تصاعد التعبئة لمنع الحرب: تسليم الجيش فوراً
الاحداث- كتبت صحيفة "النهار" تقول:"في حين تتمادى الإستباحة الميدانية والديبلوماسية والدعائية للمواجهات الجارية في الجنوب بين تصعيد إسرائيلي لنبرة التهويل والتهديد، وتوظيف إيراني متكرر تُنصّب فيه طهران نفسها متحدثاً وراعياً ومحركاً لأذرعتها وفي مقدمهم “حزب الله”، اتخذ تصعيد صوت الاعتراض الداخلي اللبناني على الحرب دلالات بارزة بدا معها هذا التصعيد بمثابة مؤشر مهم من جملة مؤشرات تتركز على تظهير الاعتراض الواسع والشامل لإعادة توريط لبنان في جحيم حربي يتهدده بأخطر وأوخم العواقب الكارثية.
والواقع أن الساعات الأخيرة شهدت ما يشبه اطلاق تعبئة سياسية وإعلامية واسعة من جانب قوى المعارضة الأساسية في مؤشر قالت مصادر نيابية معارضة لـ”النهار” إنه يعكس الخطورة الكبيرة للمعطيات المتجمعة لدى قوى المعارضة وكتلها النيابية لجهة الوقائع المتصلة باقتراب خطر اندلاع حرب كبيرة على لبنان وعبره، ولا بد من تحرك داخلي فعال ومؤثر لمواجهتها قبل فوات الأوان.
ولفتت هذه المصادر إلى أن اطلاق قوى المعارضة نفير التحذير من حرب كبيرة ودق ناقوس الخطر حيالها وطرح خريطة طريق مفصلة لتجنبها جاء بناء على مشاورات معمقة وتجميع للمعطيات لدى جميع القوى المعارضة، ناهيك عن رؤية “عقلانية ومسؤولية وطنية” كما ورد في البيان – الموقف لقوى المعارضة حيال الآتي الخطير ما لم يستدركه لبنان برفع الصوت بقوة واقتران ذلك بإجراءات عاجلة عدّدتها المعارضة وكان جوهرها إعادة حصر الأمن بالدولة والشرعية من خلال انتشار متجدّد فعال للجيش اللبناني ينزع فتيل الحرب وخطر اندلاعها على نحو واسع وشامل.
وأشارت إلى أن قوى المعارضة تدرك سلفاً أنها تخاطب “حكومة صماء” ودولة تكاد تكون معدومة لكون السلطة بين أيدي الفريق الأحادي الذي اتخذ قرار الحرب ضارباً بعرض الحائط إرادة ووجود الدولة وجميع اللبنانيين، ولكن كان لا بد من تحمّل المسؤولية في دق ناقوس الخطر المتعاظم “ولنر ماذا سيكون عليه موقف المستهترين بدمار لبنان إذا لم تحصل مبادرات عاجلة لوقف الإستباحة المتعددة الوجوه والجهات التي أدت اليها عملية ربط لبنان بحرب غزة قسرا”.
وفي ظل هذه الدلالات أعلن نواب قوى المعارضة أمس في مؤتمر صحافي تلا خلاله النائب اشرف ريفي بيان المعارضة وطرح رؤية “عبر خارطة طريق تسحب فتيل التصعيد وتجنّب لبنان حرباً مدمرة”. وتلحظ هذه الرؤية عدداً من النقاط ابرزها، “ضرورة عدم ربط المسارين اللبناني والفلسطيني لجهة ما يحصل في غزة وضرورة الفصل بينهما. فلن نرضى اليوم أن نُجرّ إلى حرب شاملة لا تفيد القضية الفلسطينية، وتدمّر لبنان، ولن نسلم، بأن تقوم مجموعات مسلحة، تعمل على الأراضي اللبنانية، محلية كانت أم أجنبية، بفرض منطق وحدة الساحات، المرفوض من قبل غالبية اللبنانيين، خدمة لمشروع الممانعة الإقليمي”.
وجددت “تأكيد أهمية وضرورة تطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته، من قبل جميع الأطراف، وعلى دعم الجيش اللبناني والمؤسسات الأمنية، لضبط الحدود الدولية جنوباً، شرقاً وشمالاً، وعلى تطبيق قرارات الشرعية الدولية 1559، و1680 وغيرها من المعاهدات الدولية ذات الصلة”.
وشددت على “أن تفادي حرب أوسع من تلك الدائرة حالياً ما زال ممكناً، وذلك يتطلب من حكومة تصريف الأعمال تحمل مسؤولياتها التي تخلت عنها منذ اليوم الأول للحرب، عبر المبادرة فوراً إلى وضع حد لكل الأعمال العسكرية خارج إطار الدولة اللبنانية وأجهزتها، والتي تنطلق من الأراضي اللبنانية ومن أي جهة وإعلان حالة الطوارئ في الجنوب وتسليم الجيش اللبناني زمام الأمور فيه وتكليفه بالتصدي لأي اعتداء على الأراضي اللبنانية والتحرك على الصعيد الديبلوماسي من أجل العودة إلى اتفاقية الهدنة الموقعة عام 1949 وتطبيق القرار 1701 كاملاً”. ودعت إلى عقد جلسة مناقشة نيابية لموضوع الحرب الدائرة في الجنوب ومخاطر توسّعها، ولتبني نواب الأمة هذه النقاط كخارطة طريق لنزع فتيل التصعيد وتجنيب لبنان حرباً.
وليس بعيداً من هذه التعبئة الاعتراضية، حمل”لقاء سيدة الجبل” بعنف على قرار الجامعة العربية نزع صفة الإرهاب عن “حزب الله” وسلاحه “الذي هو تحت الإمرة الإيرانية المباشرة” وأعلن أنه “لا يمكن أن نقبل في لحظة، يهدد فيها وكلاء إيران في المنطقة الأمن في البحر الأحمر وفي البحر الأبيض المتوسط، بأن يأتي الأستاذ حسام زكي ليرفع من بيروت صفة الإرهاب عن “حزب الله”، ولن نقبل، نحن الذين يدافعون عن لبنان وسيادته واستقلاله وحريته، بأن يأتي أيّ كان باسم أيّ كيان ويسلّم رؤوسنا إلى إيران وميليشياتها في المنطقة”.
رحلات الطيران…
وسط هذه الأجواء تواصلت ترددات التحذيرات من احتمال اندلاع حرب في لبنان إذ كان جديدها إعلان شركة الطيران الألمانية “لوفتهانزا” تعليق رحلاتها الليلية من بيروت وإليها حتى نهاية تموز (يوليو) بسبب الوضع في الشرق الأوسط.
ولكن المدير العامّ للطيران المدنيّ في مطار بيروت فادي الحسن، أكد لـ”النهار” أنّ شركة “لوفتهانزا” لم توقف رحلاتها إلى بيروت، بل تمّ تحويل الرحلات الليليّة إلى نهاريّة.
وفي وقت لاحق أعلنت السفارة الأميركية في بيروت انها أخذت علماً بتعديل رحلات الخطوط الجوية السويسرية ما أدى الى الغاء عدد من الحجوزات في وقت قصير. وبناء عليه دعت السفارة الأميركية رعاياها الى مراجعة مواعيد رحلاتهم التي قد تتغير من دون انذار، وأعادت السفارة تذكير مواطنيها بتجنّب السفر الى لبنان بسبب الأوضاع الأمنية التي قد تتبدل بسرعة.
التهديدات
أما في سياق الحرب الكلامية المتصلة بالمواجهات الميدانية بين إسرائيل و”حزب الله”، فكرّر أمس القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري اقحام بلاده في الوضع في لبنان، وقال “إن على إسرائيل أن تدرك عجزها عن إعادة الوضع إلى ما قبل 7 تشرين الأول (أكتوبر) وأن الجرائم والقتل لن يعوّضا هزيمتها الاستراتيجية”. وأضاف: “المقاومة في لبنان ستكبد إسرائيل ثمناً غالياً رداً على أي اعتداء”. وأكد أن “المقاومة في لبنان على أهبة الاستعداد للرد على تهديدات إسرائيل”.
في المقابل، اعتبر عضو مجلس الحرب الإسرائيلي بيني غانتس أمس أن عدم التسوية على حدود إسرائيل الشمالية “يعني أن الدولة اللبنانية ستدفع ثمن إرهاب حزب الله”، وقال إن “على “حزب الله” أن يقرر ما إذا كان إيرانياً أم لبنانياً وإلا سيدفع الثمن”، مشددًا على أن “لبنان سيدفع الثمن إذا استمر الوضع كما هو في حدودنا الشمالية”.
ونقلت القناة 7 الإسرائيلية عن وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، أن “الاتفاق مع “حزب الله” لا يساوي قيمة الورق الذي كتب عليه وإذا أجّلنا قرار الحرب وتقويض قدرة “الحزب” سنتكبد ثمناً باهظاً وآلاف القتلى”.
على الصعيد الميداني أسفرت غارات اسرائيلية على حولا عن مقتل 3 عناصر من “حزب الله”. واغار الطيران الحربي على كفركلا لمرتين متتاليتين وأفيد عن استهداف مسيّرة اسرائيلية منزلاً في بلدة مركبا. ونفذت الطائرات الحربية الاسرائيلية غارة على عيتا آلشعب واستهدفت أحد المنازل في الحي الغربي.
وفي المقابل، أعلن “حزب الله” استهداف موقع السماقة في تلال كفرشوبا ومبنى يستخدمه الجنود في مستعمرة دوفيف ومبنى آخر في مستعمرة راموت نفتالي وموقع معيان باروخ.