منصوري: لن أسمح لقرارات بخلفيات سياسية ومستعدّون لتحمّل مسؤوليتنا في ردّ الودائع
الاحداث- كتبت سابين عويس في صحيفة النهار تقول:"ثمانية أشهر انقضت منذ تولّى النائب الأول #وسيم منصوري مهامه على رأس حاكمية المصرف المركزي بالإنابة، حرص خلالها على تكريس سياسة نقدية مختلفة عن سياسة الحاكم الأسبق قوامها تأمين الاستقرار النقدي من دون كلفة، ووقف تمويل الدولة من دون تشريع قانوني، فأوقف الاستسهال الحكومي باللجوء إلى المركزي لتمويل حاجات الدولة. ويفخر بما أنجزه في هذا المجال ولا سيما نجاحه في تعزيز الاحتياطات بالدولار المتهالكة وتأمين فائض أولي في الحساب الجاري بلغ حتى يوم أمس ٦٥٠ مليون دولار، مع تأكيده أن المصرف لم يشتر دولاراً واحداً منذ آب الماضي، لكنه يبيع الليرة، بحيث أمّن فائضاً في ميزان المدفوعات بقيمة مليار و٧٠ مليون دولار.
ولكن هل هذه الأمور كافية لضمان استقرار مستدام، أو عودة الانتعاش إلى الاقتصاد أو القطاع المصرفي، المحرك الأساسي للعجلة الاقتصادية؟ والأهم، هل هي كافية لطمأنة المواطنين على أموالهم وهل تردّ هذه الإنجازات ودائعهم الضائعة؟
في لقاء الحاكم مع جمعية الإعلاميين الاقتصاديين أمس، كان حوار صريح وجريء حول هذه الهواجس والتحديات والاستحقاقات، حيث رفض منصوري الاتهامات التي تساق ضدّه بأنه يحاول أن يتنصّل من مسؤولياته، لئلا يتحمّل أي لوم أو انتقاد، أو أنه محسوب على الثنائي الشيعي بحيث يلبّي طلباته. يجيب على هذه الاتهامات بالقول "كنت أتمنى لو كنتم مكاني في آب أو اليوم"، غامزاً من قناة التعطيل السياسي نتيجة تلكؤ الحكومة والمجلس النيابي عن إصدار التشريعات المطلوبة، مؤكداً أنه ليس من صلاحيات المصرف المركزي سن القوانين بل هي مسؤولية الدولة. وهو لا يزال ينتظر أن تبادر الحكومة والمجلس إلى إنجاز القوانين المطلوبة للشروع بعملية هيكلة القطاع المصرفي ووضع خطة عملية تتيح استعادة المودعين لأموالهم.
ينفي منصوري أن يكون هو من وضع الخطة الأخيرة للحكومة، مبدياً جملة ملاحظات عليها، انطلاقاً من الأرقام التي لديه والتي لا تتوافق مع ما ورد من تقسيم فيها للودائع. يرفض توصيف الودائع بالمؤهلة وغير المؤهلة أو الشرعية وغير الشرعية، مؤكداً أن المطلوب مقاربة مختلفة.
للمرة الأولى يعترف بأنه قد يُضطر إلى إقراض الدولة إذا ما طلبت منه ذلك من أجل مواجهة الظروف القاهرة والاستثنائية الناتجة عن الوضع في الجنوب، من دون أن يغفل الإعراب عن قلقه البالغ من انعكاسات تطور الحرب على المالية العامة، حيث ستضطر إلى مزيد من الإنفاق من أجل تغطية الخسائر والأضرار والتعويض. لكنه يستطرد مؤكداً أنه لن يخاطر بالاحتياطات ما لم يصدر قانون لتغطية التمويل المستجد.
يؤكد أن البلاد أمام خطر وجودي ولا يمكن إعادة بناء الدولة من دون رزمة القوانين المطلوبة وخطة نهوض واضحة تقوم على ٤ أعمدة اساسية: المحاسبة واستقلالية القضاء، إعادة أموال المودعين بعد فهم تركيبة الودائع، مقرونة برفع السرية المصرفية لمن يريد استرجاع وديعته، إعادة بناء الاقتصاد الذي سقط ناتجه المحلي من ٥٥ مليار دولار الى أقل من النصف، وهذا لا يتم إلا عبر بناء قطاع مصرفي سليم، مشيراً إلى أن المصارف لا يمكن أن تستمر على حالها إن لم توضع خطة إعادة هيكلتها، على قاعدة قرار واضح وجريء وصريح بتوزيع الخسائر. وغياب القانون المنظم والراعي لأوضاعها سيؤدّي مع الأسف إلى إفلاسها، مؤكداً رفضه القاطع الوصول إلى هذه النتيجة.
أما العمود الأخير فيقوم على إعادة هيكلة الدولة من خلال الإصلاحات الهيكلية لقطاعاتها ومؤسساتها.
عن مسؤولية المركزي في الخسائر المالية التي أدت إلى تبخر الودائع، يؤكد الحاكم بالإنابة أن المصرف المركزي مسؤول عن المرحلة السابقة، أي عن المرحلة التي حصلت فيها الخسائر. ولا يتردّد في تأكيد استعداد المصرف لتحمّل مسؤوليته اليوم في توزيع الخسائر، عندما تقرّ الخطة الحكومية التي تحدّد هذه المسؤولية. وختم مشدداً على أنه "لن يسمح بأن يكون لقرارات مصرف لبنان أيّ خلفية سياسية"، مشيداً بالموظفين "الذين يتعاون معهم في مصرف لبنان فهم يتمتعون بكفاءات وخبرات عالية".