من الصحف

المعابر غير الشرعية ممر لعصابات التهريب الدولة تستمر عاجزة عن ضبط الحدود مع سوريا

الاحداث- كتب رضوان عقيل في صحيفة النهار يقول:"سلّطت جريمة قتل القيادي في "#القوات اللبنانية" #باسكال سليمان الضوء على تفلّت الاوضاع الامنية، وأكد نقل جثمان الضحية الى سوريا المعلومات التي تتحدث عن فوضى المعابر غير الشرعية بين البلدين والتي تديرها عصابات منظمة لا يقتصر نشاط رؤوسها على تهريب البشر والمواد الغذائية والمحروقات فحسب، بل راحت تعمل اكثر على سرقة السيارات وخصوصاً في السنوات الاخيرة بعد تدهور الاوضاع الاقتصادية والمعيشية في سوريا، اضافة الى حصول تراخٍ في اجهزتها الامنية. ولم يعد سراً القول إن عسكريين سوريين (ولبنانيين ايضا) يقدّمون تسهيلات لمن يدير هذه العصابات في مقابل مبالغ مالية. ويوضح مصدر أمني لبناني رسمي لـ"النهار" ان السلطات السورية لم تقصّر في قضية سليمان "اذ أبدت تعاوناً معنا وتوصلت الى مكان رمي جثة المغدور وتسليمها، فضلا عن توقيفها مشاركين في العملية". واذا كانت معابر التهريب على الحدود المشتركة للدول التي تمارس انضباطا ومراقبة أمنية تشهد مثل تلك التجاوزات وصفقات التهريب، الا ان المشهد بين لبنان وسوريا تفلّت من أبسط قواعد ضبط الحدود البرية بين الدول رغم المسؤولية الملقاة على عاتق الجيش اللبناني في هذه المهمة. ومن الاسئلة التي لا تفارق المعنيين في لبنان حيال هذه المعابر: هل تحظى باحتضان سياسي او عشائري، ام ان العجز الامني اضعف من السيطرة على واقع هذه العصابات المتفلتة من أي قيود بعدما وجدت لها ملاذاً في البلدات الحدودية السورية حيث تعمل غرف عملياتها واوكارها على تهريب الكبتاغون وصولا الى سرقة السيارات وفرض الخوّات. وتبقى الفئة الاخيرة اكثر خطورة من عصابات تهريب المحروقات والمواد الغذائية حيث استغل اصحابها العقوبات المفروضة على سوريا.

وفي "تشريح" للحدود بين البلدين لا بد من التوقف عند المناطق المتداخلة بين بلدات الجانبين حيث اكثر من بلدة سورية يقطنها لبنانيون منذ عقود طويلة، الامر الذي سمح لهؤلاء بإقامة هذه المعابر التي تمتد من بعلبك - الهرمل الى جرود عكار ووادي خالد، وهي ليست حكراً على طائفة من دون اخرى. وسمح هذا التداخل السكاني بشدّ اواصر العلاقات بين العشائر المنتشرة على الجانبين. ومن الظلم القول ان كل افرادها يعملون في التهريب الذي يوفر للمستفيدين منهم مصدراً رئيسياً للعيش وتأمين حاجاتهم. وثمة معابر تديرها اسماء معروفة من اكثر من عائلة وهي ملاحقة بأكثر من مذكرة من السلطات الامنية والقضائية اللبنانية. وبعد التشديد على العاملين في قطاع الاتجار بالكبتاغون ومحاولات تهريبها الى بلدان خليجية عبر لبنان، عمد كثيرون منهم الى "تهريب البشر" اي تسهيل نزوح سوريين من ديارهم في مقابل دفع مئة دولار اميركي عن كل فرد. وتفيد مصادر مواكبة بان الجهات الامنية وعلى رأسها الجيش قامت بجهود كبيرة في السنتين الاخيرتين في التضييق على عدد كبير من تلك العصابات التي تمّت محاصرتها في حي الشراونة في بعلبك وغيرها حيث توجهوا الى بلدات سورية لمواصلة "هواياتهم". ولا يتوانى شهود عيان عن القول ان رؤوساً لبنانية كبيرة تدير مجموعات من السوريين الذين ينشطون في سرقة السيارات وتفكيك قطعها وبيعها في السوق السورية، فضلاً عن انه يتم استغلال سوريين من المدمنين على المخدرات فيتحولون أسرى في ايدي مشغّليهم واستعمالهم "غب الطلب". ولا يخفى ان تسويات حصلت لإبعاد رؤوس كبيرة من المطلوبين الذين اصبحوا يشكلون اعباء على جهات سياسية في تلك المناطق، وتحديدا "حزب الله" غير القادر نتيجة جملة من الظروف على توقيف هؤلاء ومعاقبتهم لأسباب منها ان خزان الحزب يعتمد على ابناء هذه العشائر من غير الفئات المخالفة للقانون والمطلوبة للقضاء. ولم يعترض الحزب على اي من الحملات ضد المطلوبين بدءا من #الضاحية الجنوبية. وتتدخل فاعليات بقاعية وشمالية في كثير من المرات لبتّ خلافات تحصل بين المجموعات الناشطة في اعمال التهريب. 
 
الحملات التي نفّذها الجيش في اكثر من بقعة، واستعانة فوج الحدود بالابراج واجهزة المراقبة التي قدمتها بريطانيا ساهمت في ضبط الامور على مساحة لا بأس بها، إلا انها لا تكفي ولا تستطيع تغطية كل حدود السلسلة الشرقية بين البلدين وصولاً الى جرود عكار. وتوضح مصادر امنية انه عند توافر الارادة الحقيقية وتعزيز قدرات الجيش بإمكانات اكبر يمكن قطع شرايين هذه المعابر، وبعضها لا يشكل اكثر من جسور تتم ازاحتها ونصبها عند الحاجة في لعبة مد وجزر بين اصحابها والقوى الامنية. ولا تتحقق هذه العملية في شكل كامل من دون مساعدة سوريين يتشاركون معهم هذا "الكار". ويمسك هؤلاء بالشريط الحدودي بين البلدين وفي اماكن عدة وايدي "الكبار" منهم اكثر من طائلة وصولاً الى بيروت ودمشق حيث يمارسون في الكثير من الاحيان ضغوطاً على جهات سياسية ونيابية وعسكرية وقضائية ولو من دون تعميم. وعندما يتم توقيف المحظيين من المطلوبين تُجرى ضبضبة ملفاتهم من اجل ألا تسلك طريقها الى القضاء والمحاكمة. 

تبقى المعابرغير الشرعية امتداداً تاريخيا بين لبنان وسوريا ويديرها مطلوبون للقضاء صادرة في حق بعضهم مئات المذكرات في مشهدية لن تنتهي فصولها من دون تعاون الطرفين وقيام دولة قوية وتزويد القوى الامنية بالحد الادنى من الحاجات المطلوبة لهذه الدولة حيث تعجز دول كبرى عن جبه هذا التحدي، فكيف الحال بلبنان المتشظي على مختلف الصعد والذي لم يكن ينقصه إلا هذا الكمّ من "الموشحات" المذهبية والمناطقية على مواقع التواصل الاجتماعي مرفقةً بإطلالات اعلامية ودعوات الى عدم العيش مع الآخرين بعد واقعة جريمة مقتل باسكال سليمان المرفوضة بكل المعايير.