ماذا في مخيم عين الحلوة؟ هذه حقيقة ما جرى في أنفاق الناعمة
الاحداث- كتب ابراهيم بيرم في صحيفة النهار يقول:"مجددا وعلى نحو مفاجئ، أعيد ملف الوجود الفلسطيني في لبنان إلى دائرة الضوء دفعة واحدة، من خلال مدخلين: الأول إشكال مسلح في أحد أحياء #مخيم عين الحلوة القريب من صيدا، عندما سقط عنصر من قوة الأمن الوطني في المخيم ينتمي إلى #حركة "فتح" وعلى صلة جيدة بـ"#حزب الله " برصاص شاب عرف بتشدده وتزمته الديني والسياسي.
وعلى الأثر انطلقت موجة مخاوف وإشاعات من فرضية أن المخيم المحتضن أكبر تجمع للاجئين بات على شفا العودة الى أحضان جولات العنف التي عاشها في أعقاب انفجار الاشتباكات المسلحة بين عناصر من حركة "فتح" وأخرى تنتمي الى مجموعات متشددة.
وبمجرد أن توتر الوضع قبيل أيام في المخيم بعد سقوط عنصر الأمن الوطني، عادت الأمور إلى المربع الأول، أي بذل الجهود الاستثنائية لإنهاء التوتر.
وتولت "هيئة العمل الوطني الفلسطيني" في المخيم، وهي إطار استحدث قبل أعوام قليلة خصيصا لمعالجة الأوضاع الطارئة، مهمة البحث عن تسوية تحول دون انفجار الأوضاع. ونسجا على تجارب سابقة، رفض المتهم بالقتل تسليم نفسه رغم مضي أكثر من أسبوع على الحدث، وهو ما أبقى الأوضاع على حالها من الاحتقان والتوتر وترك الباب مفتوحا أمام مزيد من الحوادث الأمنية واحتمال أن تنفجر مجددا، خصوصا أن الجميع على سلاحه ووراء متاريسه.
أما المدخل الثاني فيندرج تحت بند إشكالي مزمن هو السلاح الفلسطيني خارج المخيمات. وليس خافيا أن هذا العنوان فرض نفسه في الآونة الأخيرة على المشهد السياسي، وتحديدا بعدما سرت معلومات مفادها ان "الجبهة الشعبية - القيادة العامة" قد أخلت مواقعها المعروفة في أنفاق الناعمة. وعلى هذه المعلومة بنيت تكهنات شتى في مقدمها أن التطور الميداني يعني انقضاء مرحلة خلافية تعود جذورها إلى أواخر سبعينيات القرن الماضي.
أنفاق الناعمة.
ولاحقا تبين أن هذا الكلام غير دقيق، فالجبهة التي هي في حال انكماش وتراجع بعد فترة ازدهار وحضور وازن إبان ولاية أمينها العام المناضل الراحل احمد جبريل (أبو جهاد) أعادت إلى أصحاب مساحات من الأرض السليخ المحيطة بهذه الأنفاق أرضهم وفق آلية تنسيق مع الجهات الأمنية في الدولة اللبنانية.
وبدل اعتبار الأمر مرونة من جانب الجبهة ودليل رغبة في إيجاد مخارج وتسويات من هذا الفصيل المعروف بتشدده وانحيازه الدائم الى جانب المناهضين لمنظمة التحرير وقيادتها، ثمة من سارع إلى إعطاء الحدث أبعادا صراعية وإدراجه في خانة ترتيبات اليوم التالي التي يعدّ لها بعد انتهاء الحرب في الجنوب وفي غزة.
وأمام موجة التأويلات اضطرت "القيادة العامة" إلى الإعلان أنها ليست في وارد التخلي عن أنفاقها وتسليمها في الوقت الحالي، موضحة أن للأمر خصوصياته وحساباته المعقدة والمتشابكة في هذه المرحلة تحديدا من الصراع العربي - الإسرائيلي.
وهكذا، بدا أن تبشير البعض بأن زمن إخراج العامل الفلسطيني من عمق المعادلة اللبنانية الداخلية في إطار ما اصطلح على تسميته "ترتيبات اليوم التالي" ليس بعد أساسا متينا يمكن البناء عليه، وصار جليا أن الأمر مجرد فرضية قائمة على كثير من الاستعجال والرغبة في تسجيل نقطة ما لمصلحته خصوصا في مرحلة متحولة وضبابية.
أما بالنسبة إلى الحدث الأخير في مخيم عين الحلوة، فإن أحدا لا يمكنه أن يعتبره عابرا وابن ساعته. ومن المعروف أن هذا المخيم يختزل بين جنباته كل تناقضات الوضع الفلسطيني واحتقاناته التي أخرجت نفسها إلى الضوء بعد انفجار الأوضاع في غزة والجنوب اللبناني.
ووفق معلومات، فإن الجهد الذي عزمت القيادة الفلسطينية في لبنان على بذله يندرج في خانة أساسية هي الحيلولة دون توسع دائرة التوتر في هذه المرحلة، وهي في سبيل هذا الهدف زجت بكل إمكاناتها ورصيدها لخدمة هذه الغاية.
وأوضح مصدر قيادي فلسطيني في مخيم عين الحلوة أن المشكلة التي انتهت إلى سقوط قتيل بدأت فردية وتطورت، خصوصا أن الضحية تنتمي إلى الأمن الوطني فيما الجاني له علاقة وثقى بالمجموعات المتشددة وهو ذو سوابق بافتعال المشاكل، لذا تطورت القضية وأخذت هذا الحيز من التوتر. وعليه، تركزت جهود الفصائل والقوى على تطويق الأمر، فكان اتفاق على تسليم الجاني الذي عرف إلى السلطات اللبنانية للحيلولة دون اشتعال الفتنة مجددا، وهو توجّه أيّده الجميع. وبحسب ما هو متفق عليه، يفترض أن يسلم القاتل خلال ساعات لوضع حد لحال التوتر والاحتقان. وبالإجمال، يخلص المصدر، ثمة إصرار لدى الجميع على تطويق الأمر عبر تسليم الجاني، خصوصا بعد دفن الضحية أمس.