من الصحف

"من كتب بداية حرب غزة لن يكتب نهاياتها"

الاحداث- كتب النائب غسان سكاف في صحيفة النهار يقول:"قد تشهد المرحلة المقبلة الممتدة حتى نهاية العام الحالي انقلابًا وتغييرًا على مستوى لاعبي المرحلة السابقة في قيادة الدول المعنية بحرب غزة.

- في غزة: مصير يحيى السنوار ومحمد الضيف سيبقى مجهولاً حتى إشعار آخر، مع تعاظم التدمير الممنهج للقطاع وتعاظم عدد الشهداء والجرحى في أطول حرب وأشدها شراسة ووحشية ودموية في تاريخ الصراع ال#فلسطيني- الإسرائيلي.

- في إيران: التغيير بدأ مع رئيس جديد. صحيح أن الانتخابات الرئاسية الإيرانية لن تُحدث أي تغيير سياسي كبير في إيران من خلال صناديق الاقتراع لأن الرئيس الإيراني الجديد ستبقى سلطاته محدودة وتخضع للمرشد الأعلى. ولكن، صحيح أيضًا أن التواصل بين إيران وأميركا لم يتوقف مع كل الإدارات الأميركية، وإيران كانت وما زالت تسعى إلى تعزيز امتلاكها القدرة النووية لتحصين شرعية موقعها ونفوذها في المنطقة من قبل الولايات المتحدة الأميركية تحديدًا، وهي تتعامل مع أميركا ككل وليس مع الإدارة، ديموقراطيةً كانت أم جمهوريةً، مع أنها معنية اليوم كما سائر دول العالم باحتمالات عودة دونالد ترامب الذي تخلّى عن الاتفاق النووي. فهل انتخاب رئيس جديد، إصلاحيًا كان أم محافظًا متشددًا، يشير إلى رغبة غير معلنة لدى المرشد الأعلى في إجراء تغيير في السياسة الخارجية الإيرانية لمواجهة احتمال فوز ترامب في رئاسة الولايات المتحدة؟

- في فرنسا: انتخابات تشريعية واحتمال تبوؤ أقصى اليمين مفاصل السلطة وتقييد مرتقب لسياسة الرئيس ماكرون وصولاً الى تقييد حركته تجاه حرب غزة وموضوع الشغور الرئاسي في لبنان، بدءًا بمبعوثه لودريان وصولاً الى اللجنة الخماسية. 

- في الولايات المتحدة الأميركية: استطاعت إدارة الرئيس بايدن حتى اليوم لجم الرؤوس الحامية لدى طرفي النزاع، #اسرائيل-نتنياهو من جهة وغزة ومحاور الإسناد من جهة أخرى، كما استطاعت تغليب الحلول السياسية واستبعاد الخيار العسكري مرحليًا من خارج قواعد الاشتباك القائمة. أهم أسباب هذا القرار هو الاستقرار الذي يحتاج إليه الحزب الديموقراطي عشية دخول الولايات المتحدة استحقاق الانتخابات الرئاسية. وحتى الآن نجحت واشنطن في لجم الآلة العسكرية الإسرائيلية من التمادي في عملياتها العسكرية في الجنوب اللبناني، لجهة توسيع الحرب.

- في لبنان: لا يمكن تجاهل حجم التحذيرات الغربية والدعوات الأجنبية والعربية لرعاياها إلى مغادرة لبنان، ويجب عدم الاستخفاف بها من المسؤولين اللبنانيين واعتبارها ضغوطًا نفسية لم تؤثر حتى اليوم في حركة مطار بيروت التي ربما ستأخذ منحًى سلبيًا في وقت قريب. إن تجاهل حجم التحذيرات الدولية الموجهة الى مواطنيها في لبنان بالتزامن مع حجم حركة الزوار من ديبلوماسيين وعسكريين، خصوصا مبعوث الرئيس بايدن آموس هوكشتاين الذي حمل المزيد من التحذيرات لمنع توسع الحرب إلى لبنان الرسمي ونقلها بالبريد السريع إلى "حزب الله"، فكان الرد بالربط النهائي بين الجنوب وغزة، وهو ما سيضع مصير لبنان في المجهول.

- في اسرائيل: سباق بين الخيارات السياسية بضغط أميركي لتحقيق المطالب الاسرائيلية من دون توسيع نطاق الحرب أو الانتقال إلى الخيارات العسكرية التي يفضلها نتنياهو إنقاذًا لرأسه وسبيلاً لإعادة الوضع إلى طبيعته في شمال إسرائيل. 

المعادلة أصبحت واضحة. فكلما زادت حظوظ دونالد ترامب في الوصول الى الرئاسة زادت حظوظ التصعيد على الحدود اللبنانية-الإسرائيلية والوصول الى حرب شاملة كما قد يتناسب مع حسابات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. 

إن خطر الحرب الشاملة بدءاً بالجنوب اللبناني مرّ وسيمر لاحقًا بثلاث مراحل زمنية:
أولا: مناظرة بايدن-ترامب الأولى في 27 حزيران.

لا شك في أن مناظرة بايدن-ترامب الأولى قد غيرت المعادلة وقلبت الأولويات بعدما عززت إمكان عودة ترامب الى رئاسة أميركا، وكلما زادت حظوظ ترامب في الوصول الى الرئاسة زادت فرص التصعيد على الحدود اللبنانية- الإسرائيلية.

ثانيًا: زيارة نتنياهو لواشنطن في 24 تموز المقبل ليواجه بايدن عبر منبر الكونغرس الأميركي، مدعومًا من الجمهوريين ومستفيدًا من تقدم ترامب في مناظرة 27 حزيران، ستوجه ضربة قاسية لبايدن ويحصل نتنياهو على دعم مطلق من الكونغرس يستغله لتحسين موقعه داخليًا.

ثالثًا: المناظرة الثانية في 10 أيلول حين ينهي نتنياهو ضربته القاضية لبايدن والتي يكون قد بدأها في 24 تموز، ستُترجم توسيعًا للحرب على لبنان ويصبح هو المنتصر الأكبر وتكون واشنطن قد أنهت إجلاء الأميركيين من لبنان وإسرائيل تحضيرًا لحرب واسعة. 

إن إمكان تنحي بايدن وانتاج مرشح جديد للديموقراطيين قبل 19 آب، تاريخ المؤتمر العام للحزب الديموقراطي في شيكاغو، لن يقلل حظوظ ترامب في الفوز بالرئاسة، بل ربما سيزيد فرص فوزه بسبب تشرذم الديموقراطيين.

أما لبنان فسيدفع ثمن سياسة دفن رأسه في الرمال، في انتظار ما سيقرره لاعبو المرحلة المقبلة، وهو الممتنع والممنوع عليه منذ ما يقارب السنتين انتخاب رئيس جديد يشارك في حجز كرسي على طاولة مفاوضات إقليمية ودولية متوقعة، في حضور قادة العالم الجدد.

مع اقترابنا من المرحلة النهائية للانتخابات الرئاسية الاميركية، لن تزيد حماوة الحرب بين إسرائيل و"حماس" أو بين إسرائيل و"حزب الله"، إنما ستتحول إلى حرب باردة معلنة بين بنيامين نتنياهو وجو بايدن لتأمين وصول دونالد ترامب إلى الرئاسة.