذ القرار النهائي المطلوب في شأنها".
وعلمت "النهار" أن "الخيارات المطروحة تتأرجح بين الإيجار والاستملاك"، إلا أن مصادر اللجنة الوزارية المكلفة اكتفت بالقول لـ"النهار": "الملف مطروح أمام مجلس الوزراء في جلسته، نحن سنقدم العرض المفصّل لكل خيار من الخيارات، ولا أرجحية حتى الآن لأي أمر على آخر، لأن القرار النهائي والأخير يعود الى مجلس الوزراء".
ولا تخفي المصادر أن "الكادر البشري أو الطاقم الوزراي للخارجية يعاني كثيراً من هذا التشتّت، حتى إن المبنى قبالة السرايا الذي انتقل إليه عدد من الموظفين كان مؤقتاً، وبالتالي، على مجلس الوزراء أن يقرّر ما عليه أن يفعله بهذا الصدد".
إذن، اللجنة المكلفة كانت مهمتها عرض الملف بكل تشعباته، من الشق المالي الى الشق اللوجستي، وتعداد الخيارات الممكنة مع كلفتها، ورفع تقريرها الى مجلس الوزراء الذي يعود له القرار الأخير.
ووفق معلومات "النهار" فإن مبنى وزارة الخارجية أو ما يُعرف بقصر بسترس، كان مملوكاً أخيراً من الأخوين رحمة، (تيدي وريمون)، منذ عام 2008، والدولة اللبنانية تدفع الإيجار السنوي لهما، بعدما تعذّر بناء مقرّ جديد للوزارة، كان يُفترض أن يكون في قلب العاصمة، علماً بأن الدولة كانت "تتخلف" عن الدفع سنوياً، بحجّة العجز المالي، حتى إنه يتردّد أن الإيجار دُفع سنةً واحدة فقط!
وبعد تضرّر القصر بالانفجار، وانقسام الخارجية بين مكانين، كان لا بد من إيجاد حلّ أخير للموضوع.
بين الماضي... والحاضر
لا يمكن الحديث عن الخيارات المطروحة لمبنى وزارة الخارجية، من دون الإشارة الى الملف القديم - المتجمّد الذي يعود الى أكثر من 15 عاماً، وهو ملفّ بناء مبنىً موحّد للخارجية في قلب العاصمة، حين بدأ الوزراء المتعاقبون للخارجية بإغداق وعودهم، الواحد تلو الآخر، بالتنفيذ السريع للمبنى الموعود. حتى إن الوزير عدنان منصور كان قد وضع الحجر الأساس له عام 2014.
وحتى الآن، لا مبنى ولا تمويل، إذ ضاع المشروع بين الشحّ المالي وعدم رصد الأموال اللازمة لبناء المبنى من ضمن الموازنات العامة، فضلاً عن المماحكات السياسية التي كانت "تعلّق" الملفّ الى أجل غير مسمّى.
من هنا، يبقى اسم الخارجية اللبنانية مرتبطاً بقصر بسترس حين أطلقت تسمية الوزارة على القصر عام 1945. وهو القصر الذي يملكه، بالأساس، آل بسترس منذ عام 1870.
مرّ القصر بمراحل عديدة. عام 1945، استأجرته الدولة اللبنانية، للمرة الأولى، كمبنى للخارجية، إحدى أهم الوزارات السيادية للبلد، وكان أول وزير سليم تقلا.
خلال الحرب اللبنانية، تضرّر القصر كثيراً، فخضع لاحقاً للترميم والتصليح في بداية التسعينيات.
عام 2008، بات "قصر بسترس" مملوكاً للأخوين ريمون وتيدي رحمة.
بعد انفجار المرفأ، كان حجم الدمار الذي لحق بأقسام القصر، هائلاً. فقد القصر سقفه القرميدي، وكمّية الردم التي تجمّعت كانت أكثر من ضخمة.
خلال ثوانٍ، تحوّلت غرفة الاجتماعات التي شهدت لقاءات رفيعة المستوى، كومة من الخراب، واهتزّت صور وزراء الخارجية المعلقة على الجدران!
اليوم، أيّ خيار قد يتخذه مجلس الوزراء الثلثاء، لإنصاف "قصر بسترس" أولاً، ذاك المعلم التاريخي، وثانياً، "لاحترام" صورة الديبلوماسية اللبنانية التي يليق بها، أقله في الشكل، مقرّ ملائم، بدل "التشتّت" و"التهجير القسري"؟!