لقاء معراب: الرسالة أزعجت "الممانعين" و"المشوّشين
الاحداث- كتب ألان سركيس في صحيفة نداء الوطن يقول:"من يرصد ردود فعل قوى «الممانعة» على اللقاء السياسي الذي عُقد السبت في معراب، يُدرك أنّ هذا اللقاء فعل فعله في السياسة وأوصل الرسالة التي أرادت «القوات» والحلفاء إرسالها إلى الداخل والخارج. ولو فعلاً كان اللقاء دون المستوى المطلوب لما كان «حزب الله» وحلفاؤه صبّوا جام غضبهم عليه وصرفوا كل هذا الوقت لتحليله والتصويب على نتائجه.
من يراقب إطلاق النار الذي حصل على إجتماع معراب يكتشف ضعف حجة منتقديه، فهؤلاء ركّزوا على الشكل والحضور ولم يتناولوا المضمون السياسي. وحتى في الشكل، باتت التوازنات السياسية في البلاد معروفة، ولا يوجد اصطفاف واحد داخل الفريق، فقد تمايز «التيار الوطني الحرّ» عن «الثنائي الشيعي»، ويقاتل «الثنائي» من أجل حصد 65 صوتاً لمرشحه رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، أما من جهة المعارضة فهناك المعارضة السيادية والمعارضة الوسطية، كذلك هناك معارضة من المستقلّين والتغييريين، وبالتالي التصويب على لقاء معراب من هذا الباب لا معنى له، لأنّ من لم يشارك في اجتماع معراب السبت لا يعني إنضمامه إلى محور «حزب الله». وفات من يهاجم إجتماع معراب ويتهمه بالفشل، أنه ليس اجتماعاً نيابياً أو لحشد أكبر عدد من الأصوات لفوز هذا المرشح أو ذاك، بل كان نيابياً وسياسياً وضمّ عدداً من المفكرين والإعلاميين وأصحاب الرأي من كل الطوائف والمذاهب والاتجاهات السيادية، علماً أنّ هناك كتلاً إعتذرت ليس اعتراضاً على المضمون السياسي أو مكان الإجتماع، بل لإكمال لعب الدور الوسطي، وعلى سبيل المثال، لم تشارك كتلة «الاعتدال الوطني» التي تُعتبر من أكبر الكتل السنّية تمثيلاً، وكانت ستزور معراب قبل الإجتماع، لكن ضيق الوقت لم يسمح بذلك، وزيارتها بهدف القول لا اعتراضات على الإجتماع، لكن همها الآن ينصب على إنجاح الإستحقاق الرئاسي، لأنّ انتخاب الرئيس يفتح الباب على تطبيق «إتفاق الطائف» والقرار 1701 وكل القرارات الدولية.
ومثّل هذا اللقاء شريحة واسعة من النواب والكتل السيادية حتى لو لم يحضر الجميع شخصياً، وتوزّعوا بين 19 نائباً «جمهورية قوية»، 4 «تجدد»، 4 كتائب، 5 تغييريين، و4 مستقلين، هم: نعمت افرام، غسان سكاف، ميشال ضاهر، جميل عبود.
إذاً، سقطت كل محاولات إستهداف لقاء معراب في الشكل، أما في الكلام السياسي، فقد أصاب الهدفيْن السياسي والوطني بدقّة، وأحد أهم عوامل نجاحه وإعتراض الممانعين يتمثّل بأنّ الطروحات تكسب التأييد الداخلي لحماية لبنان من الحرب، ويلاقي كل الطروحات الخارجية من أجل خفض التوتر ووقف التصعيد. ويُعتبر القرار 1701 حجر زاوية في المفاوضات الخارجية التي تحصل عبر المجتمع الدولي، وهذا الأمر وضع اللقاء على الخطّ المرافق لتأمين مظلة إقليمية ودولية من أجل صون لبنان، إذ لا يمكن لبلد مثل لبنان العيش بلا هذه المظلة.
أعاد اللقاء تصويب البوصلة في الإتجاه الصحيح. وتكمن أهميته في خروج صوت من لبنان يرفض التجاوزات والحروب والسلاح غير الشرعي ويؤيد الشرعية الدولية. والأهم من هذا إعلان أكبر كتلة برلمانية عدم استسلامها للخوف بعد سقوط شهيد لها في جبيل وعدم تبديل خطابها السياسي، وأنّ هذه القوة ليست معزولة، بل خطابها يمثّل الرأي العام ويؤسس لنواة وطنية مختلطة تُطلق معركة إستعادة الدولة.
ومن عايش مرحلة 2005 وما قبلها، يُدرك أنّ من قاد الثورة هي النخبة، وليس القوى السياسية والنواب فقط، وسقط من هذه النخبة شهداء مثل جورج حاوي وسمير قصير، وبالتالي رسم اللقاء خريطة طريق لحماية لبنان وفك عزلته. وهذا الأمر ينطلق من العمل على تطبيق القرار 1701، كاملاً، وإِصدار الأوامر بنشر الجيش اللبناني جنوب الليطاني وعلى كامِل الحدود مع اسرائيل وتعزيز الرقابة على كامل الحدود مع سوريا وضبطها، وتنفيذ خُطَة مستعجلَة وحاسمة لإعادة السوريين المقيمين بطريقة غير مشروعة الى ديارهم.
من حاول المزايدة على المجتمعين في معراب برفضهم المشاركة في اللقاء لأنهم مع تطبيق «إتفاق الطائف»، يبدو أنهم لم يقرأوا سابقاً الـ1701 الذي ينص في أحد بنوده على أهمية بسط سيطرة حكومة لبنان على جميع الأراضي اللبنانية وفق أحكام القرار 1559 (2004) والقرار 1680 (2006)، والأحكام ذات الصلة من اتفاق الطائف، وأن تمارس كامل سيادتها، حتى لا تكون هناك أي أسلحة دون موافقة حكومة لبنان ولا سلطة غير سلطة حكومة لبنان.
ناقش لقاء معراب مسألة جوهرية، فالجميع لا يريدون الحرب، وهناك فرصة دولية تسمح بالضغط من أجل تطبيق القرار الدولي لإبعاد شبح الحرب عن لبنان وبسط سلطة الدولة، في حين كان بعض المعترضين الذين حاولوا «التشويش» على لقاء معراب، في السلطة منذ عام 1992، ووصلوا إلى أعلى المراكز، فلماذا لم يطبّقوا «الطائف» بحذافيره؟ ولماذا لا يُقدمون على خطوات تساعد في التطبيق؟
يُفهم تصويب «حزب الله» والحلفاء على القرار 1701 من زاوية أنه يحدّ من حركتهم ويضبط سلاحهم وينزع من إيران ورقة الحدود الجنوبية، أما بعض المعارضين المعترضين فقد لاقوا «الحزب» من حيث لا يدرون ولا يريدون، وكلها لحسابات سياسية ضيقة، في حين يعرف الشارع من القادر على المواجهة ومن في استطاعته الوقوف في وجه مشروع «الدويلة» متسلحاً بمظلة قانونية دولية.